أدى الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، إلى اضطرابات في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة (شمال مصر)، تطورت إلى صدامات، بعدما تخلت الشرطة عن دورها، وتركت أهالي المدينة، يتصارعون سويًا، الأمر الذي خلف عشرات المصابين، وسقوط قتيل.

أدى الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، إلى اضطرابات في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة (شمال مصر)، تطورت إلى صدامات، بعدما تخلت الشرطة عن دورها، وتركت أهالي المدينة، يتصارعون سويًا، الأمر الذي خلف عشرات المصابين، وسقوط قتيل.

الأحداث التي شهدها ميدان الساعة بدمنهور، استمرت لمدة ثلاثة أيام، ولم تنته إلا بسقوط أول شهيد للمدينة في الأحداث، ورغم اندلاع التظاهرات المناهضة والمؤيدة لإعلان الرئيس محمد مرسي في جميع المحافظات إلا أن العنف الذي شهدته “دمنهور” لم يكن مرتبطا بالإعلان الدستوري، كما وصفته بعض وسائل الإعلام، ورغم محاولات جماعة الإخوان بالمدينة لتبرير الأمر على أنهم معارضين للإعلان، الذي منح الرئيس نفسه من خلاله سلطات وصفتها قوى سياسية بـ”إلهية”.

الأحد الدامي

تحولت المنطقة المجاورة للمقر الإداري لجماعة الإخوان المسلمين، يوم الأحد 18 نوفمبر الماضي، وبعد يومين من مظاهرات أمام مقر الجماعة في ميدان الساعة في دمنهور، إلى ساحة قتال وسط عمليات كر وفر بين الأهالي وأعضاء جماعة الإخوان، في معركة استخدمت فيها الحجارة وقنابل المولوتوف، وحاولت قوات الأمن فض الاشتباكات بإطلاق قنابل الغاز، بعدما أعلنت جماعة الإخوان في الرابعة عصر نفس اليوم عن القبض على 5 بلطجية، حاولوا اقتحام المقر- بحسب بيان للجماعة.

لكن الأهالي يروون رواية أخرى للأحداث، فمن قامت الجماعة بالقبض عليهم لم يكونوا بلطجية وإنما أفراد عاديين تواجدوا في المكان بالصدفة. ثم قرر أهالي المحتجزين إخلاء سبيل أبنائهم، ونظموا مسيرة ضمت العشرات انضمت للمتظاهرين ورشقوا مقر الجماعة. وفي التاسعة من مساء ذات اليوم سقط القتيل الأول، إسلام فتحي مسعود، 15 عاما، عضو جماعة الإخوان المسلمين،  متأثرا بإصابته في الأحداث، إضافة لإصابة العشرات، بعد أن تحول مسار الأحداث من الاحتجاج السلمي على الإعلان الدستوري، إلى الثأر للأبناء الذين تعدت الجماعة عليهم- حسب الأهالي.

الجماعة تعلن الحداد

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين بالبحيرة الحداد ثلاثة أيام لاستشهاد عضوها إسلام مسعود، وقالت في بيان لها إن “إسلام لقي حتفه على يد مجموعة من البلطجية، قاموا بالهجوم على مقر الإخوان بميدان الساعة بدمنهور، وحاولوا اقتحامه وإحراقه”.

ورفعت “الجماعة فجر الإثنين 26 نوفمبر الماضي، صورة نعي للشهيد على مقرها بميدان الساعة بدمنهور”. كما قام الدكتور محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان، وحرم الرئيس، بتقديم واجب العزاء في الشهيد إسلام مسعود فى منزل خاله العضو بالجماعة. وسط هتافات منددة بالجماعة من قبل بعض المتظاهرين بسبب عدم تقديم الجماعة العزاء في وفاة أكثر من 50 طفلا فى حادث قطار أسيوط.

اتهامات للجماعة بتعذيب مواطنين

تقدم 4 أشخاص ببلاغ رسمي بقسم شرطة دمنهور، اتهموا خلاله جماعة الإخوان المسلمين باختطافهم وتعذيبهم بمقر الجماعة بميدان الساعة بدمنهور عصر اليوم الذي قتل في نهايته الشهيد إسلام مسعود، إثر المواجهات التي شهدتها منطقة شبرا.

قال حسن شاهين، المحامى: “ذهبت يوم الواقعة لقسم شرطة دمنهور في السابعة مساء لتحرير محضر ضد الجماعة لاختطافهم نجل شقيق من ميدان الساعة بدمنهور وتعذيبه داخل المقر الموجود بالميدان، وفوجئت بوجود 3 أشخاص آخرين يحررون محاضر مشابهة، وتم إضافة أقوالي لأقوالهم، وارفاقها في ذات المحضر، بعد أن تم توقيع الكشف الطبي عليهم.

