في الجزء الثالث من حوار “مراسلون” مع السيد مصطفى عبد الجليل يعترف بأنه كان دكتاتورياً في فرض تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري بحيث يتم انتخاب الهيأة التأسيسية التي ستضع الدستور مباشرة من قبل الشعب عبر صناديق الاقتراع.

ويقر بأن ذلك كان في إطار صفقة مع دعاة الفيدرالية مقابل انسحابهم من الوادي الأحمر والموانئ النفطية. كما يروي قصته مع المرأة  “السافرة” التي طردها من حفل تسليم السلطة.

وفيما يلي تفاصيل أكثر:

في الجزء الثالث من حوار “مراسلون” مع السيد مصطفى عبد الجليل يعترف بأنه كان دكتاتورياً في فرض تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري بحيث يتم انتخاب الهيأة التأسيسية التي ستضع الدستور مباشرة من قبل الشعب عبر صناديق الاقتراع.

ويقر بأن ذلك كان في إطار صفقة مع دعاة الفيدرالية مقابل انسحابهم من الوادي الأحمر والموانئ النفطية. كما يروي قصته مع المرأة  “السافرة” التي طردها من حفل تسليم السلطة.

وفيما يلي تفاصيل أكثر:

س- هل أنت راضٍ عن تعاملك مع قضية الفيدرالية؟ ألم يكن من الأجدى أن تدعو إلى مائدة حوار وطني عقب إعلان برقة؟

ج- ومن قال أننا لم ندعُ إلى حوار؟ لقد دعينا إلى ذلك وأحضرنا قادتهم إلى مدينة البيضاء وتحاورنا معهم.

س- لكن هذا الدعوة للحوار لم تكن ردة فعلكم الأولى؟

ج- الخطاب الأول للفيدراليين كان خطاب تقسيم واضح واعتقد أن كل شخص كان يعي ذلك ولم يكن خطاباً مسيساً ولا وطنياً فقد أنشؤوا جيش ومجلس لإقليم برقة وهذا كله انفصال. الخطاب كان غير صحيح وكان من الممكن أن يؤدي للفتنة لكن الليبيين انحازوا للوطن وتركوهم لوحدهم وأصبح المشروع يضمحل و يضمحل حتى انتهى.

س-  ما الذي جرى عند زيارة أحمد الزبير السنوسي (رئيس مجلس برقة) لك من أجل التهنئة بسلامتك بعد إجراءك لعملية جراحية؟

ج- زارني في المستشفى، ثم التقينا في منزل أحد الأصدقاء وكان معه “جماعته” الذين يدفعونه إلى هذا الكلام، حيث كان معه عبد الحميد جبريل والنمر وعبد الجواد البدين وفضل الله الشهيبي، أما هو فلم يتكلم كثيراً في ذلك اليوم. حاولنا معهم الوصول إلى اتفاق فيما يتعلق بنجاح الانتخابات والحمد لله نجحت الانتخابات، حيث توصلنا إلى نوع من التهدئة، وأشكرهم على  تهدئتهم للأوضاع يوم الانتخابات. صحيح أن الأوضاع كانت حرجة  قبل الانتخابات، لكن يوم الانتخابات عندما أطلعناهم أن عدم نجاحها سيوصل الليبيين إلى الوقوع تحت الفصل السابع والوصاية فضلوا أن ينحازوا للوطن.

س- هناك من يقول أن هذه التهدئة كانت صفقة سياسية بين المجلس الانتقالي والفيدراليين مقابل تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري بحيث يتم انتخاب أعضاء لجنة إعداد الدستور من قبل الشعب وليس من قبل أعضاء المؤتمر الوطني؟

ج- ذلك لم يكن صفقة لأنها كانت علناً، ومن خلال الحوار والتشاور كانت لديهم بعض المطالب التي أخبرناهم بقدرتنا على تحقيق بعضها وعدم القدرة على تحقيق البعض الأخر، وفي سبيل الوطن عدلنا المادة 30 بحيث تُنتخب الجمعية التأسيسية ولا تُختار، وكان ذلك من ضمن الطلبات التي قدموها.

س- هل كان هذا التعديل مقابل أن ينسحب الفيدراليون من الوادي الأحمر والموانئ النفطية؟

ج- نعم.

