بعد أيام من حادثة قطار أسيوط، وعلي بعد 65 كيلومترا تقريبًا من مزلقان الموت بقرية “المندرة”، توجه مراسل موقع “مراسلون” لتقصي الأوضاع مابعد الكارثة، حول حالة مزلقان آخر قد نكون نحن أحد ضحياه، فهل تغير حال السكك الحديدية بعد استيعاب الصدمة وتعويض القتلى أم لا؟ هذا ماستكشفه التفاصيل التالية.

في غرفة ضيقة تشبه “العشة”، وبدون دورة مياه، ولاتتعدي مساحتها متر ونصف تقريبًا، يتلقي حمدي أحمد منصور، الذي يعمل عاملا بمزلقان أولاد إلياس بمركز صدفا، منذ 7 سنوات، التعليمات عبر هاتف عتيق من مشرفه “ملاحظ البلوك” بإغلاق المزلقان أو فتحه لمرور القطارات.

بعد أيام من حادثة قطار أسيوط، وعلي بعد 65 كيلومترا تقريبًا من مزلقان الموت بقرية “المندرة”، توجه مراسل موقع “مراسلون” لتقصي الأوضاع مابعد الكارثة، حول حالة مزلقان آخر قد نكون نحن أحد ضحياه، فهل تغير حال السكك الحديدية بعد استيعاب الصدمة وتعويض القتلى أم لا؟ هذا ماستكشفه التفاصيل التالية.

في غرفة ضيقة تشبه “العشة”، وبدون دورة مياه، ولاتتعدي مساحتها متر ونصف تقريبًا، يتلقي حمدي أحمد منصور، الذي يعمل عاملا بمزلقان أولاد إلياس بمركز صدفا، منذ 7 سنوات، التعليمات عبر هاتف عتيق من مشرفه “ملاحظ البلوك” بإغلاق المزلقان أو فتحه لمرور القطارات.

عندما رآني بدت عليه علامات الضيق والضجر، منذ الوهلة الأولي، وحين اقتربت منه ارتاب في أمري، ولكنه أخبرني بعد التعرف عليّ بمهام عمله المرهق علي حد وصفه فقال: “أعمل 12 ساعة تقريبًا في الوردية الواحدة، وأحصل علي 24 ساعة راحة، وأتقاضي 700 جنيه في الشهر، وهذا الراتب بالطبع لايكفيني، لأن لدي أسرة مكونة من 4 أفراد، وأطفال بالمدارس، الأمر الذي يضطرني إلي العمل كمبيض محارة في أوقات أخري لتغطية احتياجاتي من المال”.

ويضيف: “مهنتي صعبة وتحتاج إلي التركيز الشديد، لأن في يدي أرواح الآف المواطنين، ولاتقتصر مهمتي علي فتح وإغلاق المزلقان فقط، ولكن أيضا بتنبيه الناس إلي وصول أحد القطارات من خلال التصفير في “صافرة” حتى يأخذوا حذرهم.”

يكمل: “قد أتلقى بعض التعليمات من ملاحظ البلوك عبر هذا الهاتف العتيق، ليخبرني بعدم فتح المزلقان لأن هناك قطار آخر قادم، وخلال الوردية الصباحية قد يعبر 36 قطارا، بينما خلال وردية الليل قد يتضاعف هذا العدد إلي 80 قطارا تقريبا، وعلي الرغم من ذلك فأنا أحب وردية الليل، لأن حركة المارة قليلة، وهذا يتسبب في تقليل الحوادث”.

ويقول: “أتعرض وزملائي في المزلقان لمشكلات كثيرة أثناء عملنا، وشتيمة من الناس بسبب رفض فتح المزلقان قبل عبور القطارات، وفي إحدي المرات وقعت حادثة أمامي لا أستطيع نسيانها: كان أحد الأشخاص يعبر المزلقان بحماره من ناحية جانبية بالرغم من إغلاق المزلقان، وجاء قطار مسرعا، ليأخذ الرجل وحماره أمامه، وحزنت كثيرا عند مشاهدتي هذا الحادث المؤلم، وقد استدعيت مرة واحدة للنيابة للاستماع لأقوالي في واقعة تعرض إحدي بوابات المزلقان للكسر، بسبب اصطدام سيارة نقل بها”.

