“حسب الإعلان الدستوري فإن رئيس المؤتمر هو الذي يمارس الصلاحيات السيادية وهذا يجعله في مقام رئيس الدولة”.. بهذا يرد رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف على من يتهمونه بتجاوز صلاحياته واضطلاعه بمهام أكبر من منصبه كرئيس للسلطة التشريعية في ليبيا.

“حسب الإعلان الدستوري فإن رئيس المؤتمر هو الذي يمارس الصلاحيات السيادية وهذا يجعله في مقام رئيس الدولة”.. بهذا يرد رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف على من يتهمونه بتجاوز صلاحياته واضطلاعه بمهام أكبر من منصبه كرئيس للسلطة التشريعية في ليبيا.

هذه الاتهامات وأخرى من نوع أن المؤتمر الوطني العام انغمس في حل مشاكل يفترض أن تختص بحلها السلطة التنفيذية أي الحكومة التي عينها بنفسه، هي ما دفعت أعضاءه المنتمين لـ”كتلة العمل المشترك” التي تضم ما يزيد على ثمانين مقعداً، إلى مقاطعة جلسات المؤتمر حتى يتم التعجيل في البت بمسألة لجنة وضع الدستور، التي يعتبرونها المهمة الرئيسية للمؤتمر حسب الإعلان الدستوري.

المقريف الذي يضع مشكلة الأمن في المراتب العليا من سلم أولوياته، لم يسلم هو وبعض أعضاء المؤتمر من محاولة اغتيال تعرضوا لها في سبها بالجنوب الليبي، حول هذا الموضوع وغيره من التساؤلات والملفات تحدث المقريف لـ”مراسلون” الذي أجرى معه الحوار التالي نصه.

مراسلون: البعض يشككون في دقة خبر محاولة الاغتيال، ويقولون إن الأمر لا يعدو أن يكون إطلاق رصاص قريبا من مقر إقامتكم وهو أمر لا يستغرب حدوثه في سبها خاصة في الآونة الأخيرة، فما ردكم؟

المقريف: هذا الموضوع لا يزال قيد التحقيق .. والمعنيون والمستهدفون بهذا الأمر تلك الليلة وشهدوا تلك الأحداث ليسوا واحدا أو اثنين أو ثلاثة .. كان هناك عدد لا بأس به من أعضاء المؤتمر وكذلك من أفراد الحراسة .. ثم هناك ثلاثة جرحى نتيجة تلك الحادثة .

– هل كان الجرحى من حراسكم الشخصيين؟

– الحراسة استعرناها من سبها نفسها من القوات الخاصة التي يقودها الأخ “ونيس بوخمادة” .. فلا أعتقد أن هذا الموضوع مختلق أو مبالغ فيه .. الموضوع حقيقي والرصاص وجه إلى الفندق ووجه إلى الدور الذي كان عدد من أعضاء المؤتمر موجودين فيه ومن ضمنهم أنا والدكتور صالح مخزوم . ثم من أجل ماذا قد نضخم الموضوع ؟ بحثا عن شهرة ؟ هذا الأمر له أثر عكسي لأنه يسئ إلى البلاد .. ويشير إلى أن الوضع الأمني في البلاد غير مستقر .

– وهل كان هذا سببَ تأخركم في الإعلان الرسمي عن الحادثة؟ هل كنتم تفضلون في البداية التكتم على الموضوع؟

– نعم كنا نفضل التكتم على الموضوع .. ولكن الذي حصل أن الشهود كانوا كثيرين .. أكثر من 20 شخصا وفيهم ثلاثة جرحى .. فالأمر لم يكن في مقدورنا التكتم عليه .. الموضوع حقيقي وصحيح وأعتقد أن التحقيق سيكشف إن شاء الله قريبا من هم الجناة .

– تصريحكم للقنوات التلفزيونية الليبية الذي قلتم فيه إن حكومة الكيب أنفقت خمسة مليارات دينار على الأثاث المكتبي أحدث بلبلة في الشارع .. وقد رد الدكتور مصطفى بو شاقور على ذلك في صفحته على “الفيسبوك” ردا نفى فيه أن يكون هذا المبلغ قد صرف فقط على الأثاث المكتبي وأن هذه مبالغة. 

– الرقم يتعلق بالمستلزمات الإدارية بما فيها الأثاث .. ولكنه يظل في النهاية رقما مبالغا فيه وكبيرا جدا بالنسبة للمستلزمات الإدارية .. ربما فهم الناس من طريقة عرضي أن المقصود هو الأثاث فقط .. المقصود أن هذا المبلغ فيه مبالغة .. هل هناك ما يستوجب إنفاق مثل هذا المبلغ الضخم خلال هذه السنة؟ الأمر مثير .. وسوف يحال الموضوع إلى التحقيق لكي تتم مراجعة كل هذه الأرقام .. وسوف تتبين حقيقة ما إذا كان إنفاق هذا المبلغ مبررا أو غير مبرر ..

