كمن عثر على كنز ثمين، يكشف “عدنان دب” لأصدقائه ما تمكن من اقتنائه من معرض الكتاب. يقلب بين راحتيه في حركة انفعالية كتب عن الإسلام السياسي لمحمد العريفي  وابن عيثمين وسيد قطب ومجموعة فتاوى ابن قيم الجوزية. ويقول في حسرة “للأسف لم يعد لدي ما يكفي من المال لشراء مجموعة فتاوى ابن تيمية”.

“عدنان دب” هو طالب من مدينة القيروان، جاء خصيصا للعاصمة تونس لاقتناء كتب عرف بوجودها من بعض “الأخوة” بعد ما كانت ممنوعة لسنوات طويلة.

وداعا للرقابة

كمن عثر على كنز ثمين، يكشف “عدنان دب” لأصدقائه ما تمكن من اقتنائه من معرض الكتاب. يقلب بين راحتيه في حركة انفعالية كتب عن الإسلام السياسي لمحمد العريفي  وابن عيثمين وسيد قطب ومجموعة فتاوى ابن قيم الجوزية. ويقول في حسرة “للأسف لم يعد لدي ما يكفي من المال لشراء مجموعة فتاوى ابن تيمية”.

“عدنان دب” هو طالب من مدينة القيروان، جاء خصيصا للعاصمة تونس لاقتناء كتب عرف بوجودها من بعض “الأخوة” بعد ما كانت ممنوعة لسنوات طويلة.

وداعا للرقابة

المعرض الذي أقيم في قصر المعارض بالكرم في دورته التاسعة العشرين، لكن الأولى بعد الإطاحة بنظام بن علي، كان امتد أسبوعا بين 2 و 11 الشهر الجاري شهد خلاله دخول العديد من الكتب المحظورة سابقا وعلى رأسها الدينية والسياسية.

وفي هذا الصدد يؤكد شكري البرصالي عارض تونسي أن “الكتب الاسلاميّة خاصة منها مجموعة الفتاوي لابن قيّم الجوزيّة و ابن تَيميّة وبعض الكتب التي طالما شُدِّدت الرقابة عنها في زمن بن علي، تشهد اليوم رواجا كبيرا و لا تزال تتضاعف نسبة مبيعاتها لدى شريحة مهمة من القرّاء منذ انطلاق المعرض”.

وكان أول افتتاح للمعرض فد جرى في 1988 واستمر نشاطه قائما بشكل سنوي إلى حين سقوط نظام بن علي، وتوقف في العام الماضي استثائيا. ويشارك في هذا العام ثلاث وعشرون دولة، وتتصدر تونس قائمة العارضين بـ 112 دار نشر تليها مصر بـ 85 عارضاً فلبنان وسورية والسعودية التي تدخل دورة هذا العام بـ 14 دار نشر، وبكتب في مجملها دينية.

وفضلا عن المصنفات الدينية الاسلامية التي كانت محظورة على غرار كتب سيد قطب وعائض القرني وابن عثيمين، سجلت الكتب الشيعية مشاركتها للمرة الاولى منذ ثمانينات القرن الماضي في هذا المعرض. ويقول العارض اللبناني هشام الشريف شمدر “لأول مرة يسمحوا لنا بالمشاركة..والحمد لله تجد مؤلفات السيستاني رواجا جيدا لدى الزائرين”.

حرية التطرف

ولئن كان الطالب “عدنان دب” يعتبر الدورة الحالية لمعرض الكتاب متميزة وثرية بما حملته من منشورات، فإن “جابر حمزة” لا يشاركه الرأي. وعلى النقيض تماما اعتبر جابر أن الدورة الحالية جاءت فقيرة “إلا من كتب التطرف والسحر والشعوذة”، كما قال لـ “مراسلون”.

ويستدرك جابر”صحيح أن الحرية هي المكسب الأساسي للثورة ويجب تكريسها في مثل هذه التظاهرات التي كانت ترزح تحت الرقابة والحجب، لكن الفتاوى المعادية للحريات وخاصة حرية المرأة وكتب التطرف السياسي استغلت هذه الحرية”.

لكن أستاذ الفكير الإسلامي عبد العزيز الكحلاوي الذي التقاه “مراسلون” في المعرض اعتبر أن “غياب الرقابة عن المعرض وتعدد دور النشر أضفى صورة جيدة للبلاد وأضاف جاذبية اكبر لهذه الدورة”.

وأضاف الكحلاوي “القارئ يحمل مسؤولية اختياراته، باعتبار أن لا وصاية ولا حجب على الفكر مهما كانت اتجاهاته”.

رفع الرقابة لم يقتصر فقط على المراجع الدينية بل شمل كذلك الكثير من الكتب السياسية التي ظَلّت خلال حكم بن علي تروَّج بالخارج مثل كتاب “بُرج الرُّوميُّ” لسمير ساسي أحد المساجين السياسيين لحركة النهضة وكتب كل من زعيم حركة النهضة راشد الغنُّوشي و رئيس الجمهورية الحالي منصف المرزوقي اضافة الى كتب اخرى مثل كتاب “نهاية اسرائيل” و”بروتوكولات حكام صهيون” .

تكريم

وعن الانتقادات التي وجهت لإدارة المعرض في أول دورة له بعد الثورة علق مدير المعرض  كمال الدين قحة أنه يعتبر إنجازا بحد ذاته “إقامة هذا المعرض في هذه الظروف ويكفي رفع الرقابة عن المعرض كإنجاز جيد يليق بهذه المناسبة”.

وأشار إلى أن الدورة الحالية من معرض الكتاب كرمت أعلام في النضال مثل الكاتب والمناضل الفرنسي فرانز فانون والكاتب والناقد التونسي توفيق بكار.

وتأتي هذه الدورة على اثر التحولات الحضارية التي يشهدها العالم العربي  وتهدف حسب منظميها إلى توسيع آفاق تداول الكتاب ودعم فرص ترويجه وتحرير الإنتاج الثقافي والفكري.

ويؤكد المنظمون أنّ بلوغ هذه الأهداف يبقى رهن القطع مع الرقابة والوصاية على الكتاب والنشر ورفع كلّ أشكال مصادرة الإبداع والتضييق على المبدعين وإزالة كلّ الصعوبات التي تحول دون انسياب المعرفة الجادة والخلاقة.

وتشهد الدورة الحالية ولأول مرة شراكة حقيقيّة بين وزارة الثقافة واتحاد الناشرين التونسيين، وصناع الكتاب من موزّعين ومبدعين.

لكن السؤال الذي طرح أكثر من مرة وفي أكثر من مستوى هو كيف يمكن المساهمة في إنشاء ثقافة تحترم الحرية والتنوع وتنبذ العنف والتعصب في ظل سير جارف من كتب التكفير والتعصب.