جريمة اغتيال رئيس أركان الجيش الليبي اللواء عبدالفتاح يونس العبيدي التي وقعت قبل تحرير العاصمة الليبية بقرابة شهر، ما زالت تطرح التساؤلات وتثير الشبهات التي طالت حتى بعض رموز الثورة.

اللواء الذي كان رئيساً للقوات الخاصة، وآخر وزير داخلية في نظام القذافي، ومن أوائل القادة العسكريين الذين انضموا لثورة الشعب الليبي، شكلت قصة اغتياله التي وقعت في 28 تموز/يوليو 2011 صدمة كبيرة للرأي العام، إذ كان يعول عليه في تأسيس جيش وطني يضطلع بمهام الأمن والدفاع حتى بعد انتصار الثورة.

جريمة اغتيال رئيس أركان الجيش الليبي اللواء عبدالفتاح يونس العبيدي التي وقعت قبل تحرير العاصمة الليبية بقرابة شهر، ما زالت تطرح التساؤلات وتثير الشبهات التي طالت حتى بعض رموز الثورة.

اللواء الذي كان رئيساً للقوات الخاصة، وآخر وزير داخلية في نظام القذافي، ومن أوائل القادة العسكريين الذين انضموا لثورة الشعب الليبي، شكلت قصة اغتياله التي وقعت في 28 تموز/يوليو 2011 صدمة كبيرة للرأي العام، إذ كان يعول عليه في تأسيس جيش وطني يضطلع بمهام الأمن والدفاع حتى بعد انتصار الثورة.

هذه القضية شابها كثير من الغموض، ولا زالت تتداول في أروقة القضاء الليبي ولم يبت فيها بشيء، مع العلم أنه تم إصدار لائحة اتهام ضمت سبعة عشر اسماً، يشك في ضلوعهم في العملية بشكل أو بأخر.

توجه “مراسلون” إلى منزل عائلة الفقيد، والتقى أبناءه الثلاثة الذين عبروا عن لومهم الشديد للحكومات المتتالية التي لم تولِ التحقيق في هذه القضية الاهتمام الذي تستحقه، للوقوف على مرتكبي الجريمة.

ورشحوا لنا لقاء ابن عمهم محمد حامد بصفته المتحدث الرسمي حول القضية ليروي لنا آخر ماتم الوصول إليه في التحقيقات. وهنا نص المقابلة:

س- أين وصلت التحقيقات في القضية؟

[ibimage==2168==Small_Image==none==self==null]

محمد حامد

ج- التحقيقات الجنائية وصلت إلى طريق مسدود، لأن المجلس الوطني الانتقالي الذي كان مسيطراً على مقاليد الحكم في البلاد أثناء وقوع الجريمة، كان يتعمد التكتم والتعتيم حول القضية، لدرجة أن أعضاء ووكلاء النيابة في المحكمة العسكرية أبدوا تذمرهم واستيائهم من عدم التعاون معهم لاستكمال التحقيقات.

وجدير بالذكر أن التحقيقات في النيابة المدنية كانت تسير بشكل جيد جداً، غير أن المجلس الانتقالي قام بنقل القضية إلى النيابة العسكرية، وكان واضحاً من ذلك أنه يحاول تمييع القضية وتعطيلها.

ونفس الشيء حدث في التحقيقات الجنائية، فكلما تم إحراز تقدم في القضية يقوم المجلس بتعطيل الموضوع بشكل أو بآخر.

اليوم بعد خروج المجلس الوطني الانتقالي من الحكم وتسليمه مقاليد الأمور للمؤتمر الوطني العام، طرأت بعض التغييرات في مجرى الأمور، حيث تحصلنا على وعود من بعض أعضاء المؤتمر الوطني العام، وعلى رأسهم الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر، بأن هذه القضية هي القضية الأولى بالنسبة إليهم، وبمجرد تشكيل الحكومة سيتم طرحها لأنها قضية دولة ووطن.

س- تضاربت الروايات حول الطريقة التي تم بها استجلاب اللواء من الجبهة ومن ثم تصفيته، فما هي الرواية التي تملكونها؟

ج- اللواء يونس تم استدعاؤه للقدوم من الجبهة والمثول أمام لجنة تحقيق، والطريقة التي تم بها استجلابه كانت غوغائية، بحيث أتت قوات من الثوار تابعة للمجلس الوطني، ومن بينها كتيبة أبي عبيدة بن الجراح التي نفذت أمر التصفية، وكانت هذه القوات بقيادة شخص يدعى مصطفي الربع، وقادته إلى غرفة العمليات في مدينة اجدابيا في المساء.

