قضى علي سلطان أكثر من 21 سنة من حياته في السلك الأمني، وبعد 14جانفي كان يأمل بحسب قوله “أن يكون لتونس أمن جمهوري”، إلا ان السلطة المنتخبة سرعان ما أصدرت قرار عزله مع مجموعة من القيادات الامنية في أيلول/سبتمبر الماضي.

“مراسلون” التقت علي سلطان، الكاتب العام لنقابة قوات الامن الداخلي بقفصة، في منزله الكائن بوسط المدينة ( 350 كلم جنوب غرب تونس). وكان الحديث التالي:

مراسلون: ماهي الاسباب التي دفعت بالإدارة الى عزلكم؟

قضى علي سلطان أكثر من 21 سنة من حياته في السلك الأمني، وبعد 14جانفي كان يأمل بحسب قوله “أن يكون لتونس أمن جمهوري”، إلا ان السلطة المنتخبة سرعان ما أصدرت قرار عزله مع مجموعة من القيادات الامنية في أيلول/سبتمبر الماضي.

“مراسلون” التقت علي سلطان، الكاتب العام لنقابة قوات الامن الداخلي بقفصة، في منزله الكائن بوسط المدينة ( 350 كلم جنوب غرب تونس). وكان الحديث التالي:

مراسلون: ماهي الاسباب التي دفعت بالإدارة الى عزلكم؟

سلطان: بعد 14جانفي لم يتغيّر أي شيء، لا يزال البوليس السياسي يفعل ما يحلو له ويلفّق التهم بالتعاون مع القيادات الامنية الفاسدة، والثورة للأسف لم تطهر وزارة الداخلية. 

لقد عملت من موقعي بجهة قفصة في استتباب الامن، وهذا يشهد به أهالي قفصة، وخاصة في أحداث العروشية التي شهدتها الولاية على غرار السند والمتلوي والمضيلة ( أحداث عنف متبادلة بين العروش أي القبائل) حيث نددنا بالسياسة الامنية التي وقع التعاطي بها مع تلك الاحداث، ومن وقتها بدأ تلفيق التهم تباعا على شاكلة التهم التي كانت توجه لمعارضي بن علي. 

والقطرة التي افاضت الكأس هي وقوفنا ضد بعض التجاوزات المالية التي قام بها المسؤولون الامنيون الجهويين، وخاصة استيلاءهم على المنحة المالية المخصصة لإعاشة الاعوان بمناسبة تأمين العملية الانتخابية في قفصة والمقدرة بـ 26 ألف دينار تونسي (أكثر من 16 ألف دولار أمريكي) ولم يكن نصيب الاعوان إلا الفتات. وحتى عندما تمّت إحالتي إلى مجلس الشرف (التأديب) كان أعضائه قيادات أمنية فاسدة وفي الاخير كان قرار العزل. 

– إذا لا شيء تغيّر في المنظومة الامنية بعد 14جانفي؟ 

– التغيير وقع على رأس الوزارة فقط، ونقلة مسؤوول فاسد من مصلحة الى أخرى ومن مدينة إلى اخرى لا يصلح المنظومة الأمنية فالتعليمات هي نفسها، ومقاومة الجريمة على حالها.

وآفة التهريب استفحلت ومعها ارتفع ثمن عديد المواد الغذائية وضعفت القدرة الشرائية للمواطن. لذلك نرى هذا الغليان في الشارع التونسي. وللأسف فالتعليمات الصادرة لأعوان الامن للتعاطي مع الاحتجاجات هي نفسها لأن القادة الميدانيين والاداريين هم تقريبا نفسهم. 

-عرفت مدينة سليانة في الآونة الاخيرة أحداث دامية تم على إثرها استعمال الرّش لتفريق المحتجّين هل كان هذا اختيارك لو كنت على عين المكان؟

– من المؤسف أن نرى بعد 14جانفي عون (موظف) أمن تونسي يوجه سلاحه الى صدر أخيه التونسي، عون الأمن في جميع الحالات هو لحماية المواطن وسلاح عون الامن لا يرفع الا للدفاع عن المواطن. 

في سليانة للأسف وجدنا بعض القيادات الامنية تتحدث ان اطلاق الرّش هو آخر حل وافضل من الرصاص الحي، يعني ان نقتل المواطن او نصيبه بالعمى وفي الحالتين النتيجة واحدة.

في سليانة لم نرَ قوات الأمن تستعمل مضخات المياه، لم نرَ القيادات الميدانية تحاور المحتجين.  واذا كان لا بدّ من استعمال الرش فلِمَ الاصابة كانت على مستوى الوجه؟

وحتى التعلة المقدمة على كون العديد من الشباب كان في وضع التقاط الحجارة لقذف اعوان الامن حين كانت هذه الاخيرة تطلق الرش، فالمنطق السليم ان الاصابة تكون في اعلى الراس لا في الوجه. كما كان من واجب القيادة الأمنية ان تقوم ببناء حواجز وتأخذ كل الاحتياطات حتى لا يقع الالتحام مباشرة بالمحتجّين خاصة وان الحراك الاجتماعي لم يكن فجأة بل كان تصاعديا وهذا من شانه ان يدفع بالقيادة ان تتخذ كل الاجراءات.

