بينما تجتاح مصر عاصفة سياسية منذ صدور الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي في نوفمبر الماضي، وتغمر الميادين المظاهرات المليونية سواء الرافضة او المؤيدة للدستور أو قرارات الرئيس، ظلت محافظة الوادي الجديد بعيدة تماما عن كل هذا الجدل السياسي كما بعدها الجغرافي عن العاصمة وصخبها.

بينما تجتاح مصر عاصفة سياسية منذ صدور الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي في نوفمبر الماضي، وتغمر الميادين المظاهرات المليونية سواء الرافضة او المؤيدة للدستور أو قرارات الرئيس، ظلت محافظة الوادي الجديد بعيدة تماما عن كل هذا الجدل السياسي كما بعدها الجغرافي عن العاصمة وصخبها.

وهذا الابتعاد يرجع لعوامل عديدة منها البعد الجغرافي والسكاني وأيضا الابتعاد عن ممارسة السياسة طوال العهد السابق واقتصرت الفعاليات السياسية في ظل هذا الجدل على وقفات ومسيرات رمزية نظمها العشرات من أنصار التيارات الاسلامية لتأييد قرارات الرئيس والترحيب بالدستور الجديد قابلها في المواجهة وقفات رمزية ايضا لمناهضة الدستور لحزب مصر القوية وحركة 6 ابريل والتيار الشعبي وحزب الكرامة.

البعد الجغرافي

على الرغم من أن محافظة الوادي الجديد(جنوب غرب) تبلغ مساحتها حوالي 440 الف كم مربع أي ما يعادل 44% من مساحة مصر إلا ان الكثافة السكانية منخفضة جدا، حيث بلغ تعداد السكان في عام 2011 وفقا للاحصائيات الرسمية حوالي 209 الف نسمة بمعدل نمو سكاني يصل الى 2.3%. ويتوزع السكان بين الريف والحضر بنسب متساوية وتبلغ الكثافة السكانية فرد واحد لكل 2 كم2 وفي المساحة المأهولة بلغت 174 نسمة لكل كم2. وتبعد مدينة الخارجة وهي عاصمة المحافظة حوالي 600 كم جنوب غرب القاهرة.

الوادي الجديد عرفت الاسلاميين بعد الثورة فقط

لم تعرف محافظة الوادى الجديد أية تشكيلات من التيارات الإسلامية، ولم تشهد الواحات أي أنشطة تذكر في هذا الصدد قبل اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير. ويقول الناشط السياسي والحقوقي احمد سعد ثابت إن ارتباط الواحات بأشهر معتقل تحت الارض، أي معتقل الواحات، وقصص التعذيب التي كان يسمع عنها ابناء الوادي اصبح بمثابة فزاعة أخافت أبناء  الوادي من الإنتماء الى الجماعات الاسلامية والجهادية.

ويشير  على محمود ـ  عضو جماعة الاخوان المسلمين بالوادى الجديد  أن المحافظة  يوجد بها مكتب ادرى لجماعة الاخوان المسلمين ولم يظهر الا بعد ثورة 25 يناير، وكذا الحال مع باقي التيارات الاسلامية، لافتا إلى أن المناخ في الوادي الجديد لم يكن خصبا لكي ينضم أي من طلاب الوادي الجديد بالجامعات إلى الجماعات الاسلامية وذلك لسيطرة جهاز  امن الدولة المنحل خاصة بعد أن تم اعتقال عدد  من ابناء قرية القلمون والهنداو بالداخلة أثناء دراستهم بجامعة أسيوط  فى التسعينيات بعد انتمائهم الى الجماعات الاسلامية والاخوان المسلمين.

الوادي الجديد في المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور

جرى الاستفتاء على مشروع الدستور في الوادي الجديد في المرحلة الثانية، أي في يوم 22 ديسمبر، وخلال الفترة ما بين المرحلة الاولى والثانية من الاستفتاء على الدستور شهد الشارع الواحاتي تنظيم مسيرة رمزية واحدة للتيار الاسلامي وندوة للتعريف بالدستور نظمها مركز اعلام وسط الصعيد حاضر فيها المستشار احمد الخطيب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بالوادي الجديد بعنوان “الدستور والتحول الديمقراطي” وكان هدفها التوعية بالدستور الجديد.

عبدالرحمن عبدالجواد أمين حزب الحرية والعدالة بالوادي الجديد قال إن أمانة الحزب ولجانه على مستوى مدن وقرى الوادي الجديد قامت بتوزيع 15 الف نسخة من كتيبات “مسودة  الدستور” ومنشورات ومطويات سؤال وجواب تضم 25 مادة خلافية من الدستور.

وعلى جانب أخر نظمت حركة 6 أبريل بالوادى الجديد و الكرامة و أمانة حزب مصر القوية بمدينة الخارجة عروض من لقطات فيديو أرشيفية للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية و فقهاء الدستور و قانونين يرفضون مسودة الدستور ويحثون المواطنين بالتصويت “لا “.

