قبل الثورة كان جاكوب لولوش مشهورا بمطعمه “كاشير” الذي يقدم الوجبات على الطريقة اليهودية. أما بعدها، فصار أحد رموز هذه الأقلية في العاصمة، خصوصا بعد أن رشح نفسه في تشرين أول/ أكتوبر العام الماضي لانتخابات المجلس التأسيسي، ولو أنه لم يحظ بالفوز.

في الآونة الأخيرة يتصبّ نشاط جاكوب على الاهتمامات الثقافية، لذا أنشأ جمعية “دار الذكرى للحفاظ على التراث اليهودي التونسي”، منطلقا من أن تاريخ اليهود جزء لا يتجزَأ من تاريخ تونس.

قبل الثورة كان جاكوب لولوش مشهورا بمطعمه “كاشير” الذي يقدم الوجبات على الطريقة اليهودية. أما بعدها، فصار أحد رموز هذه الأقلية في العاصمة، خصوصا بعد أن رشح نفسه في تشرين أول/ أكتوبر العام الماضي لانتخابات المجلس التأسيسي، ولو أنه لم يحظ بالفوز.

في الآونة الأخيرة يتصبّ نشاط جاكوب على الاهتمامات الثقافية، لذا أنشأ جمعية “دار الذكرى للحفاظ على التراث اليهودي التونسي”، منطلقا من أن تاريخ اليهود جزء لا يتجزَأ من تاريخ تونس.

أما فيما يخص الفيلم المسيء للرسول وما أثاره من جدل، فيقول إنه كان من الأفضل عدم الوقوع في فخ ردة الفعل، “إذ ليس من المعقول أن يتنازع الناس على أمور متعلقة بالديانات والرَب”، على حد قوله.

موقع “مراسلون” التقى الناشط اليهودي التونسي جاكوب لولوش، وفيما يلى نص الحوار.

 

س: كيف تعرفون جمعية “دار الذكرى للحفاظ على التراث اليهودي التونسي”؟

ج: تكونت الجمعية في 28 كانون الثاني (يناير) 2011 مما يعني انها أول الجمعيات بعد الثورة، ولكنها لم تكن وليدة تلك اللحظة بل كانت الفكرة موجودة منذ سنوات، لكن وفي كل مرة نتقدم بطلب للترخيص القانوني يقع تعطيل الإجراءات. بعد الثورة وجدنا الفرصة لإنشائها، وذلك باعتبار أن التراث اليهودي التونسي جزء لا يتجزأ من تاريخ تونس.

س: هل نفهم من اسم جمعيتكم أن التراث اليهودي التونسي مهدد بالتلاشي؟

ج: لا ليس مهدَدا، نحن نريد إظهار مدى أهمية التراث اليهودي التونسي ومكانته في تاريخ تونس، ونقوم بجمع رموز هذا التراث ويساعدنا في ذلك تونسيون مسلمون ويهود. وفي اعتقادي جمعيتنا تمثل تونس بامتياز، حيث تضم أشخاصا ليس لديهم نفس الثقافة ولا يعتنقون نفس الديانة ولكنهم متَحدون للحفاظ على التراث اليهودي التونسي ومن ورائه كنزنا، وتاريخ بلادنا تونس.

س: أنت صاحب مطعم يسمَى “كاشير” هل يصب في خانة الحفاظ على التراث اليهودي التونسي؟

ج: المطعم عمره الآن 17 عاما ويمكن القول أنه اول حجر في الجمعيَة، وبالمناسبة أكلة كاشير تعني أكلة “حلال” بالعربية وتشير إلى أن مطعمنا يقدم فقط الأكلة اليهودية الحلال طبقا لديانتنا وهو الوحيد في تونس.

س: كيهودي تونسي كيف يمكن ان تصف وضع اليهود في تونس بعد الثورة في ظل حكم حزب إسلامي؟

ج: يوجد فرق بين وضع اليهود قبل وبعد الثورة، فقبلها كان النظام يستعملهم كأداة زينة فقط وبعد الثورة ككل التونسيين أرادوا الإمساك بزمام مستقبلهم و الحفاظ على تاريخهم. شخصيا صار باستطاعتي إظهار نفسي في الإعلام كيهودي والتحدث كما أشاء دون أمر رئاسي كما في السابق. أما بالنسبة لحكم الإسلاميين فهذا يعني كل التونسيين دون استثناء، ولنا نفس المشاكل والمطالب تقريبا ويجب علينا أن ندافع على ما قدم الشهداء أنفسهم لبلوغها من حرية كرامة، وإذا ما أراد أغلبية التونسيين انتخاب حزب ذو مرجعية إسلامية فمرحبا مادام الجميع متعايش بسلام.