-ماهي تصوراتكم للإصلاح المنظومة الأمنية؟

– نقص التجهيزات وعقلية عون الامن لم تتغيّر بعد (المطاردة واللجوء للعنف) فبعد 14جانفي لم يتغيّر مكان التدريب ولا المدربين، مواد التدريس هي نفسها. لم نشاهد أساتذة علم الاجتماع وعلم النفس ورجال القانون والجمعيات الحقوقية يقدمون دروسا في مدارس التدريب، بل أن فترة التدريب اصبحت لا تتجاوز 6 اشهر وفي الاخير تجد عون الامن المستجد مدعو لتفريق مظاهرة وهنا بالتأكيد ستحصل تجاوزات.

ومن جهتي أرى ان اصلاح المنظومة الامنية لابد أن يمر بثلاثة مراحل اساسية، المرحلة الاولى تتطلب توفير تجهيزات تحمي المواطن وعون الامن، وتغيير عقلية عون الأمن عبر تأطير يومي، وابعاد كل القيادات الأمنية الفاسدة والتي لها تاريخ في قمع الشعب والاعتداء على الحريات العامة وكل من تحمّل منصب لمدة سنتين متتاليتين في عهد بن علي، من  مدير جهوي للأمن، ورئيس مصلحة، ومدير اقليم ،آمر فوج . ..

المرحلة الثانية يجب ان يتم الترفيع في مستوى الانتداب وتغيير طرق التدريب وان يقون عون الامن بسنة تربص قبل مباشرته الفعلية لعمله وبعد الانتهاء من التدريب النظري، كما يجب ان تقوم الاطارات المشرفة على التدريب بدورات تدريبية خارج البلاد. 

المرحلة الثالثة هو ان نعمل على ادراج دروس لتلامذة المعاهد الثانوية ومتى التحق أي تلميذ بسلك الامن يفهم ان عون الامن هو دوره القضاء على الجريمة لا لضرب المواطن، وان نقوم ببعث اكاديمية للشرطة في كل اقاليم البلاد لنصل بعد 10سنوات على الاقل لتغيير كل اعوان الامن الذين عملوا في المنظومة الحالية.

-على اعتبار انكم واكبتم انتفاضة الحوض المنجمي (احتجاجات حصلت بالجنوب الغربي التونسي سنة 2008) هل لديكم معلومات او بعض التفاصيل؟

ج- لي الشرف اني رفضت التواجد الميداني في تلك الاحداث، وهناك عديد الاشياء لا يمكن البوح بها الآن، ولكن كل ما يمكن  أن اقوله ان كل القيادات الميدانية والادارية التي عملت في تلك الفترة متورطة وليس بالعسير التعرف اليهم، وهنا أذكر بان نفس القيادات كانت تشرف على قمع كل التحركات الاحتجاجية كانتفاضة بحارة قرقنة وانتفاضة التجار في بنقردان واحداث جبنيانة.

-موضوع آخر لا يزال يحظى باهتمام المواطن التونسي هو ملف القنّاصة،هل يوجد قنّاصة في تونس؟

-نعم لدينا فرق قنص في تونس، فرقة في الحرس وفرقة في الجيش وفرقة وحدات التدخل.

-ما الفرق بين قناص الشرطة وقنّاص الجيش وهل يمكن لقنّاص محترف ان يستعمل سلاحه في وجه أي كان؟

-قنّاص الشرطة يختار هدفه جيدا اما قناص الجيش يستعمل في ميدان الحرب حيث لا يكون متاحا له ان يختار هدفه بكل دقة.

وأجزم ان القنّاص المحترف لا يمكن ان يستعمل سلاحه الا لهدف نبيل، والوحيد القادر على تحديد هل وقع استعمال هذه الفرق اثناء الثورة ام لا هم فقط وزير الداخلية والقيادات الميدانية وهؤلاء بمقدورهم تحديد الطرف الذي قام بإطلاق النار على شهداء الثورة، وهنا أشير الى أنه كلما طالت مدة الوفاة لا يكون متاحا تحديدا نوعية الرصاص المستعمل، وكان من واجب المسؤولين ان يقع اللجوء الى الخبرات الأجنبية في هذا المجال والكشف عمن استعمل السلاح ليتم غلق هذا الملف نهائيا. القنّاص المحترف عموما في كل البلدان تقريبا يستعمل ذخيرة واحدة وهي من عيار 7.62مم.