في شهر نوفمبر من كل عام تنصب الخيام بدير ماري جرجس الواقع في الرزيقات على بعد 80 كم من محافظة قنا (600 كلم جنوب القاهرة) في حضن الجبل والصحراء الغربية، ويتوافد الآلاف من الأقباط وغيرهم لإحياء ذكرى أمير الشهداء “مارى جرجس” والتبارك بالدير.

في شهر نوفمبر من كل عام تنصب الخيام بدير ماري جرجس الواقع في الرزيقات على بعد 80 كم من محافظة قنا (600 كلم جنوب القاهرة) في حضن الجبل والصحراء الغربية، ويتوافد الآلاف من الأقباط وغيرهم لإحياء ذكرى أمير الشهداء “مارى جرجس” والتبارك بالدير.

[ibimage==3443==Small_Image==none==self==null]

ماري جرجس

تبلغ المساحة التي نصبت فيها الخيام 110 فدان أمام الدير الذي يقبع هادئا وراء سور قصير من الطوب اللبن، فالدير يقتصر على استضافة الرهبان طيلة العام، أما في وقت المولد فيشتعل بالحركة لرعاية الأعداد الكبيرة التي تحضر إليه.

[ibimage==3449==Small_Image==none==self==null]

الخيام 

“أمير الشهداء”

يقول الأنباء مرقس، أسقف شبرا الخيمة وعضو لجنة تنظيم الاحتفال بماري جرجس بالرزيقات، أن مولد مارى جرجس هو من أهم وأكبر موالد الأقباط بالصعيد التي يتوافد اليها الزوار من جميع المحافظات. ويقام المولد احتفالا بالقديس ماري جرجس الذي ولد في وسط النصف الثاني من القرن الميلادي بمدينة اللد وذاق ألوان العذاب طوال سبع سنوات كاملة بسبب إيمانه.

وشهد هذا العام تحسنا كبيرا في الخدمات كما يقول الأنبا مرقس، ففي السابق كان الدير يفتقر إلى دورات المياه والكهرباء للزوار، إضافة إلى تعرضهم إلى عصابات الخطف والنهب مساءا، لكن الدير استطاع تطوير خدماته، ونجح بفضل قرار من البابا شنودة الثالث في شراء 110 فدان أمام الدير لاستضافة الزوار.

مراسم الاحتفال

الاحتفالات تبدأ بعمل التراتيل الدينية، وفى الصباح يبدأ القداس ويتم رفع البخور حتى الخامسة، لتبدأ بعدها زفة الإيقونة “الدورة” حيث تُزف إيقونة مارى جرجس من قبل الجموع يتقدمها فرقة موسيقى مؤسسة الأم دولاجى للأيتام باسنا ثم مئات الشمامسة والإباء والأساقفة والكهنة أمام الإيقونة. ويهتف الشعب في الموكب ” يا منور فوق الصلبان ..يارمانى يا ابو الشجعان يا ابورمح قوى وحصان يا فارس يا ابو الفرسان ..شهدتلك بنت السلطان ..انك بطل منصان”.

ويصف الأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص الموكب بأنه لحظات رائعة يحرص عليها كل الزوار قبل مغادرة الدير. وفى الليلة الأخيرة تزف إيقونة مارى جرجس وصورة قداسة البابا، وتتصاعد الهتافات تعبيرا عن حب الناس لقداسته، كما يقول الأنبا بيمن.

كرامات

المولد يؤمه سنويا آلاف الحجاج، بعضهم من أجل التبارك وبعضهم من أجل طلب المساعدة. سامح بيشوى، مدرس من مركز أسنا، يقول إنه كان يعانى من أحد الأمراض الشديدة والتي حاول علاجها عند عدد كبير من الأطباء والمستشفيات ولكن بلا جدوى، وفى زيارة للدير”كتب لي الرب الشفاء من المرض، حيث ظهر لي مارى جرجس ووضع الحربة على جسدي وقالي لي لا تأخذ علاج مرة أخرى”.

أما مايكل عاذر صمائيل  35 سنة من قرية الترامسة مركز قنا، فقال إنه منذ فترة يعاني من المشاكل بمنزله وصلت إلى حد الشجار مع ابن عمه، فسقط مشغى عليه على الأرض، وشعر بعدها بصداع شديد، وذهب إلى العديد من الأطباء بلا جدوى، فنصحه بعض الأهل بالذهاب إلى الدير. ويضيف “هناك ظللت على مدار اليوم ونمت خارج الدير وشعرت بتخبط شديد ودموعي تنهمر وشعرت بأن يدي مقيدة وأن هناك شعاع يخرج من قلبي، وعندها شفيت”.

أجواء روحانية

يصعب بالتأكيد إثبات هذه الكرامات لكن الإيمان بها منتشر ليس فقط في أوساط الأقباط، وإنما بين المسلمين أيضا. فتحي سيد أحمد عربي 30 سنة، من قرية الحبل بالأقصر، يقول إنه كان يعانى من آلام شديدة فى المخ ووزار جميع الأطباء المتخصصين ولكن بلا جدوى. ثم وجد علاجه بعد أن جاء إلى المولد. أما نادية فهمى 42 سنة، من أم درمان بالسودان، فكانت تعاني من آلام فى الظهر وتم تشخيص حالتها على انه إنزلاق غضروفي، وابتهلت لماري جارجس فحدثت المعجزة واستطاعت المشي بصورة طبيعة بعد رحلة طويلة مع المرض، ولذلك جاءت هذا العام للوفاء بنذرها.

وبعيدا عن الكرامات التي تنتمي إلى عالم آخر، قالت هناء حامد، معيدة في قسم الإعلام بجامعة جنوب الوادى، إنها تحرص على المشاركة في المولد كغيره من موالد أولياء الله الصالحين من أجل الجو الروحاني المهيمن على المكان والذي يساعدها في التصالح مع الذات والتطهر من حب الدنيا والتضحية من أجل ما نؤمن به. وتضيف “إنها أشبه بنار مقدسة تطهرنا من الدنايا وتجعلنا أكثر إيماناً بوجوب التضحية من أجل الأفكار العظيمة وإنفاق دمائنا في سبيلها لو اقتضى الأمر”. بجانب ذلك تجد هناء حامد في المولد فرصة طيبة للتعرف على أصدقاء جدد، وعلى الاطلاع على المنتجات اليدوية المعروضة خلال المولد.