– كان من مبررات انسحاب “كتلة العمل المشترك” من المؤتمر تأخر البدء في تشكيل “الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور”  لماذا هذا التأخير؟

– نحن نتعامل مع موضوع الهيئة التأسيسية منذ أكثر من شهر .. ونوقش أكثر من مرة  داخل المؤتمر وتوصلنا إلى تشكيل لجنة تضم أكثر من 33 عضوا من بينهم أعضاء من تحالف القوى الوطنية .. وهذه اللجنة كلفت بمهمة إدارة حوار مجتمعي تشارك فيه مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والمواطنون بهدف معرفة توجهات وقناعات الناس وما إذا كانوا يفضلون الانتخاب أو التعيين .

– ولكن لماذا تأخر تشكيل الهيئة التأسيسية حتى هذه اللحظة؟

– الناس تفترض أننا تأخرنا .. ولكن لا يوجد في الإعلان الدستوري تاريخ يحدد .. الإعلان الدستوري يحدد المدة بشهر .. ولكن هذه المدة مرتبطة بالمادة التي كانت تنص على “تعيين” الهيئة التأسيسية .. لكن التعديل الذي طرأ .. جعل من المستحيل توقع أن يتم “الانتخاب” خلال شهر .. وبهذا أصبحت المدة مفتوحة .. دستوريا نحن غير ملزمين بأي تاريخ .. الناس يقولون هذا استحقاق مهم .. نعم هذا استحقاق أساسي ومهم .. ولكننا وجدنا أنفسنا أمام القضية المرفوعة أمام المحكمة العليا بشأن هذا التعديل .. ففضلنا التريث ريثما تصدر المحكمة حكمها فنستأنسَ بهذا الحكم ..

شيء آخر أتمنى أن يفهمه الناس .. هو أن القضايا التي كان المؤتمر مشغولا بها ليست من اختياره .. لم يكن باختيارنا الترجيح بين بحث موضوع الدستور أو بحث المواضيع الأخرى – المتعلقة بتشكيل الحكومة مثلا – والوضع الأمني المختل المتدهور الذي وجدنا أنفسنا نتفاعل ونتعامل معه .. هذا أيضا لم يكن بمقدورنا أن نؤجله .. أنا أعتقد أن الناس الذين يرون أننا أجلنا هذا الأمر بسوء قصد مخطئون ومتحاملون وغير عادلين ..

– هذا يقودنا إلى مسألة تعديل مواد الإعلان الدستوري؟ هل هناك آلية تخول المؤتمر تعديل مواد هذا الإعلان؟

– نعم المؤتمر يمتلك الصلاحية .. وأعتقد أنه قد سبق لنا إدخال تعديلات على بعض مواد الإعلان الدستوري.

– فلماذا إذاً لم تعدل هذه المادة بالذات (المادة التي جعلت تكوين الهيئة التأسيسية يتم بالانتخاب لا بالتعيين)؟

– قد يرى البعض الأمر سهلا .. ولكن نحن في داخل المؤتمر لم نكن على رأي رجل واحد .. هناك تفاوت في الآراء .. فمنا من يرى الانتخاب ومنا من يرى التعيين .. والظروف والملابسات السياسية التي تم من خلالها إدخال التعديل لا زالت أيضا حاضرة .. ومنها موقف الإخوة دعاة الفيدرالية .. هؤلاء لا زالوا موجودين ولا زالت لديهم مطالب .. ونحن لا نستطيع تجاهل هذا الأمر .. فقلنا إنه قبل أن نقدم على تبني إحدى وجهتي النظر .. يُستحسن استطلاع  رأي الشارع .. رأي المواطنين .. بعد أن ننتهي من هذه المهمة ستكون الرؤية واضحة عندنا وسنتحرك بثقة واطمئنان بأننا نعبر عما نعتقد أنه يجيش في صدور الليبيين .

– لماذا لم تقروا اللائحة الداخلية التي تنظم عمل المؤتمر الوطني  حتى الآن؟

– اللائحة اعتمدت مبدئيا وعلى عجل ..

– ولماذا لم يتم الإقرار النهائي؟

– الموضوع كبير واللائحة ضخمة .. ولأننا لا نستطيع أن نؤجل إقرار هذه اللائحة فترة طويلة فقد اعتمدناها بشكل مبدئي حتى يتبين لنا من خلال التجربة بعض العيوب والثغرات والأخطاء فنقوم بإعادة النظر فيها وصياغتها من جديد ثم نفعلها تفعيلا نهائيا .. نحن الآن لا نشتغل بدون لائحة .. نحن نشتغل بلائحة ولكنها معتمدة اعتمادا مبدئيا فقط .. وعدم اعتمادها بشكل نهائي لا يعني أننا نعطي لأنفسنا حرية التصرف .. نحن متقيدون بها  .. ولكن اللائحة طويلة وفيها حوالي 100 مادة وهي الآن قيد النظر .. وقد اتخذنا قرارا داخل المؤتمر الأسبوع الماضي بأن نقوم بإدخال التعديلات اللازمة عليها ونعتمدها بشكل نهائي .