قبل أن يذهب اللواء معهم قام ببعض الاتصالات للتحقق من صحة الأمر، حيث اتصل بنائب رئيس المكتب التنفيذ علي العيساوي، فأخبره بأنه هو من أصدر الأمر وأن عليه أن ينفذه فامتثل اللواء للأمر.

تم إحضاره إلى معسكر قاريونس في مدينة بنغازي، وبعدها تم نقله إلى معسكر الشرطة العسكرية، وهو مقر كتيبة أبي عبيدة بن الجراح التي لقي فيها حتفه مع رفيقيه، بعد قدوم الأوامر إلى الجنود بقتله عن طريق اتصال هاتفي لا نعلم من صاحبه.

ولم نعلم بنبأ موته إلا من خلال شاشات القنوات المرئية كغيرنا من الليبيين.

س- كيف تم إصدار قرار القبض على اللواء يونس؟

ج- قرار القبض الذي اتخذه المستشار مصطفى عبدالجليل كان مبنياً على مجموعة تقارير تم تقديمها إليه من بعض الجهات الأمنية أيام المكتب التنفيذي، ومن بين هذه الاتهامات لقاء مزعوم تم بين اللواء يونس وعبد الرحمن الصيد أحد رجالات القذافي.

ومن حسن الحظ أن بعض الوطنيين الذين كانوا قريبين من المجلس الانتقالي، كانوا على علم بتفاصيل هذا اللقاء، والذي تم بتكليف من مصطفى عبد الجليل، حيث أرسل اللواء يونس إلى روما لإجراء ذلك اللقاء.

أيضا من التهم التي وجهت ليونس التسبب في نقص الذخائر علي الجبهة الشرقية، ونحن عندنا من المراسلات ما يثبت أن المستشار ووزير الدفاع ووكيله هم الذين كانوا مسؤولين على توزيع الذخائر وليس اللواء.

والحقيقة أن اللواء تم اغتياله قبل ذلك بكثير، بأن سحبت صلاحياته من قبل رئيس المجلس الوطني الانتقالي واقتصر دوره على الجانب المعنوي. 

ولهذا فقد قرر اللواء تقديم استقالته بعد الهجوم على البريقة، وإعلان تحريرها أمام الناس في ساحة الحرية ببنغازي، إلا أنه لم يفصح عن نواياه في العلن كي لا تتزعزع الروح المعنوية لدى الثوار الذين كانوا يثقون به.

س- هل تعتقد أن عملية الاغتيال كانت مؤامرة أم ثأراً من قبل بعض الجماعات الإسلامية التي تم ضربها من قبل نظام القذافي سنة 1996 في شرق ليبيا؟

ج- بنظري هي مؤامرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى..أما بخصوص الأحداث التي ذكرتها فما لا يعرفه الناس أن اللواء تم سجنه لمدة شهر ونصف ثم وضع تحت الإقامة الجبرية لمدة عام كامل، وتم كذلك إسقاط رتبته من عقيد إلى مقدم لرفضه التورط في ضرب المدنيين في تلك الفترة، والذي استلم تنفيذ العمليات كان نائبه. 

س- من هم أبرز المتهمين في اغتيال يونس، وماهي الإجراءات التي اتخذت ضدهم؟

ج- نحن كولاة دم متهمنا الأول والرئيسي هو المستشار مصطفى عبدالجليل.

في بداية الأمر لم يكن عبدالجليل متهماً لدينا، ولكن من خلال اعترافات المتهمين الآخرين مثل الدكتور علي العيساوي – عضو المكتب التنفيذي سابقاً –، والشيخ سالم الشيخي – وزير الأوقاف السابق –، الذين قدما مذكرتين لولاة الدم شرحا فيهما روايتيهما للأحداث التي أدت لمقتل يونس، وقد خلص الاثنان إلى اتهام المستشار مصطفى عبدالجليل بالتدبير للعملية، حيث ورد في مذكرة العيساوي أن عبد الجليل هو من أصدر الأوامر باعتقال اللواء وتسليمه للجماعات التي قامت باغتياله.