وقال محمود على نصر شاهين، 17 سنة، طالب في الصف الثالث الثانوي الأزهري: “أثناء مروري بميدان الساعة عصر الأحد، لتلقى درس خصوصي،  فوجئت بعدد من الأشخاص يجذبونني من ملابسي ويتعدون علي بالضرب، ولم يتركوني سوي بعد تأكدهم من تغيبي عن الدرس بعد أن ذهب أحدهم للسؤال عني، فأخبرهم صديقي أنني لم أحضر، فطالبوه بالحضور معهم لاستلامه”.

وأكد مصطفى كارم محمود، 17 سنة، طالب ثانوي: “يوم الواقعة كنت في طريقي لحضور أحد الدروس، وشاهدت مجموعة تعتدي على شخص بالضرب، فتوقفت لمشاهدة ما يحدث، إلا أنني فوجئت بأحد الأشخاص يشير تجاهي ويقول هو ده، ولم أستطع الهرب، حيث تجمع حولي 5 أشخاص وضربوني، واستولوا على تليفوني المحمول”.

واتهم محمد منصور محمد مرسى 20 سنة، عضو برلمان شباب محافظة البحيرة، ومدير مشروعات بالمركز العربي الأوربي للشباب والتنمية، أعضاء الجماعة بالتعدي عليه أثناء سيره في ميدان الساعة، وتم توثيقه مع آخرين بشريط لاصق، الأمر الذي دفعه لمطالبتهم بتسليمهم للشرطة من شدة التعذيب.

القوى المدنية تدين الإخوان

على إثر ذلك أصدر ائتلاف القوى المدنية بالبحيرة، بيانا أدان فيه جماعة الإخوان المسلمين، وأعرب عن حزنه لاستشهاد، شخص بريء في الخامسة عشرة من عمره، وحمل الائتلاف، الذي يضم 23 حزبا وحركة سياسية، جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة المسؤولية الأخلاقية والسياسية، عن أحداث دمنهور التي أصيب خلالها المئات من الأهالي.

وبحسب البيان فإن “الجماعة قامت بالتعدي على المواطنين واستفزازهم، في محاولة لجر الشارع الدمنهوري إلى حالة من العنف، وقامت بإحتجاز مواطنين داخل مقرها، الأمر الذي فاقم من حالة الاحتقان في المدينة”.

وحمل البيان جماعة الإخوان والرئيس مسؤولية ما شهدته المدينة حيث جاء به “أشد ما يحزننا هو أن تنزف دماء المصريين ثمنا لتلك القرارات السلطوية ذات الطابع الديكتاتوري، والتي أشعلت الفتنة في سائر أرجاء الوطن، وتستنكر القوى السياسية بالبحيرة إغفال جماعة الإخوان لذلك وانتهاجها لسياسة القوة والمكابرة وإلقاء الاتهامات على القوى السياسية المعارضة”.

الجماعة تنفي التعدي على الأهالي

من ناحيته نفى المهندس أسامة سليمان، أمين حزب الحرية والعدالة بالبحيرة، مشاركة الجماعة في التعدي على أهالي دمنهور، قائلاً: “الإخوان مجني عليهم، وكانوا يقومون بحماية عمارة سكنية بها أطفال ومرضى ونساء ولم يتحركوا من أماكنهم ولم يهاجموا أحد، كما أن من كان يقف في الميدان يوم الأحد بلطجية يحملون الحجارة والخرطوش والعصى وليسوا متظاهرين، الأمر الذي تسبب في إصابة 160 شخصا  من الإخوان نتيجة الاشتباكات، واستشهاد إسلام”.

ونفى “سليمان” مشاركة القوى السياسية في قتل “إسلام” قائلا: “نحن نعرف القوى السياسية بالبحيرة، وكنا كتف بكتف أيام الثورة، ولا أعتقد أنهم شاركوا في قتل إسلام أو التحريض على العنف”.

وقال “سليمان” إن ما يحدث على أرض دمنهور ليس له علاقة بالثوّار الحقيقيين أو المؤيدين والمعارضين لقرارات الرئيس مرسي, محملا النيابة، والأمن المسؤولية في تفاقم الأوضاع بدمنهور، بعدما “تخاذلا” في تحقيقاتهما، لردع البلطجية، إضافة للشحن الإعلامي الذي أثار الفوضى في الشارع- حسب قوله.