“عمّار 404 يعود من جديد”، هي الجملة الأكثر رواجاً اليوم بين الناشطين التونسيين في المواقع الاجتماعية، وذلك بعد تصريحات وزير تكنولوجيا المعلومات التونسي منجي مرزوق، والتي كشف فيها عن نية الحكومة المؤقتة “مراقبة” الانترنت.

و”عمّار 404″، هو الاسم الذي كان يطلقه نشطاء على الانترنت على منظومة الحجب الالكترونية، زمن حكم الرئيس المخلوع بن علي. حيث كانت جلّ المواقع التي تنتقد النظام تخضع لرقابة صارمة.

وكانت تظهر على شاشة الحاسوب لكل موقع محجوب صفحة كتب عليها ” 404، موقع غير موجود”.

“عمّار 404 يعود من جديد”، هي الجملة الأكثر رواجاً اليوم بين الناشطين التونسيين في المواقع الاجتماعية، وذلك بعد تصريحات وزير تكنولوجيا المعلومات التونسي منجي مرزوق، والتي كشف فيها عن نية الحكومة المؤقتة “مراقبة” الانترنت.

و”عمّار 404″، هو الاسم الذي كان يطلقه نشطاء على الانترنت على منظومة الحجب الالكترونية، زمن حكم الرئيس المخلوع بن علي. حيث كانت جلّ المواقع التي تنتقد النظام تخضع لرقابة صارمة.

وكانت تظهر على شاشة الحاسوب لكل موقع محجوب صفحة كتب عليها ” 404، موقع غير موجود”.

وتنامت المخاوف من عودة الحجب على المجال الافتراضي، الذي كان له دور أساسي في الربيع العربي، بعد أن كشف الوزير أن الحكومة بصدد صياغة مسودة قانون يحدد “مفهوم الرقابة ومجالها” سيقدم الى المجلس التأسيسي في الفترة القادمة.

تضييق على الانترنت

وأوضح الوزير ان الرقابة ستكون “بهدف حماية المستخدمين” ممن صنفه “جرائم انترنت”. معتبرا ان البعض قام “بالخلط” بين مفهوم الرقابة القانونية والحجب.   

التأكيد على ان الرقابة لن تمس من الحريات عاد وقاله لطفي زيتون، المستشار السياسي لرئيس الحكومة المؤقتة. الذي صرح ان حكومته “لن تصدر قرارا يمس من الحريات”.

وحسب منظمات دولية يتجه “الربيع التونسي” الى الانحسار تدريجيا عن شبكة الإنترنت، حيث تشير التقارير الواردة إلى وجود “تضييق على الإنترنت وفرض قيود على حرية التعبير” في تونس مؤخرا.

وأعربت منظمة “مراسلون بلا حدود” عن قلقها إزاء توجه السلطات التونسية لفرض قيود على الانترنت، في بلد يعد فيه الإنترنت “حرا” بعد 13 يناير/كانون الثاني العام الماضي، يوم أعلن الرئيس المخلوع في خطابه الأخير انه سيرفع القيود عن الانترنت.

وعدّ يومها هذا التصريح إقرارا من نظام بن علي، آنذاك، بممارسة الرقابة على الانترنت واعتماد وسائل حجب للمواقع. وسرعان وما ترتب عن سقوط النظام تفكك منظومة الرقابة الشبكية بشكل كامل.

ويتواصل الجدل في تونس فيما إذا كانت الرّقابة هي الحل الأمثل لحماية الفضاء الافتراضي من عديد الانتهاكات، مثل التّحريض على العنف أو الثّلب والتّشهير.

لكنّ هذه المخاوف لا تعد سببا مقنعا لأطراف أخرى تحذّر من نوايا  مبيّتة للحكومّة، هدفها “ترويض الفضاء الإلكتروني والتّضييق على حريّة التّعبير”، كما صرح اياد الدهماني، عضو المجلس التأسيسي.

هذا الجدل تنامى إثر إعلان وزير تكنولوجيا الاتصال، في وقت سابق، “ان الإنترنت في تونس يخضع إلى المراقبة كغيره من تقنيات الاتصال الحديثة، وهي مراقبة خاضعة بدورها لإطار قانوني مضبوط ومحدّد يضمن سلامة المواطنين  وبالتّالي نهاية عصر حجب المواقع”.

وكان عمليات الحجب الالكتروني قد استؤنفت مستهدفة المواقع الإباحية بالأساس، وذلك بإذن قضائي اشترطت الوكالة التونسية للانترنت الحصول عليه لتقوم بالحجب.

لكن الحجب لم يتوقف هنا بل شمل في وقت لاحق حسابات لنشطاء على الشبكة الاجتماعية “الفايسبوك” وذلك بإذن من القضاء العسكري.