 بينما ورد في اعترافات آخر متهم تم التحقيق معه في النيابة العسكرية أن مصطفى عبدالجليل هو من أصدر الأوامر باغتيال اللواء يونس، وإلى الآن لم يعقب عبدالجليل أي تعقيب على هذه الاتهامات.

التحقيق الإداري الذي تم في النيابة كان قد أدان المستشار عبدالجليل وعلي العيساوي بالضلوع في العملية، وأدان بالإهمال كلاً من: سالم الشيخي وجلال الدغيلي – وزير الدفاع –، ومحمد العلاقي – وزير العدل –، وأحمد حسين الضراط – وزير الداخلية –.

س- لماذا لم يتم اتهام رئيس المكتب التنفيذي الدكتور محمود جبريل بالإهمال على الأقل هو الآخر؟

ج- الدكتور محمود جبريل قال في بعض لقاءاته أنه مستعد أن يمثل أمام أي جهة قضائية بخصوص هذه القضية، ونحن الآن بصدد اتهام أي شخص كان مسؤولاً في تلك الفترة سواء من المكتب التنفيذي أو المجلس الانتقالي.

س- ما السبب في تأخر القضاء في البت في القضية برأيك؟

ج- من خلال حديثنا مع بعض المحامين والحقوقيين في ليبيا، اتفق الجميع على الاعتقاد بأن المجلس الوطني الانتقالي قد يقوم بتعطيل تفعيل القضاء في ليبيا عموماً بسبب قضية اللواء يونس.

س- ما مدى صحة الاتهامات الموجهة إليكم من نجل المستشار جمعة الجازوي في قضية اغتيال والده؟

ج- في الواقع لم يأتنا أي اتهام مباشر من قبلهم ولكن سمعنا بعض الإشاعات بهذا الخصوص، المستشار الجازوي – رحمه الله – لا زال متهماً بالنسبة لنا حتى هذه اللحظة، ولكننا كنا نأمل أن لا يتم القصاص منه إلا عن طريق القضاء.

نحن نعتقد أن الأيادي الخفية التي كانت وراء اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس هي أيضاً من قامت باغتيال المستشار جمعة الجازوي.

 ذلك أن الجازوي في الآونة الأخيرة قبل مقتله قام بالإدلاء بشهادته لدينا نحن أولياء الدم، وأفاد بأن لديه العديد من المستندات التي قد تدين المجلس الانتقالي، وقمنا بناءً على ذلك بتنسيق لقاء صحفي له على إحدى القنوات المرئية، ولكن تعذر ذلك لإصابته إثر محاولة اغتيال سابقة.

كنا نأمل أن يكون موجوداً بيننا اليوم لكي يستطيع إظهار الحقيقة، مع العلم أنه كان ينوي الإدلاء بشهادته بعد قدومه من الأردن، غير أن أيادي الغدر سبقته.

س- لكن الفترة بين اغتيال يونس والجازوي هي مدة طويلة، ألم تكن كافية لأن يقرر المستشار جمعة الاعتراف بما لديه من معلومات؟

ج- في الحقيقة هو لم يتواصل معنا إلا قبل اغتياله بعشرة أيام، وقمنا بتنسيق ظهور تلفزيوني له، وقد أكد لنا أن المستندات ستكون في أيدٍ أمينة حتى لو حدث له مكروه.

شخصياً أعتقد أنه قرر التواصل معنا بعد محاولة الاغتيال الأولى التي تعرض لها.

س- ماهي خطوتكم القادمة لتحريك القضية، أم انكم اكتفيتم بوعود المؤتمر الوطني العام؟

ج- طلباتنا التي قدمناها للمؤتمر الوطني العام تتمثل في وضع المتهمين تحت الإقامة الجبرية ومنعهم من السفر وعلى رأسهم المستشار مصطفي عبدالجليل، حتي يتم البت في القضية وإظهار برائتهم أو إدانتهم وتنفيذ الأحكام فيهم.

في الحقيقةً هذه القضية هي الفيصل في إثبات قوة ونزاهة القضاء الليبي، إن نجح في إظهار الحقيقة وتنفيذ الأحكام في من تثبت إدانتهم مهما كانت صفاتهم، وإلا فلن تقوم للقضاء قائمة في بلادنا..