الفن الإسلامي مصطلح انتشر بقوة مع وصول التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم في مصر. ورغم تأكيد الكثير من المبدعين على استحالة تغيير شكل السينما والدراما المصرية إلا أن بعض التيارات الإسلامية أكد على رفضه لشكل ومضمون الفن حالياً في مصر، مؤكدين أن هناك العديد من الأعمال الفنية التي لا تتفق مع مبادئ الدين الإسلامي وأيضاً تتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع المصري، حسب وجهة نظرهم. فهل سيتحول فن الدراما في مصر إلى فن إسلامي؟ وما هي ملامحه؟ وما موقف المبدعين من هذا التحول؟ أسئلة حاولنا البحث عن إجابة عنها من خلال السطور التالية.

الفن الإسلامي مصطلح انتشر بقوة مع وصول التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم في مصر. ورغم تأكيد الكثير من المبدعين على استحالة تغيير شكل السينما والدراما المصرية إلا أن بعض التيارات الإسلامية أكد على رفضه لشكل ومضمون الفن حالياً في مصر، مؤكدين أن هناك العديد من الأعمال الفنية التي لا تتفق مع مبادئ الدين الإسلامي وأيضاً تتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع المصري، حسب وجهة نظرهم. فهل سيتحول فن الدراما في مصر إلى فن إسلامي؟ وما هي ملامحه؟ وما موقف المبدعين من هذا التحول؟ أسئلة حاولنا البحث عن إجابة عنها من خلال السطور التالية.

تاريخ الإخوان الفني يعود إلى الأربعينيات

قد يبدو أن التيارات الإسلامية ليس لديها خبرة في مجال الإنتاج الدرامي، لكن المنتج محسن راضي، المسئول عن الملف السينمائي في جماعة الإخوان المسلمين، يقول إن الجماعة قدمت أعمالا درامية كثيرة، منها في الأربعينيات مسرحية “صلاح الدين”. ثم في الثمانينيات قدم طلبة الإخوان في الجامعات المصرية مسرحيات عديدة منها “شقلبة، وحلم الحرافيش، والسوس يابلد، ودماء علي أستار الكعبة، وتاج الجزيرة”. ويتابع راضي أن جماعة الإخوان خرجت قامات فنية عالية مثل إبراهيم سعفان وإبراهيم الشامي وعباس فارس ومحمد السبع وغيرهم.

وينتقد راضي بوضوح الأعمال الفنية السينمائية المصرية حيث يقول “انتهت فوضى أفلام العري. لن نقبل بهذه النوعية من الأعمال الفنية التي تعود بنا إلى الخلف و تسعى إلى نشر الرذيلة. وأعتقد أن الشعب المصري لن يوافق على تواجد هذه الأفلام مرة أخرى.” كاشفا عن أن جماعة الإخوان المسلمين تستعد لإنتاج أكثر من فيلم سينمائي ومسلسل درامي “تحاول من خلالهم الإرتقاء بعقلية المواطن المصري، ونحن على استعداد كامل للتعاون والعمل مع كافة الفنانين والفنانات الملتزمين بقيم وتقاليد وهوية مصر”.

ونفى راضي أن تكون جماعته ضد فن السينما، فهو يرفض ما قام به البعض من الهجوم على الفن أو المطالبة بإغلاق دور السينما في مصر، لأن هذا الأمر من المستحيل حدوثه، مضيفا: “لكننا في الوقت نفسه لن نصمت إذا قدم فيلم مثير للغرائز أو يتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي أو يتضمن إساءة للأديان أو سخرية من الأنبياء.”

“السينما حاليا تشجع على الرذيلة”

واتفق الممثل السابق والمنتج الحالي محسن محي الدين مع رأي محسن راضي وأكد على رغبته في تحويل الفن إلى فن إسلامي وإتخاذه قرار إنتاج العديد من الأفلام الدينية الإجتماعية، وذلك لمواجهة الأفلام التي “تشجع على ممارسة الرذيلة وتقوم على العري”. جدير بالذكر أن محسن محي الدين بدأ حياته العملية في الثمانينيات كممثل واعد احتفل به المخرج العالمي يوسف شاهين وقدمه في عدد من أفلامه، ثم اعتزل محي الدين الحياة الفنية بسبب تعارضها مع الدين كما قيل آنذاك، واتجه إلى الإنتاج.

من وجهة نظر محي الدين فإن تعالي الأصوات حاليا للمطالبة بتحويل الفن في مصر إلى فن إسلامي ليس له علاقة بوصول التيارات الإسلامية للحكم، وإنما لأن “الشعب المصري بالفعل أصابته حالة من الإشمئزاز من انتشار مشاهد العري في الأعمال الفنية، فرغم تأكيد العديد من علماء الدين بأن الفن حلال إلا أن بعض المبدعين لديهم إصرار على تشويه الفن وتحويله إلى شئ محرم وذلك بتواجد هذه المشاهد المثيرة للغرائز وبتقديم أعمال فنية تشجع الشباب على شرب المخدرات وممارسة العديد من السلوكيات المحرمة”.

