يأتي رد فعل حكومة الدكتور هشام قنديل على الاحتجاجات العمالية والفئوية والإضرابات لتؤكد أمرين، الأول عجز الحكومة عن التعامل مع هذه الاحتجاجات من إضراب عمل النقل إلى الإضراب الأخير للعاملين في مترو الإنفاق إلى سائقي سيارات الميكروباص إلى احتجاجات أخرى صغيرة في العاصمة والمحافظات . أما الأمر الثاني فهو يتعلق بالانحياز الاجتماعي للحكم الحالي والحكومة التي شكلها والتي لم تحصل حتى الآن على توافق من فئات الشعب، ويبدو أن عجزها البالغ عن التعامل مع أى مشكلة حقيقية سيحول بينها وبين الحصول على هذا التوافق.

يأتي رد فعل حكومة الدكتور هشام قنديل على الاحتجاجات العمالية والفئوية والإضرابات لتؤكد أمرين، الأول عجز الحكومة عن التعامل مع هذه الاحتجاجات من إضراب عمل النقل إلى الإضراب الأخير للعاملين في مترو الإنفاق إلى سائقي سيارات الميكروباص إلى احتجاجات أخرى صغيرة في العاصمة والمحافظات . أما الأمر الثاني فهو يتعلق بالانحياز الاجتماعي للحكم الحالي والحكومة التي شكلها والتي لم تحصل حتى الآن على توافق من فئات الشعب، ويبدو أن عجزها البالغ عن التعامل مع أى مشكلة حقيقية سيحول بينها وبين الحصول على هذا التوافق.

فكل هذة الإضرابات عن العمل جاءت بعد أن فشلت الحكومة في التفاوض مع العمال، وانتهت إلى أنها نفذت مطالبهم، وهو ما يعنى أنها لم يكن لديها مفاوضون جيدون ولم يكن لديها أيضا بدائل للتصدي للإضراب. فهي كانت تعلم أن التفاوض فشل وأن إضرابا سيبدأ في وقت محدد، وبالتالي كان عليها أما الاستجابة للمطالب وحفظ ماء وجهها، خاصة وأن الإضرابات حدث بعضها في قطاعات حيوية مثل النقل أو المترو أو الميكروباصات. وإذا كانت لا تريد تنفيذ المطالب فلماذا لم توفر بدائل للمواطنين من اجل إفشال الإضراب، مع التحفظ بالطبع على هذا الخيار. وهذه الحيرة والفشل تعنى أن الحكومة عاجزة عن التعامل مع الظروف الاستثنائية. فهي حسبما يقولون لديهم مسئولين مهمتهم التفاوض مع المضربين، لكننا لا نعرف ما هي مؤهلاتهم ولم نسمع من قبل عن نجاحهم في إنهاء أي عمل احتجاجي عبر آلية التفاوض. وذلك فضلا عن العجز الواضح في  التعامل مع الإضراب نفسه فيما بعد بدايته.

أما الأمر الثاني الذي تؤكده هذه الاحتجاجات العمالية المتتالية والتي تشمل قطاعات متعددة منها العام ومنها الخاص ، فهي تعطى إشارة إلى الانحياز الاجتماعي للحكم الحالي . فإذا نظرنا إلى تشكيل الحكم نفسه سنجد أن الرئيس محمد مرسى عندما عين عدد من المساعدين وأعقب ذلك بتشكل هيئة من المستشارين لم يكن بين هؤلاء أي متخصص في القضايا العمالية، أو أي مهتم بالجانب الاجتماعي، بل والأكثر من ذلك أن أي من المساعدين أو المستشارين ليس من بينهم من لديه انحياز اجتماعي للطبقات الشعبية والفقراء والمهمشين. وهو ما يعني أن المسالة الاجتماعية غائبة تماما عن اهتمامات الرئيس وأركان حكمه.

وبالتأكيد فإن عدم اتخاذ الحكومة ولا الرئيس أي إجراءات أو قرارات بشان القضايا الاجتماعية مثل الحد الأدنى والأعلى للأجر، يؤكد أن السياسة الاقتصادية والاجتماعية له لا تختلف عن تلك التي خرج المصريون يوم 25 يناير 2011 لإسقاطها، وأن ذلك يعبر عن انحيازه للطبقات العليا والطفيلية اجتماعيا.

ولكن هناك مؤشرات أخرى مقلقة فيما يتعلق بالتعامل مع الطبقة العاملة، لا تتعلق فقط بما أعلن عن نية الحكومة إقرار تشريعات تحد من حق الإضراب وغيره من صور الاحتجاج الاجتماعي، ولكن هناك ما يتعلق بتعيين كادر إخواني في منصب وزير القوى العاملة، وهو ما يعنى أن الحكم الجديد يريد تأميم الحركة العمالية، وهناك تسريبات أخرى عن تعيين قيادات عمالية إخوانية في اتحادات العمال بدلا من الذين انتهت مددهم ، وعن قوانين تسن من أجل هذا الغرض. وأيضا عن التقييد على النقابات المستقلة والتراجع عن إقرار قوانين تتعلق بالحريات النقابية، كان وزير القوى العاملة الأسبق أحمد البرعى قد صاغها واجري حوارات مجتمعية بشأنها مع التيارات العمالية المختلفة. وهذا كله يصب في السير بنفس الآليات التي كان يسير عليها النظام الساقط فيما يتعلق بتأميم الحركة النقابية.

فإذا وضعنا هذا التوجه في الحسبان ووضعنا التغييرات التي طرأت على الحركة العملية منذ البدء في تأسيس النقابات المستقلة قبل سقوط حسنى مبارك وما لعبته هذه النقابات في التمهيد لهذا السقوط سنجد أن العلاقة بين الحكم والطبقة العاملة ستزداد سخونة في الفترة المقبلة بسبب عجز الأول عن تلبية المطالب الاجتماعية وعجزه أيضا عن التعامل مع أي احتجاجات ذات طابع اجتماعي، وهو ما يوضح لنا حجم الأزمات المقبلة التي ستواجهها مصر.