أبدى المؤتمر الوطني العام الليبي مرونة بموافقته على تشكيلة رئيس الوزراء علي زيدان يوم 30 من تشرين اول/أكتوبر الماضي، رغم تحفظ أعضائه على 14 وزيرا، لأسباب أغلبها يتعلق إما بالذمة المالية أو الانخراط في النظام السابق.
إلا أن مسلحين اقتحموا مقر المؤتمر الوطني معترضين على بعض وزراء زيدان، ومن أبرزهم وزير الخارجية علي الأوجلي الذي كان يعمل سفيراً لليبيا لدى الولايات المتحدة الأمريكية في عهد القذافي، مما اضطر المؤتمر لتأجيل جلسة المصادقة إلى الأربعاء 31 أكتوبر.
أبدى المؤتمر الوطني العام الليبي مرونة بموافقته على تشكيلة رئيس الوزراء علي زيدان يوم 30 من تشرين اول/أكتوبر الماضي، رغم تحفظ أعضائه على 14 وزيرا، لأسباب أغلبها يتعلق إما بالذمة المالية أو الانخراط في النظام السابق.
إلا أن مسلحين اقتحموا مقر المؤتمر الوطني معترضين على بعض وزراء زيدان، ومن أبرزهم وزير الخارجية علي الأوجلي الذي كان يعمل سفيراً لليبيا لدى الولايات المتحدة الأمريكية في عهد القذافي، مما اضطر المؤتمر لتأجيل جلسة المصادقة إلى الأربعاء 31 أكتوبر.
وبعد الموافقة على تشكيلة زيدان بعدد 105 صوتاً من أصل 132 نائباً حضروا جلسة التصويت، تبادل أمن المؤتمر إطلاق النار مع مسلحين من عدة مناطق محيطة بطرابلس، تواجدوا في محيط المقر للاحتجاج على التشكيلة الحكومية التي وصفوها بأنها “حكومة أزلام”، مما أسفر عن رفع الجلسة وخروج النواب كل على طريقته.
السلاح أم الديمقراطية
الصحفي السابق بفضائية “الجزيرة” القطرية اسماعيل القريتلي، يرى أن مجموعات مسلحة من الثوار لم يدركوا أن ليبيا بعد انتخابات 7 تموز/يوليو الماضي وفق الإعلان الدستوري قد دخلت مرحلة العملية السياسية بشرعية المؤتمر الوطني، وأن الاعتراض على التشكيلة الوزارية يجب أن يتم عبر الوسائل السلمية من مظاهرات واحتجاجات للضغط على أعضاء المؤتمر الوطني.
وأضاف أن “هيئة النزاهة والوطنية أعلنت أنها ستفحص السير الذاتية لوزراء زيدان، وستخرج نتائج تقصيها خلال الأسابيع القادمة”.
ويعتقد القريتلي أن على المحتجين “الرجوع خطوة إلى الوراء والتفاوض مع زيدان بطرق تتناسب والتحول الديمقراطي الذي آلت إليه ليبيا”، منتقداَ في ذات الوقت استعمال “القوة الخشنة” من قبل مقاتلين سابقين، والتي لا ينبغي أن تملكها إلا الدولة عبر سلطة منتخبة.
من التنافس إلى التوافق
بينما اعتبر رئيس المكتب السياسي لحزب العدالة والبناء في ليبيا عماد البناني، أن حالة التململ التي تمر بها ليبيا ناتجة عن فشل القوى السياسية الرسمية والنخب في تحقيق قدر من الاستقرار، ما أدى لخروج قوى سياسية غير رسمية تملك السلاح والمال محاولة إعادة ترتيب موازين القوى خارج السلطة الرسمية.
وأوضح البناني أن “فشل المؤسسات الرسمية في السنة التالية لانتصار الثورة في تحقيق التوازن المطلوب، سيجعل الشارع يتعامل مع القائمين عليها بشدة وقسوة، وسيزيد من معدلات التوتر”.
وأضاف أن “المطلوب من القادة السياسيين تحقيق أكبر قدر من المصالح في زمن قياسي، بمهارة عالية، وتجاوز التنافس السياسي إلى التوافق، وهذا غير متوفر في القيادات السياسية الحالية” على حد تعبيره.