“الحكم النهائي للجمهور”

الكاتب والسينارست محفوظ عبد الرحمن يعترف بارتكاب بعض المبدعين العديد من الأخطاء في حق الفن، قائلاً: “للأسف الأخطاء التي ارتكبها بعض المبدعين بتحويل السينما إلى تجارة يسيطر عليها العري والقبلات التي تثير الغرائز وتسيء إلى مجتمعنا، وللأسف هذه الأخطاء دفعت بعض التيارات للهجوم على الفن بأكمله، ولكنني أريد أن أوجه رسالة لهولاء الذين يهاجمون الفن، وهي أن كل مهنة بها الصالح والطالح ولا يوجد أحد معصوم من الخطأ”.

من ناحية أخرى أكد عبد الرحمن على استحالة حدوث تحول سريع في طبيعة الفن الدرامي في مصر، خاصة وأن السينما والدراما المصرية ينتجان عشرات الأعمال الفنية في العام الواحد، قائلاً: “لا يوجد شركة إنتاج بإمكانها تغيير واقع الفن المصري، ولكني أعتقد أن الشركات الإسلامية التي أُسست مؤخراً ستطرح وجهة نظر جديدة وستشعل المنافسة بينها وبين شركات الإنتاج الاخرى.” و يضيف: “أما فيما يخص تخوف بعض المبدعين و الفنانين من فرض التيارات الإسلامية الحاكمة آرائها على الفن والتقييد من حرية المبدعين، فهذا الأمر من المستحيل حدوثه ولن يصمت أحد أمام فرض تلك التيارات آرائهم على الأخرين. ويجب ان نترك الحكم النهائي للجمهور”.

الابتعاد عن الغرائز ومراعاة حدود الله

لكن ما هي ملامح هذا الفن الدرامي الإسلامي الذي كثر الحديث حوله؟ المنتج محسن راضي يقول بهذا الخصوص: “منهجنا واضح وصريح، وهو الابتعاد تماماً عن الأعمال الهابطة المثيرة للغرائز التي تدفع مشاهديها لإرتكاب الجرائم”. ويضيف أن جماعته ستركز في الفترة القادمة على انتاج أعمال دينية وصفها بأنها “ترتقي بعقلية المشاهد وتتناسب مع عصر تكنولوجيا المعلومات، وتحاول في الوقت نفسه مناقشة واقع المجتمع المصري والتركيز على همومه ومشاكله”.

بينما سار المنتج محي الدين إلى أبعد من ذلك عندما عبّر عن رغبته في إنتاج أعمال فنية “تتفق مع حدود الله”، دون أن يوضح معنى كيفية هذا الإتفاق. لكنه أضاف أنه سيسعى لإنتاج أعمال لا تنساق وراء رغبات بعض المشاهدين لمجرد تحقيق مكاسب مادية، وإنما أعمال تحترم تقاليد المجتمع المصري وترتقي بعقلية المشاهد، حسب قوله.

“الفن الاسلامي مصطلح يهين المبدعين”

أما المخرج عادل الأعصر فرفض مصطلح الفن الإسلامي ووجد أن به إهانة كبيرة للمبدعين، قائلاً: “هذا المصطلح يثير غضبي لأنه يعني أننا كفار وأن كل ما قدمناه طوال الفترة الماضية يتعارض مع الدين الإسلامي، لذلك فأنا أرفض هذا المصطلح من الأساس وأرى أنه من المستحيل أن يفرض أحد آراءه على الفن المصري أو أن يجعله يطرح وجهة نظر معينة”.

وأكد الأعصر على أنه لا يرفض تواجد شركات إنتاج إسلامية على الساحة الفنية موضحاً أن هذا الأمر يصب في صالح الفن بأكمله. وهو ما اتفق عليه أيضا المنتج محمد حسن رمزي، الذي عبّر عن استعداده للتعاون مع شركات إنتاج إسلامية مادامت ستقدم فنا هادفا وجادا. ويقول: “لا يوجد مانع في التعاون مع هذه الشركات إذا قدمت أفلام سينمائية محترمة و سينما نظيفة بدون عري، فأنا مؤيد لهذه الفكرة ولكنني في الوقت نفسه أرفض التقييد من حرية الأخرين فكل شخص حر في تقديم ما يعجبه مادام لا يضر المجتمع.”

 

إذن فإن أهل السينما رغم رفضهم لتقييد حرية الإبداع يرحبون بالمنافسة ويدعون لترك الحكم للجمهور، أما أنصار الفن الإسلامي فلم يقدموا بعد ما يبلور فكرتهم حول ذلك الفن.