– البعض يرى تصريحاتكم متجاوزة لصلاحياتكم أو أحيانا لا داعي لها أصلا .. منها على سبيل المثال اعتذاركم نيابة عن الشعب الليبي عن الجرائم التي ارتكبها معمر القذافي خلال 42 سنة خلال خطابكم في  الجمعية العامة للأمم المتحدة .. ألم يكن الأولى أن نتبرأ من جرائم معمر القذافي أو ندينها بدلا من الاعتذار عما لا نتحمل مسؤوليته أصلا ؟ ثم ألا يتضمن الاعتذار اعترافا ضمنيا بالمسؤولية القانونية للدولة الليبية عن تبعات تلك الجرائم؟

– هذه وجهات نظر .. والخطاب الذي ألقيته كان جزء كبير منه – وهذه الفقرة بالذات – من إنشاء أوموافقة وزارة الخارجية الليبية .. لم يكن الإنشاء من عندي .. أنا أضفت لهذا الخطاب فقرات .. ولكن لم تكن من بينها هذه الفقرة .. ولكن .. من المهم جدا أن يحس المجتمع الدولي أننا كشعب ليبي في مشاعرنا وتطلعاتنا ومواقفنا وثقافتنا منقطعوا الصلة بذلك النظام .. نتبرأ منه ونعتذر عنه .. نحن شغلنا العالم – أو هذا النظام شغل العالم – 42 سنة .. وآذى العشرات بل المئات بل الآلاف من الناس .. ثم أكثر من هذا أنه أودى بحياة الكثير من البشر.

– من بين أعضاء المؤتمر الوطني من قال إنه ليس من حق الدكتور محمد المقريف وعد الشركات التركية بدفع التعويضات عن خسائرها خلال فترة الثورة قبل الرجوع إلى المؤتمر .. وأن كونه رئيسا للمؤتمر لا يعني أنه رئيس للدولة.

– لا لا .. أنا أدافع عن نفسي .. إذا لم يكن رئيس المؤتمر رئيسا للدولة فمن هو رئيس الدولة ؟ هل الدولة بدون رئيس؟ هذا غير صحيح وغير لائق ولا يجوز .. لا يمكن لدولة أن تكون بدون مسؤول عنها .. وحسب الإعلان الدستوري فإن  رئيس المؤتمر هو الذي يمارس الصلاحيات السيادية وهذا يجعله في مقام رئيس الدولة .. ثم إن هذا التصريح الذي قلته بخصوص الشركات التركية لا يترتب عليه أي التزام قانوني أو مادي.. هناك شركات أجنبية تتعامل مع ليبيا وتعتقد أنها مظلومة وتريد إنصافا .. هل نحن ضد الإنصاف وضد العدل؟، كل ما هنالك أن هذه الشركات إن كانت لها حقوق فإنها سوف تنصف .. وهذا لا أحتاج إلى مراجعة المؤتمر فيه .

– ولكن الإقرار بمبدأ نصرة المظلوم شيء .. والوعد بدفع التعويضات شيء آخر.

– كل ما وعدت به هو النظر في هذه الحالات .. وإذا تبين أن لهذه الشركات حقوق ستدفع طبعا .. هذا كلام منطقي ..

– هل كان لديكم علم بزيارة نائب المرشد العام للإخوان المسلمين “خيرت الشاطر” لليبيا؟ وهل قابلتموه؟

– لم أقابله ولم يكن لي بزيارته علم .. ومن حقه أن يزور ليبيا كأي إنسان آخر .

– وهل تعتقدون أن زيارته كانت ودية وشخصية .. أم كانت زيارة ذات صبغة سياسية ولها علاقة بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا؟

– حتى لو كان للأمر علاقة بجماعة الإخوان فهذا أمر طبيعي .. هل أصدرنا إعلانا أو قانونا أو قرارا يمنع أية شخصية سياسية تنتمي لحزب معين أن تزور ليبيا وتلتقي بمن تشاء؟، طالما أن هذه الزيارة بتأشيرة صحيحة فما المشكلة؟ هذا أحد أجواء الحرية .. كان من دأب النظام القديم المنهار أن كل شخص يزور ليبيا يراقب ويلاحق ويرصد ويمنع .. وهذا مرفوض طبعا.