“إشارة الإنترنت ضعيفة ولابد من الصعود إلى سطح المبنى لالتقاطها”، هذا التعليق هو واحد من مئات صبّت كلها في نفس الاتجاه ضمن استطلاع للرأي أجراه الموقع الإلكتروني لصحيفة “قورينا الجديدة” في الأول من أيلول/سبتمبر من العام الجاري، حول خدمة الإنترنت المقدمة من شركة ليبيا للاتصالات والتقنية (LTT).

لم تختلف هذه الإجابة عن (378) أخرى لمشتركين انتقدوا خدمات وأداء الشركة الحكومية، التي تستحوذ لوحدها على سوق خدمات الإنترنت في ليبيا منذ تأسيسها سنة 1997.  

“إشارة الإنترنت ضعيفة ولابد من الصعود إلى سطح المبنى لالتقاطها”، هذا التعليق هو واحد من مئات صبّت كلها في نفس الاتجاه ضمن استطلاع للرأي أجراه الموقع الإلكتروني لصحيفة “قورينا الجديدة” في الأول من أيلول/سبتمبر من العام الجاري، حول خدمة الإنترنت المقدمة من شركة ليبيا للاتصالات والتقنية (LTT).

لم تختلف هذه الإجابة عن (378) أخرى لمشتركين انتقدوا خدمات وأداء الشركة الحكومية، التي تستحوذ لوحدها على سوق خدمات الإنترنت في ليبيا منذ تأسيسها سنة 1997.  

المشتركون المستطلعة آراءهم اتهموا الشركة باحتكار خدمات الإنترنت دون فائدة وبأسعار مرتفعة، مشككين في التزامها بشروط العقد من حيث سرعة الانترنت ووصول تغطية الشبكة إلى كافة أرجاء البلاد، كما طالبوا بإغلاقها والسماح  للشركات الأجنبية بالدخول إلى السوق الليبي .

مطالبكم مشروعة!

الشكوى من ضعف خدمات الشركة في الشارع الليبي ليست جديدة، إذ شهدت بعض المدن الليبية بعد الثورة، مظاهرات تطالب بتحسين خدمات الإنترنت، وزيادة الحصة الشهرية للتحميل (15 جيجابايت بثمن 30 دينار ليبي) أو جعلها غير محددة.

مطالبٌ يعتبرها رئيس قسم الإعلام والنشر بالشركة مراد بلال “مشروعة”، لكنه في حديثه لـ “مراسلون” يعزو ضعف الخدمات إلى تضرر المحطات والهوائيات خلال أحداث الثورة، كمحطة البريقة مثلا التي تربط شرق البلاد بغربها، وأيضا إلى “التخريب الذي تعرضت له من قبل موالين للنظام السابق، أو ممن يسرقون الكوابل الكهربائية لغرض بيعها”.

ولا يُغفل بلال الدور الذي لعبه رفض الشركات الأجنبية المختصة بالصيانة دخول ليبيا بعد التحرير مباشرة، بحجة عدم توفر الأمن، الأمر الذي ادى بحسب رأيه إلى تدهور الخدمة.

لكنه يلقي باللائمة أيضا على النظام السابق الذي لم يولِ اهتماما بتطوير الشركة، ويؤكد أنه “لم تكن للشركة إرادة مستقلة، فسياساتها كانت خاضعة لإرادة معمر القذافي وابنه محمد اللذين لم يرغبا أو يسعيا لإدخال تقنيات حديثة لتحسين الأداء”.

وفيما يعتبر زياد الزياني مهندس البرمجيات بشركة “رأس لانوف لتصنيع النفط والغاز”، ضعف الخدمات وعدم وصول الانترنت إلى السرعة المتعاقد عليها إخلالاً بالعقود التي وقعها المشتركون مع الشركة، إذ تنص تلك العقود على وصول الخدمات لكل المشتركين وبممواصفات بعيدة عن ما هو واقع، يقر بلال بوجود تجاوزات في حق المشتركين، مبرراً ذلك بغياب ثقافة حماية المستهلك، وبأسلوب “عقود الإذعان” الذي كان سائداً فترة النظام السابق .

نصف الحصة بكامل القيمة

منعم دريلو مشترك بخدمة الواي ماكس، يشكو لـ “مراسلون” استغلال الشركة لحاجة المشتركين في حال نفاذ الحصة الشهرية للتحميل قبل انتهاء الشهر، ويقول “حينها أنا مجبر على دفع القيمة الكاملة للحصة بينما تمنحني الشركة نصف الحصة فقط”.

ويرد رئيس قسم الإعلام والنشر بالشركة على ذلك قائلاً إن “هذا قد يحصل نتيجة خطأ أو قصور في المنظومة، حتى أن بعض المشتركين تنفذ حصتهم الشهرية أحياناً رغم استهلاكهم لنصفها فقط”.