وأرجع البناني سبب تعثر زيدان في تشكيل الحكومة، إلى اعتماده أسلوب المحاصصة بين القوى السياسية الرسمية، “مهملاً هيئات غير رسمية تملك المال والسلاح، سواء كانت من الثوار أو مجموعات تدين بالولاء للنظام السابق”، على حد قوله.
وكان على زيدان بحسب البناني أن “يرعى حالة المحاصصة لا أن يقودها”، بجمع أطراف المعادلة السياسية الرسميين وغير الرسميين للتفاهم فيما بينهم، وأن يتم توزيع عناصر السلطة بين “اللاعبين الجدد”، وإبداء الاهتمام بالثوار، وهذا ما افتقده زيدان في تشكيله للحكومة.
إرباك عام
صلاح المرغني وزير العدل في تشكيلة زيدان، يعتقد من جانبه أن الحكومة الجديدة نالت أغلبية كبيرة من المؤتمر الوطني، وأن قانون النزاهة والوطنية يُلزم بعرض ملف من يتولى منصباً عاماَ أو سيادياً على هيئة النزاهة، وبهذا لا مبرر للاعتراض على الحكومة والتلويح باستخدام السلاح.
وقال المرغني، إنه من غير الممكن في النظام الديمقراطي الحصول على إجماع عام، بل بالأغلبية تُشكل الحكومات وتُنتخب البرلمانات، وبسبب حداثة التجربة الديمقراطية ووجود قوى سياسية لا تتعاطى مع الآلية الديمقراطية في ليبيا، حدث “إرباك عام”.
وأرجع المرغني سرّ الاعتراض على التشكيلة الجديدة إلى “الصراع السياسي المنصب على المصالح الضيقة، مما سيكون له مخاطر على الاقتصاد والسلم الاجتماعي والأمن”.
وحذر الوزير الثوار من مواجهة الشارع في حال عدم تأطير مطالبهم بصورة شرعية خالية من استخدام السلاح، وعدم الاعتراف بالخارطة السياسية المرسومة وفق الإعلان الدستوري، لكنه توقع أن يكون قادة الثوار “على قدر عال من المسؤولية حيال الاستحقاقات الوطنية”.
حالة احتقان
أستاذ علم الاجتماع بجامعة عمر المختار رمضان بن طاهر، نوه إلى أن الثورة الليبية لم تطح بكل عناصر النظام السابق، بسبب سياسات احتواء المجلس الانتقالي السابق والمؤتمر الوطني الحالي لهذه الرموز مما ولد حالة احتقان لدى الشارع ومجموعات من الثوار.
وهذا حسب تقدير بن طاهر قد يؤدي إلى العنف كردة فعل، إذا ما تجاهل المؤتمر الوطني قطع الصلة مع رجالات النظام السابق، باعتبار أن الثورة بدأت بالعنف كردة فعل هي الأخرى.
وأشار إلى أن “فقدان الثقافة المدنية والسياسية عند الليبيين سيكون طريقا للتأجيج، كونه لن يمر قرار كما كان في النظام السابق من دون مواجهة اعتراضات عنيفة”.
مأزق سياسي
وأكد عضو المؤتمر الوطني محمد الزروق أن زيدان بإصراره على وزراء محسوبين على النظام السابق أوصل العملية السياسية لهذا المأزق.
وأشار الزروق إلى أن زيدان اعتمد على التوافق بين الكتل السياسية على شخصه، تحفظ الشارع والمحاربين والمؤتمر على تشكيلته.
كما لمَّح إلى وزير الأوقاف المرشح من تحالف القوى الوطنية، والذي جيء به بحسب الزروق ليشكل جبهة مضادة لدار الإفتاء ذات التوجه السلفي المحافظ. مؤكداً أن تحالف القوى الوطنية حريص على السيطرة على الوزارات “ذات العلاقة بالحياة الروحية والفكرية والثقافية”، لخلق “أزمات لا تتناسب مع هشاشة الدولة وسيولة المؤسسات” على حد تعبيره.
وقد ضمنت تشكيلة زيدان بحسب تصريحاته في وسائل إعلامية مختلفة مشاركة كافة الكتل السياسية، موضحاً أن كلاً من تحالف القوى الوطنية وحزب العدالة والبناء حصل على خمس وزارات ونائبين، فيما حصل حزب الجبهة الوطنية على وزارتين، وكلّف بالوزارات السيادية مستقلون ستخضع وزاراتهم لإشرافه المباشر.