مبررات الرقابة

وبررت الحكومة عودة  الحجب والرقابة المفروضة على الانترنت بالقول ان “لا دولة دون رقابة” وان هذه الرقابة “يجب ان تنظم بالقانون”، وأنه لا يمكن العودة إلى “رقابة بوليسية” كما كانت عليه في السابق.  

وأوضح زيتون، المستشار السياسي لرئيس الحكومة المؤقتة، ان فتح ملف الرقابة على الانترنت لم يكن “قرارا سياسيا” وإنما “تقني” لينفى توجه حكومته إلى “استئناف الرقابة” على الانترنت بل ليؤكد على أنها حريصة على ضمان حرية التعبير.

“لكن هذه الحرية ليست مطلقة”، من وجهة نظر رضا قلوز، مدير عام بوزارة التكنولوجيا، الذي يقول إن عمليات الحجب تتم لمنع “الاخلال بالمبادئ العامة”، وهي المبادئ التي وضعت “بالاتفاق على مستوى وطني”.

 وبرغم التبريرات التي تسوقها الحكومة المؤقتة بأن الحجب هدفه حماية الأسرة والأخلاق وحجب المواقع الإباحية مثلا، إلا أن المعارضين لهذه القوانين يعربون عن خوفهم من أن تكون هذه الخطوة مدخلا لحجب كل ما لا يعجب الحكومة أو ينتقدها.

ويبدون شكوكهم في تعهدات الحكومة المؤقتة  بان  تخضع المراقبة الى اجراءات قانونية، نصت عليها مجلة الاتصالات الحالية، والتي تلزم الجهات المعنية بالرقابة على الحصول على “اذن قضائي” لحجب أو مراقبة اي نشاط على الانترنت.

حوكمة الانترنيت

موجة التنديد بأي تدخّل حكومي يمكن أن يضيّق على حريّة الانترنت، التي أطلقها نشطاء المجتمع المدني، تزامنت مع توجه الحكومة المؤقتة الى تمرير قانون يتعلق بـ “حوكمة الأنترنت”، الذي أعلن عنه رئيس الحكومة حمادي الجبالي لدى افتتاحه لمنتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصال.

يومها شدّد الجبالي على “أنّ الحديث عن قيود تحدّ من حرية استخدام الأنترنت في تونس بات من الماضي”. ولكنه استطرد ليضيف أنه “لا مجال، اليوم، للتّوظيف السّياسي”.

هذا الاستثناء من قبل الرجل الاول في السلطة اعتبره حمة الهمامي الامين العام لحزب العمال، مدخلا لفرض رقابة صارمة على الانترنت، وشدّد على ان توجه الحكومة الى فرض الرقابة هو “مؤشر على ظهور ديكتاتورية ناشئة”، مذكرا بان النظام السابق اعتمد على سياسة التضيق على الانترنت بغية السيطرة على الراي العام المحلي، وهو ما اشار حمة الهمامي الى ان حركة النهضة تسعى اليه.

من جهته أشار المدوّن هيثم المكي إلى “أنّ الحديث عن رقابة على الانترنت، هو تكريس لسياسة النّظام السّابق”. واضاف ان “الرّقابة الّتي تسعى اليها الحكومة هي استنساخ لتجربة البوليس السّياسي الافتراضي”، وان اية محاولة لفرض الرقابة على الانترنت سيقع الرد عليها “بقوة” على الانترنت.

وشدد المكّي، من المدونين الذين ساهموا في نقل أحداث الثورة، على رفضه التّام لمبدأ سن قوانين خاصّة بالأنترنت، واستنتج ان حديث الحكومة على فرض الرقابة على الانترنت يراد منه “جس نبض” النشطاء السياسيين، مستندا الى ان “الحكومة اعتادت على انتهاج سياسة بالونات الاختبار”.

بالونات اختبار

 

“بالونات الهواء” هو الوصف الذي أطلقته، فاطمة الرياحي على الجدل القائم بخصوص “إعادة الرقابة والحجب على الانترنت”، بل انها استخفت بتوجه الحكومة الى انتهاج سياسة الرقابة التي “لا طائل منها” من وجهة نظرها، والسبب في ذلك وجود انظمة “البروكسي”.

 

يذكر أن عدد مستخدمي الانترنيت في تونس أربى عن 4,2 مليون مستخدم وفق الاحصائيات الرسمية، معظمهم ينتظر أن تنضم تونس إلى “كتلة دعم حرية التعبير على الأنترنت”، وهو ما تعهد به رئيس الحكومة المؤقتة، الذي قال ان تونس من  بين  الدول الست الأعضاء المبادرين بعرض هذه المبادرة على مجلس حقوق الإنسان للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 حزيران/يونيو 2012. وتسعى تونس الى احتضان فعاليات المؤتمر الثالث لحرية الانترنت لسنة 2013 .