ولكن هل تصل أصوات منعم وغيره من المتضررين إلى إدارة الشركة؟

يجيب مراد بالنفي، فالشركة – بحسب قوله – لديها قصور في الموارد البشرية، ولا تُخصِص إلا ستة موظفين للرد على اتصالات مشتركيها الـ (250,000)، وتبقى المعارف الشخصية للمشتركين هي الطريقة الوحيدة لإيصال شكواهم.

مزيد من الضحايا

مع مناخ الحريات السائد في ليبيا بعد الثورة، ارتفعت شعبية الانترنت باعتباره كان عاملاً أساسيا من عوامل نجاحها، فضلاً عن كونه المصدر الأكثر سرعة وتنوعاً للأخبار والمعلومات، إلا أن شركة ليبيا للاتصالات والتقنية أوقفت بيع باقات الـ”واي ماكس”، ما رفع أسعارها في السوق السوداء من 160 (حوالي 80 دولار امريكي) إلى 500 دينار ليبي.

إيقاف يبرره بلال بمحاولة منع “وقوع مزيد من الضحايا” ، مضيفاً “نحن نعمل منذ ثلاثة أشهر على تركيب هوائيات جديدة، وستعود عمليات البيع بعد حل مشاكل الشبكة وتجهيزها بالكامل في شباط/فبراير 2013، وعندها سنصدر أربع باقات من الواي ماكس، وأربع أخرى للـ”أي دي إس أل” (انترنت الهاتف الأرضي)، بحصص شهرية متنوعة، ليتحصل كل مشترك على الحصص التي تناسب احتياجاته”.

ومع تعالي الأصوات المطالبة بوقف الاحتكار وفتح سوق الانترنت الليبي أمام الشركات الأجنبية، فإن أسئلة تُطرح حول قدرة الـ LTT)) على تغيير سياساتها الحالية.

“السلطات الانتقالية ترغب باستمرار الاحتكار المفروض من النظام السابق، لذلك لن تتغير السياسات، كما أن الشركة لا تملك إرادة حرة، بل هي رهن إرادة الشركة القابضة التي تتبعها شركة ليبيا للاتصالات (الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة)” يقول مراد.

ويضيف متسائلاً “هل بإمكان الشركات المحلية تقديم خدمة عالية الجودة تُغني عن دخول الشركات الأجنبية كما هو موجود بدولة الإمارات العربية المتحدة لكي تستفيد الدولة من المداخيل الكبيرة لقطاع الاتصالات؟”.

نحتاج إلى قائد اوركسترا!

يبدو الوضع داخل الشركة ملتبساً من الناحية التنظيمية، فرئيس مجلس إدارتها هو نفسه المدير التنفيذي، ما يعتبره مراد “إخلالاً بتوازن الصلاحيات فالشكاوى من رئيس مجلس الإدارة تُقدم له باعتباره المدير التنفيذي، وذلك يجعل من الخصم قاضياَ”.

ويكشف مراد لـ “مراسلون” وجود حالة من عدم الانسجام بين الموظفين والإدارة القادمة من خارج البلاد.

ويقول إن “إدارات الخارج (رغم تكونها من ليبيين) لا تنسجم مع  بيئة العمل غير المؤسسة تأسيساً جيداً، وهو مايُحول شخصاً ناجحاً في مؤسسة خارج ليبيا إلى شخص حائر أو مجرد موظف عادي”.

ويوضح أن “رئيس مجلس الإدارة الحالي القادم من الخارج (سعد كشير) لم يعتد مشاكل وطبيعة العمل في الشركة” وأن “الشركة خاسرة منذ عام 2005 وتمر بمرحلة أزمة ونحتاج من يدير هذه الأزمة، نحتاج قائد اوركسترا”.

هذه الحالة من عدم الانسجام ولدت مخاوف لدى مراقبين من أن يتعرقل مشروع شبكة الجيل القادم (NGBN)، وهي شبكة ألياف بصرية يراد لها مع منتصف العام القادم أن تغطي عموم ليبيا بسرعة 100 ميغا بايت، ما سوف يسهل خدمات الطرف الثالث، كبث قنوات تلفزيونية ودروس التعليم المنزلي عبر الانترنت.

ويقول مراد إن “نجاح المشروع مرهون بعدم الاصطدام بواقع السياسات داخل الشركة”.

وفي حين تزيد أوضاع البيت الداخلي للشركة من إحباط المشتركين الذين بدأ صبر بعضهم ينفد، يقول المهندس زياد الزياني إن الشركة “ليست الأفضل لكنها الوحيدة”، خلافا لشعارها الإعلاني.