أسأله قائلا: “هاني حجاب”، رئيس هيئة السكة الحديد السابق، سبق أن وعد في يوليو الماضي بإنفاق 3.6 مليار جنيه لتطوير نظام الإشارات مابين بنها والإسكندرية وبنى سويف وأسيوط، ليتم تحويل الإشارات الميكانيكية إلى إشارات إلكترونية، فهل تم تطوير المنظومة أم لا؟

يؤكد حمدي قائلا: “لم يتم عمل شئ، وكله كلام جرايد، ولو الكلام ده صحيح كان زمان المزلقان اللي حصلت فيه الحادثة تم تطويره. أنا مش طمعان غير في عمل الكلام اللي قال عليه رئيس الهيئة، وكمان سد الفتحات بالأسوار المجاورة للمزلقانات، عشان نمنع الأهالي من العبور درءا الحوادث”. 

ليس عامل المزلقان وحده الذي يعاني من إنخفاض الأجر وطول وقت العمل، بل حارس المزلقان أيضا لايقل عنه معاناة. أحمد سيد عبد الغني، 55 سنة، الذي يقوم أحيانا بمساعدة عامل المزلقان في رفع بوابات المزلقان في حال ذهابه لقضاء حاجته أو شراء بعض الطعام: “أعمل في هذه المهنة منذ 15 سنة، وكنت أتقاضي 600 جنيه، حتي قامت الثورة فأصبح راتبي 800 جنيه، ومهمتي الأسياسية هي حراسة المزلقان والحرم المحيط به، ومنع وقوع مشاجرات، أو سرقة الكابلات الكهربائية وغيرها من مهام الحراسة”، ويضيف: “أكثر المشكلات التي تواجهني في أثناء نوبات الحراسة هي المشاجرات التي تقع بين السائقين بسبب أسبقية المرور و”التزنيق” علي بعضهم البعض أثناء عبور المزلقان، وفي حالة تطور الأمر بينهم وحدوث إصابات أقوم بإبلاغ الشرطة لإلقاء القبض علي أطراف المشكلة”.

لاتنتهي مشاكل المزلقانات عند العامل أو الحارس وإنما تمتد إلي آلاف المواطنين الذين يعبرون المزلقان يوميا. فالجدير بالذكر أن حادثة كحادثة أسيوط ليست بالنادرة على الإطلاق/ فوفقا لتقارير رسمية منسوبة لمرفق الإسعاف ووزارة الداخلية، تتقدم مصر قائمة الدول العشر الأكثر تضررا بحوادث الطرق، فعدد القتلى بلغ ١٢ ألفا عام ٢٠١١، منهم ٤٥٠٠ قتيلا جراء حوادث قطارات إضافة إلى ووفقا ١١٤ ألف مصاب سنويا.

إلا أنه على الرغم من هذه الاحصائيات المفزعة لايستطيع مايكل سامح، عدم العبور يوميا علي مزلقان أولاد إلياس، لأنه يذهب يوميا إلي مدرسته الثانوية التجارية، كما أن حقله يقع في الطرف الآخر من القرية، وعليه عبور المزلقان للوصول إليه – ما يعرضه للدهس في أي وقت حال حدوث خلل تقني أو إهمال عامل المزلقان. يقول مايكل: “أعبر المزلقان يوميا من 3 إلي 4 مرات، وأرى أن المزلقان لايغلق قبل وصول القطار بوقت كاف، وهو مايتسبب في وقوع الحوادث. وأيضا سيارات النقل الكبيرة تصنع زحاما كبيرا وهو مايؤثر علي حركة السير عليه، وزاد من صعوبة المرور علي المزلقان تكدس عربات التوك التوك بالقرية بشكل كبير، ومن ثم يجب أن يتم توسعة المزلقان، لاستيعاب حركة السيارات الكثيفة، لأنه منذ إنشاء هذه المزلقانات لم يتم تطويرها”. 

أما عبد الحميد أحمد الذي يعمل في مقهى مقابل للمزلقان، ويعبر المزلقان من 5 إلي 6 مرات يوميا لإحضار طلبات المقهي (شاي وسكر ومياه غازية) من أحد محال السوبر ماركت في الطرف الآخر من القرية، فيقول إنه لابد من إنشاء نفق أو كوبري فوق المزلقان لإنهاء مشكلة الزحام عليه.

بينما يطالب مايكل صموائيل، الذي يعمل سائقا لمركبة توك توك، وتصل مرات عبوره للمزلقان إلى 20 مرة يوميا، بتوفير شرطي مرور أمام المزلقان لتنظيم حركة المرور، ومنع تكدس السيارات التي قد تتسبب في الحوادث أحيانا”.