س-  صرح الدكتور فتحي البعجه الرئيس السابق للجنة السياسية بالمجلس الانتقالي لإحدى القنوات الفضائية بأن الإخوان المسلمين قاموا بانقلاب فوقي على رئاسة المجلس الانتقالي. ما ردك على ذلك؟

ج- فتحي البعجه رجل مناضل من مناضلي المجلس الانتقالي الأوائل، له الحق أن يقول ما يشاء، لكن بالنسبة لقرارات المجلس لم تتخذ إلا بالأغلبية، والقرار الوحيد الذي أتحمل مسئوليته وكنت دافعاً له بشكل قوي وحاولت إقناع الكثيرين بضرورة تمريره لصالح الوطن، هو قرار تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري، وغير ذلك فإن الأمور كانت ديمقراطية ولم يكن للإخوان سيطرة تذكر. صحيح أنه كان لهم بعض التحيز لبعض الأفكار ولأنفسهم، لكن لم يكن لهم آثر في صدور القرارات. جلسة التعديل قمت بفرضها و لأول مرة أكون “دكتاتوري”، وخاطبتهم بالقول “يا أخوان إنها مصلحة الوطن”، وانحاز إلي بعض أعضاء المجلس وعدلنا نص المادة.

س- كم كان عدد الحاضرين من أعضاء المجلس الانتقالي في جلسة تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري؟

ج- النصاب لم يكن مكتملاً، والحاضرون كانو 47 عضواً تقريباً، وافق منهم 32 عضواً.

س-  خلال حفل نقل السلطة إلى المؤتمر الوطني العام طلبت من مقدمة الحفل مغادرة القاعة واستبدلتها بمقدم رجل، هل كانت هناك رسالة ما أردت إيصالها؟

ج- خلال شهر رمضان مكثت في مدينة البيضاء لسببين، الأول أنني كنت أتابع الطعون وكنت متخوفاً من قيام محكمة ما بإلغاء الانتخاب في ما يتعلق بالأحزاب، وكنت موجوداً بالمنطقة الشرقية وأعلم مدى جراءة قضاتها، خاصة بعد الحكم الصادر في بنغازي والقاضي بعدم قانونية تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، وذلك كان ضربة موجعة من القضاء الليبي الذي ظل نائماً خلال فترة الحرب ثم صحا فجأة وأصدر هذا الحكم، لكننا استدركنا ذلك بشكل قانوني.

أما السبب الثاني هو تهافت وتزاحم بعض أعضاء المجلس الانتقالي على بعض الوظائف، وأذكر أن أحمد الدايخ عضو المجلس عن مدينة البيضاء قال أنني عينت بعضهم سفراء، في حين أنني استلمت قوائم بهذا الخصوص ولم أعتمد أياً منها.

المهم أنني مكثت بمدينة البيضاء تحاشياً لإحراجات أعضاء المجلس المطالبين بالعمل كسفراء ومدراء للشركات الاستثمارية والحصول على مهمات، ولم أتمكن من البقاء بطرابلس لحضور الاستعدادات للحفل.

كنت على تواصل مع المهيئين لحفل التسليم والاستلام، وكان مقرراً أن يكون مقدم الحفل شخص يدعى “طارق بوزقيه”، وعند وصولي إلى هناك يوم الأربعاء فوجئت بإبدال المذيع بمذيعة، فاشترطت أن ترتدي “محرمة” (غطاء رأس).

في الحفل فوجئت بأنها سافرة فبعثت لها رسالة مع نائب الرئيس مصطفى الهوني وراء الكواليس لإخبارها بضرورة ارتداءها غطاء للرأس، لكنها رفضت وخرجت للقاعة من جديد ما أحدث نوعاً من الاستهجان من قبل أعضاء المؤتمر الوطني، فأمرتها بالتوقف وتم استبدالها.

الأمر لم يكن حرية شخصية في تلك الفترة لأنه حفل تشهده ليبيا لأول مرة ويجب أن يكون في الإطار الإسلامي الذي نسعى له ولا يمكن أن تقوم امرأة سافرة بتقديم الحفل، وللأمانة فقد كانت مؤدبة واستجابت للأمر.