“شغّال زي الفُل .. زورو”، يقول صلاح (29 عاماً) وهو يطلق قبضته إلى الهواء كما لو أن لاعبه المفضل سجل هدفاً، و لم يكن لصلاح أن يقطع حديثه الليلي مع رفاقه بهذا الهتاف لولا أنه سمع دوي انفجار هز منزلاً لأحد “العائدين” في الحي المجاور، كان متأكدا أن “زورو مصراتة” هو من قام به. 

الشخص المجهول الذي كان يطلق على نفسه لقب “زورو مصراتة”، مستخدماً أساليب “زورو” في التخفي، لم يكن من أثر في المدينة يدل عليه سوى علامة (Z( التي يتركها خلفه على أطلال المنازل و المحلات التي يملكها “العائدون” بعد أن يقوم بتفجيرها.

العائدون

“شغّال زي الفُل .. زورو”، يقول صلاح (29 عاماً) وهو يطلق قبضته إلى الهواء كما لو أن لاعبه المفضل سجل هدفاً، و لم يكن لصلاح أن يقطع حديثه الليلي مع رفاقه بهذا الهتاف لولا أنه سمع دوي انفجار هز منزلاً لأحد “العائدين” في الحي المجاور، كان متأكدا أن “زورو مصراتة” هو من قام به. 

الشخص المجهول الذي كان يطلق على نفسه لقب “زورو مصراتة”، مستخدماً أساليب “زورو” في التخفي، لم يكن من أثر في المدينة يدل عليه سوى علامة (Z( التي يتركها خلفه على أطلال المنازل و المحلات التي يملكها “العائدون” بعد أن يقوم بتفجيرها.

العائدون

هؤلاء العائدون هم من سكان مصراتة الذين غادروها أثناء حرب التحرير، وتحديداً بعد أن حوصرت مصراتة (200 كم شرقي طرابلس) عسكرياً، ولم يكن هناك خيار لأهلها غير المقاومة، العائلات وقتها قررت الوقوف في صف واحد و مساعدة بعضها البعض. 

حارب الشباب قوات القذافي بعد أن أبعدوا أهاليهم عن وسط المدينة على امتداد شارع طرابلس و هي منطقة النزاع الأبرز آنذاك، إلا أن أقلية من الأهالي قررت أن لا تبقى في المدينة لأسباب مختلفة.

كان منهم من لا يتفق رأيه مع الثورة و منهم من هو متورط مع نظام القذافي و آخرون ليسوا من أهل المدينة فعادوا إلى مناطقهم الأصلية، أما أقلهم عدداً فهم من النفعيين الذين لا يهمهم أي شأن عام بقدر ما يهمهم بقائهم على قيد الحياة و بأفضل شكل ممكن، بعد إعلان تحرير ليبيا سُمي كل هؤلاء بالعائدون.

عدالة زورو

“زورو مصراتة” قرر ألا يسمح لهم بالعودة إلى المدينة لأنهم لم يشاركوا في الدفاع عنها، وبحسب صفحته على موقع فيسبوك، فإنه – الشاب الذي يتخفى وراء هذه الشخصية – كان من الثوار الذين قاتلوا و شاركوا في مقاومة قوات و كتائب القذافي في شارع طرابلس.

يقول زورو لآلاف المعجبين و المتابعين  لقصته “هل تعلم أن زورو قد حارب في شارع طرابلس عندما كان هناك جهاد بجد، وقد تحصلت على إصابة في الكتف ولقد شفيت من الإصابة، ولكن بعد انتقال الجبهة إلى الدافنية (غرب مصراتة)، كثير من الناس ركبوا الموجة المتسلقين، و دخلوا في الكتائب وقد أصبح هناك 270 كتيبة في مصراتة”.

