عبد العزيز الزكراوي، 82 سنة، لم يلجأ يوما إلى طبيب أو دواء. لكن وفي العام 2005 تحولت حياته بالكامل إلى جحيم عندما ذهب الى المستشفى ليفتتوا له حصوة في كليته فاستأصلوا الكلية برمتها دون علمه. “مراسلون” التقت الزكراوي في قريته سيدي سعيد في ولاية سليانة (170 كلم شمال غرب تونس)، وهنا القصة الكاملة:

س- عم عبد العزيز، لو تعرف بنفسك وتروي لنا ما حصل لك؟

عبد العزيز الزكراوي، 82 سنة، لم يلجأ يوما إلى طبيب أو دواء. لكن وفي العام 2005 تحولت حياته بالكامل إلى جحيم عندما ذهب الى المستشفى ليفتتوا له حصوة في كليته فاستأصلوا الكلية برمتها دون علمه. “مراسلون” التقت الزكراوي في قريته سيدي سعيد في ولاية سليانة (170 كلم شمال غرب تونس)، وهنا القصة الكاملة:

س- عم عبد العزيز، لو تعرف بنفسك وتروي لنا ما حصل لك؟

ج- أنا عبد العزيز بن حمدة الزكراوي، مواطن تونسي، أنجبت 12 طفلا لم يعش منهم سوى 9. أنا رجل فلاح أعيش حاليا مع زوجتي المريضة وابني وزوجته و أبنائه، عملت كثيرا وخدمت الأرض فكانت سمتي النشاط والحيوية. لم أزر يوما طبيبا و لم أشك مرضا إلى أن بدأت ذات يوم أشعر بالدوار وبالمرض يغمر جسمي ليضعف حركتي و يتعبني. بعد عدة زيارات للطبيب و القيام بالتحاليل وصور الأشعة علمت بأن لدي حصى بالمجرى البولي وعلي التخلص منها.

س- كيف تقبلت المضي بالعلاج وأنت لم تلجأ لدواء يوما؟

ج-  طمأنني الطبيب المعالج بالمستشفى الجهوي بولاية سليانة في البداية بأن الأمر لا يقلق و تم إرسالي إلى المستشفى الجامعي الرابطة بالعاصمة لمعالجة المرض من خلال الأدوية. بعد الفحص لم ينجح الدواء في تفتيت الحصى إذ كانت بطول 2 مليمتر ونصف. عندئذ اقترح علي الأطباء عملية باستخدام أشعة الليزر لتفتيت الحصوة فوافقت وحدد لي موعد للعملية.

كنت بالتوازي أتابع حالتي المرضية مع طبيب خاص من أجل مزيد الاطمئنان وكان قد أكد لي بأن العملية بسيطة وأن كلتا الكليتين في حالة جيدة وأن الحصى بعيدة عنهما.

س- هل وضعت احتمالات سيئة تتعلق بالعملية؟

ج- كانت لدي ثقة في الأطباء و لو طلبوا مني أي شيء لوافقت. فقد أعطاني الطبيب موعدا للعملية، كنت جاهزا يومها ولكني بعد طول انتظار لم أتمكن من دخول العملية نظرا للازدحام يومها على غرفة العمليات فتأجلت عمليتي إلى الغد، و كان اليوم الموعود 3 جوان (حزيران/يونيو) 2005.

دخلت غرفة العمليات فقاموا بتخديري جزئيا ثم قاموا بتعليق قدمي إلى الأعلى و شرعوا في العملية، خلالها كنت أستمع إلى أصوات غريبة أشبه بالطرق على باب، وربما كان حينها الطبيب يتفحص سلامة الكلية قبل انتزاعها من أحشائي.

س- هل شعرت بذلك؟

ج- أبدا، فأنا لم أشك للحظة بأن العملية كانت عملية تفتيت للحصى بأشعة الليزر. و قد قضيت من 4 إلى 5 أيام بالمشفى على إثر العملية و لم أفطن إلى شيء. بعد أيام سمح لي الطبيب بالخروج على أن أتابع مراقبة الجرح بمستوصف قريب من بيت ابني بمنطقة سيدي حسين بالعاصمة.

س- وهل عرفت حينها بما حدث لك خلال العملية؟

ج- كلا، فقد ترددت على المستوصف إلى حين شفاء الجرح ثم كان لدي موعد بمشفى الرابطة. لحسن الحظ يومها لم يكن الطبيب الموجود ذاته الذي قام بالعملية. بعد فحصي قال لي: “لقد كانت العملية ناجحة، لكن هل تعلم لماذا قمت بعملية يا حاج؟”، وأجبته بكل ثقة نعم، فقد قام الطبيب بتفتيت الحصى بالمجرى البولي عن طريق أشعة الليزر. فأجابني باللفظ الواحد “عم الحاج تعرف أش نحاولك؟ نحاولك كلوة”، وكانت الصدمة.

س- هل كانت الصدمة هي سبب اندفاعك وقرارك برفع قضية؟

ج- كانت الصدمة شديدة علي حتى أني لم أصدق ذلك إلى أن تم استدعائنا من قبل المحققين بمنطقة 9 أفريل وتم إرسالي إلى الطبيب الشرعي بمستشفى شارل نيكول وحينها تأكد لي أنه تم انتزاع كليتي. كما سمعت الطبيب الذي قام بالعملية بتوبيخ الطبيب الذي أعلمني بالأمر وقال له لماذا أعلمته أعجبك ما وصلنا إليه.

لو قال لي من البداية بأن كليتي مريضة و يجب استئصالها لوافقت دون أدنى شك ولكنه غشني وخدعني إذ حتى الطبيب الخاص الذي كنت أتابع حالتي معه أكد لي بأن كليتي سليمة وسلمني شهادة طبية في ذلك، قمت فيما بعد بإضافتها إلى ملف القضية.

س- بعد سماع أقوالكم هل حصلت على مبتغاك؟

ج- بعد سماع أقوالنا تم إرسالي إلى وكيل الجمهورية بولاية سليانة نظرا لانتمائي إلى هذه الولاية لاستكمال التحقيقات وحينها تم التحفظ على القضية إلى اليوم إذ استكمل الطبيب نشاطه المهني وأنا لم أنل ولو جزء طفيفا من حقي الذي هضم و طمسته العدالة.

س- بماذا انعكست عليك هذه الحادثة؟

ج- اليوم أنا هرمت و لم أعد قادرا على الدفاع عن حقي ومعاودة تحيين القضية كما أعول زوجتي المريضة وتعبت من الأزمات التي تكاد تقتلني في كل مرة جراء الكلية المتبقية والتي لم تعد قادرة على العمل بما يعول جسدي العليل.

س-  الذي لم تقدر على إيصاله وترغب في قوله اليوم ولمن بالتحديد؟

ج- أردت فقط أن أقول بأن ثقتي في الأطباء لم تهتز فوجود الفاسدين لا ينعكس على الجميع لكني كنت آمل أن يكون القضاء عادلا وأن يعيد لي و لو جزء من حقوقي فمهما يكن فقد فقدت قطعة من جسدي دون موجب لذلك و إني لأتعذب كل يوم جراء ذلك.