محمد عرفه الناشط في مجال حقوق الانسان قال إن المواطن الواحاتي بطبعه لا يهتم كثيرا للامور السياسية وتسيطر التيارات الاسلامية على توجهاته بالرغم من ضعف انتشارها وتواجدها الحديث العهد بين صفوف الواحاتيين، وهو ما عزاه إلى قلة تواجد أية تيارات سياسية أخرى، مرجعا ذلك إلى طبيعة أهل الواحات القادمين من أماكن متفرقة وبعيدة، إضافةً بعد المسافات بين المدن والقرى في الوادي الجديد.

يوم الاستفتاء

التيار الإسلامي الوليد في المحافظة حسم نتيجة الاستفتاء لصالحه بنحو 87 بالمائة. ومر يوم الاستفتاء هاديء كما هو متوقع ولم تشهد اللجان سوى اقبالا محدودا حتى فترة المساء التي شهدت إقبالا يكاد يكون كثيفا، ولم تشهد لجان الوادي الجديد الفرعية أية انتهاكات سوى تحرير محضرا برقم 2527 اداري الخارجة بقسم شرطة الخارجة لناخب قام بتصوير ورقة ابداء الراي الخاصة به. كما قام اللواء طارق المهدي محافظ الوادي الجديد بسحب جهاز لاب توب لعضو بحزب النور السلفي أثناء تواجده خارج أحد اللجان بالخارجة مصدرا تعليمات لمديري المدارس الموجود بها اللجان إلى استخدام اجهزة كمبيوتر كوسيلة ارشادية للناخب حتى لا يترك مبررا لاية جهة لوضع اجهزتها امام اللجان.

لا بين اوساط المتعلمين

المهندسة إيمان حسين المتحدث الإعلامية لأمانة حزب مصر القوية بالمحافظة صوتت ب”لا” على الدستور وقالت إن الحزب نظم حملات بشكل مستمر حتى موعد الاستفتاء على الدستور بهدف توعية المواطنين بأهمية وخطورة ما ورد فى هذا الدستور من مواد كالمادة رقم “14” والتي تقرر ربط الأجر مقابل الإنتاج دون اعتبار لفروق الأسعار أو ساعات العمل وهو ما يتيح الفرصة لصاحب العمل أن يتحكم كليا فى العامل أو الموظف.

وأضافت ليلى عبد المجيد40 سنة العاملة بالتربية والتعليم أنها أيضا صوتت ب”لا” على الدستور لان المادة رقم (202) تقرر قيام رئيس الجمهورية بتعيين كافة رؤساء الجهات الرقابية وهو الأمر الذى يمنح رئيس الجمهورية السيطرة الكاملة على كافة الأجهزة الرقابية وتسهل إعادة صياغة ديكتاتورية النظام البائد وكذلك المادة رقم (198) والتي تتعلق بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

نيفين فوزي 21 سنة طالبة قالت انها لم تتردد في التصويت ب” لا ” على الدستور وذلك لأنه تجاهل الكنيسة ولم تستطع اللجنة التأسيسية المشكلة في اقناع القوى السياسية أن تبقى لتكمل مسودة الدستور وهو لا يحقق التوافق المجتمعي بشكل عام.

صالح علوي ” سلفي” 28 سنة صوت ب ” لا ” على الدستور لأنه لا يحقق تمكين شرع الله والحكم به مشيرا إلى أن المادة الثانية والمادة رقم 219 لا تحقق ابدا ما يرجوه وينشده لدولة الاسلام.

نعم بين اعضاء التيارات الاسلامية والقرويين

لم تسلم القرى من تواجد سيارات أعضاء التيارات الاسلامية التي قامت بتوجيه الناخبين إلى أماكن لجانهم وأيضا قرارهم في التصويت على الدستور بنعم بالطبع.

يقول سيد بكر 38 سنة مدرس التربية الرياضية “سأصوت بنعم لأني أرى أن الدستور جيد بشكل عام وأقبل معظم نصوصه ومواده وعلى الرغم من أن لدي اعتراضات على بعض المواد لكني أقيمه بشكل عام”.

حسن مجاهد 36 سنة ” صنايعي” “تيار اسلامي” قال نعم للدستور لانه “يوجه الدولة إلى تطبيق الشريعة وانا مش عارف ليه الناس خايفه من الشريعه طالما انت ماشي صح يبقى كل حاجه هتبقى صح”.

محمد ابو العلا 65 سنة بالمعاش قال “انا نفسي البلد تستقر والمعاش يزيد شوية علشان اقدر اتكفل بمصاريف اولادي كلهم في الجامعة والصغير في ثانوي والمصاريف تقيله علي، ومحتاج دخلي يزيد وطول ما البلد مش مستقرة العيال مش هاتعرف تسافر تشتغل في القرى السياحية وعلشان كل ده هاقول نعم يمكن البلبد ينصلح حالها”.