لهذا السبب يضيف زورو “منذ ذلك اليوم قررت أن أجاهد ضد الخونة والعائدون، الذين خانوا الوطن و خانوا ليبيا وهم لا يستحقون العيش في ليبيا وهذا واجبي تجاه الشهداء ولن اخلف الوعد …….. الله اكبر على الخونة”، على حد تعبيره.

بل وينصح زورو “كل شخص من العائدون و الخونة أن يرحلوا من مدينة مصراتة فمصيرهم الموت والذل والإهانة و الخزي والعار”، بحسب قوله.

كتيبة زورو

يتابع صلاح وهو أحد الشباب الذين شاركوا في الدفاع عن مصراتة الصفحة الخاصة بـ”زورو مصراتة” على الفيسبوك، ويؤكد بأن ما يضعه فيها من تهديدات يقوم بتنفيذها بالفعل، مستشهداً برسالة وجهها لسكان عمارات “القوشي”، وكان فحواها أن ذلك المكان “خطر و أريد أن أُسقط جميع العمارات التي تتواجد هناك”، يقول صلاح “لقد شرع زورو في تنفيذ تهديده هذا بالفعل”.

“زورو مصراتة” بمرور الوقت لم تعد شخصية وحيدة تعمل في صمت، بل تحولت إلى خلية مترابطة ومدروسة التحركات، مكونة من مجموعة مقاتلين تحت إمرة الشخصية المؤسسة للكتيبة التي تحمل نفس الاسم (كتيبة زورو مصراتة لمكافحة العائدون)، إلا أن شخوصها لا زالت تلفهم السرية التامة.

لا أحد يعلم في مصراتة أية معلومات تدل على الشخصيات الحقيقية وراء هذه الشبكة، ولكنها تكتسب كل يوم مزيداً من المؤيدين والمناهضين، ويثار حولها جدل يكبر ويتسع مع اتساع دائرة عملياتها، والتي تزداد معها بالضرورة الأخطاء والأخطار.

أخطاء زورو

يقول أحد الأهالي – الذي لا يفضل ذكر اسمه – أن زورو مصراتة أخطأ مرات عديدة، حتى إنه تسبب في إصابة فتاة في العاشرة من عمرها، إثر تفجير شقة تعود لأحد “أزلام القذافي” كما يصفهم، مما أدى إلى بتر رجل الفتاة، التي أصابت القذيفة بالخطأ شقتها في شارع سعدون.

كما يروي أن أحد المقاهي في المدينة أُغلق خوفاً من تهديد تركه زورو على باب المقهى ليلاً، يقول فيه “أغلق هذا المقهى.. لأن هذا الشارع هو لتسوق العائلات و رواد المقهى يضايقون الفتيات”.

نشاط “كتيبة زورو مصراتة” بحسب أهالي المدينة يشهد توسعاً مستمراً، كما أنه لم يعد ذا طبيعة نمطية، فقد أصبح من الطبيعي أن تستيقظ صباحاً و تجد عبارة جديدة على أحد جدران المدينة، تحمل تهديداً أو رسالة أو تحذيراً لأحد المسئولين الجدد، أو لثائر منحرف من وجهة نظر “زورو” موقعة بعلامة (Z).

وهناك من يؤكد ظهور العلامة نفسها في مدن ليبية أخرى، كتلك التي ظهرت في مدينة شحات (شرق ليبيا)، مرفقة بعبارة “زورو شحات لمكافحة البناء العشوائي”، وبنفس طريقة العمل يمارس “زورو شحات” عمله في محاربة من يبنون بيوتاً في أراضٍ غير مخصصة للبناء، أو  يقطعون أشجار الغابات في المدينة.

أما منازل و ممتلكات “العائدون” في مصراتة فإنها سرعان ما تُباع لمالكين جدد ويعاد ترميمها أو بناؤها، لينتهي بعدها دور “زورو مصراتة” ويحقق مآربه بإبعاد الخونة و إقصائهم من العيش في ما بين “الأهالي الشرفاء” حسب وصف صلاح .