المشكلة تكمن فقط إذا ما ارادت حركة النهضة تشكيل دكتاتورية جديدة وصياغة دستور وفقا لأهوائها وفكرها، لذلك فإن الأهم في اعتقادي هو التداول السلمي للسلطة والخروج بدستور يضمن كل الحقوق والحريات خاصة حقوق المرأة. واتساءل هنا: لِمَ لا نرى قريبا امرأة على رأس الحكومة؟

س: هل ترون انه يجب التنصيص على حقوق الأقلَيات الدينيَة في الدستور الجديد للبلاد؟

ج: أنا أرى أن هذا الدستور يجب أن لا يخصص بالذّكر أقلَيَة معينة ما دام الجميع يتمتَعون بالجنسيَة التونسيَة. ومن هنا يجب أن نتحدَث على حقوق كل التونسيين ممَا سيفضي ضرورة الى التطرق إلى حرَية المعتقد والحريات الدينية عموما، بحيث لا يمكن لأحد فرض دين أو أي ممارسة متصلة بإحدى الديانات على أحد.

ومادام ستكون هناك حرية في تطبيق دين الأغلبية، ألا وهو الإسلام، فهناك ضرورة أن يمنح الآخرون حق اعتناق أو تطبيق دين آخر سواء كانت اليهوديَة أو المسيحيَة. وقبل كل شيء أنا تونسي وكل ما أريده أن أكون حرَا بالاحتفال برأس السنة اليهودية مثلا.

س: ماهو تعليقكم على الفيلم المسيء للرسول و ما أثاره من عنف في الدول الإسلامية ؟

ج: اعتبر أن الجدل الذي أثاره الفيلم ليس في محلَه، فليس من المعقول أن يتنازع الناس على أمور متعلقة بالديانات والرَب. وفي تقديري كان من الأفضل أن نفكر في مستقبلنا ومستقبل أبنائنا إضافة على انه لا يوجد أي مستفيد مما حصل سواء كانوا مسلمين أو يهود أو مسيحيين. وهنا لا أتحدث كيهودي بل عبد للإله، فالإجابة على استفزاز بالعنف ليس حلاَ بل حقق ما يريده المستفزون. وعموما لدينا في تونس عديد المشاكل كالفقر والبطالة أرى أنها أهم من كل ذلك.

س: دعا أحد الغلاة في وقت إلى قتل اليهود الموجودين في تونس، كيف كان رد فعلكم حينها؟

ج: بطبيعة الحال لم أستسغ هذا التصرَف، ومثل هذه الدعوات المتطرَفة موجودة في كل البلدان ولكن الفرق انه في البلدان الديمقراطية توجد قوانين تطبَق على كل من تخوَل له نفسه التفوَه بمثل هذا الكلام وهذه القوانين موجودة في تونس، ولكن لا يتم تطبيقها لأننا ببساطة نمر بفترة حسَاسة على كل المستويات مما يجعل الحكومة تتعامل بحذر مع بعض المواضيع. هذا سيفسح المجال لتجاوزات عنصرية ومتطرَفة في المستقبل.

س: كيف استقبلتم دعوة احد المسؤولين الإسرائيليين ليهود تونس للعودة إلى إسرائيل بعد اعتباره أنكم في خطر؟

ج: هذه الدعوة تندرج ضمن سياسة الاستعراض. أعرف أن هناك قانون في إسرائيل معروف بـ “قانون العودة”، يبيح لكل من له نسب يهودي ان يسافر للعيش بإسرائيل. وقلت يومها ساخرا أنه يجب عليهم أن يحذروا لأنهم سيجدون 8 ملايين تونسي على حدودهم يمكن أن يكون لهم نسب يهودي واقصد هنا انه لا يمكن الفصل بين التونسيين واليهود بعد مئات السنين من التعايش والاحتكاك. عموما ما استطيع قوله لهم أن يتركوا يهود تونس بسلام مثلما يجب على التونسيين أن يتركوا اليهود يعيشون بأمان في بلدهم ويتمتَعون بنفس الحقوق التي يتمتَع بها التونسيون المسلمون.

س: في النهاية كيهودي تونسي ما هي تخوفاتك وماهي أهمَ مطالبك؟

ج: كتونسي أولا أقول أن تخوَفاتنا تتلخَص في ضياع بصيص الأمل الذي اطل يوم 14 جانفي 2011، وكل ما نسمو إليه من حريَة وكرامة والمحافظة على مكتسباتنا اللامادية بطبيعة الحال، وكيهودي لا أرى أي داعي لتخوَف بشكل خاص مختلف عن مخاوف كل التونسيَين.

 س: لكن القانون التونسي يميَز بين التونسي اليهودي والتونسي المسلم؟

ج: نعم، مثلا بالنسبة لرئاسة الجمهورية الذي يجب أن يكون مسلما وهذا أتفهَمه ولا أرى أي ضير فيه ويمكن القول أننا تعودنا على بعض التمييز.