استطاعت المذيعة المصرية فاطمة نبيل تحقيق حلمها الذي يراودها منذ عشرة سنوات وأصبحت أول مقدمة نشرة أخبار محجبة تظهر في التليفزيون المصري. الحلم الذي تحطم على صخرة النظام القديم، بُعث مرة أخرى بعد الثورة، وتحقق بعد تولي وزير إخواني وزارة الإعلام.

استطاعت المذيعة المصرية فاطمة نبيل تحقيق حلمها الذي يراودها منذ عشرة سنوات وأصبحت أول مقدمة نشرة أخبار محجبة تظهر في التليفزيون المصري. الحلم الذي تحطم على صخرة النظام القديم، بُعث مرة أخرى بعد الثورة، وتحقق بعد تولي وزير إخواني وزارة الإعلام. إلا أن المذيعة الطموحة فوجئت بعد تحقيقها لحلمها بضجة كبيرة حولها و بإعتراض البعض على قرار ظهور المحجبات على شاشة واصفين ما حدث بمحاولة “أخونة الدولة”، وهو ما اعتبرته اتهاما سخيفا في هذا الحوار، لأنها لا تنتمي للإخوان، مضيفة أنه من العبث اعتبار تعيين محجبات في الدولة علامة على “أخونة الدولة”، لأن هذا يعني أن الأغلبية العظمى من النساء المصريات، وهن محجبات، ينتمين للجماعة.

 

تمكنت من تحقيق المستحيل والحصول على لقب أول مقدمة نشرة أخبار محجبة .. فكيف استقبلت قرار وزير الإعلام صلاح عبد المقصود بظهور محجبات على شاشة التلفزيون المصري؟

لا يمكن أن أصف لك مدى سعادتي عندما علمت بأنني بدأت في تحقيق حلم كان يراودني منذ أكثر من عشر سنوات، فعندما أصدر وزير الإعلام هذا القرار وطلب من المسئولين في ماسبيرو بتفعيله بأقصى سرعة  تأكدت أن الثورة المصرية نجحت في تحقيق أهم أهدافها بنشر العدالة الإجتماعية بين المواطنين المصريين. فالمرأة المحجبة عانت طوال النظام السابق بسبب إهتمام وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف بالشكل الخارجي بغض النظر عن المهنية و الكفاءة. وكنت دائماً أتساءل عن سبب عدم ظهور المحجبات على شاشة التلفزيون المصري رغم أن نسبة المصريات المحجبات وصلت إلى 90% من المجتمع و بالتالي كان يجب ان يظهر على الشاشة مذيعات محجبات لنعكس واقع المجتمع المصري.

 

ولكن ما سبب إصرارك على العمل بالتلفزيون المصري رغم أن القنوات العربية تفتح أبوابها أمام المذيعات المحجبات؟

لأنه مبدأ وحق مشروع لا يجب التخلي عنه، فأنا عملت في التلفزيون المصري كمترجمة منذ عشر سنوات تقريباً، وتمنيت العمل كمذيعة بعد تأكيد العديد من الخبراء في مجال الإعلام على إمتلاكي الكفاءة. وبالفعل شاركت في مسابقة رسمية عام 2005 ولم يتم قبولي وقتها بسبب حجابي، ولكنني لم أيأس وبدأت في العمل بقنوات أخرى إلى جانب تواجدي في التلفزيون، واكتسبت خبرات كثيرة، حتى اندلعت ثورة 25 يناير وأصدر سامي الشريف الرئيس السابق لاتحاد الإذاعة والتلفزيون قرارا بظهور محجبات على الشاشة، وهو الأمر الذي دفعني للدخول في مسابقة جديدة لإختيار المذيعات ورغم إشادة لجنة التحكيم بي إلا انني فوجئت بمنع ظهوري على الشاشة، وبأن الأمور ستظل كما هي. ولكنني قررت عدم الصمت وتقديم مذكرة لوزير الإعلام صلاح عبد المقصود والذي تم تعيينه في التشكيل الحكومي الأخير وفوجئت باتصاله بي وأكد بأن لا تفرقة بعد الآن بين امرأة محجبة وغير محجبة، وأن الفاصل الحقيقي هو امتلاك الخبرة والكفاءة. وعندما قدمت له الاوراق التي تثبت نجاحي في اختبار 2005 و اختبار 2011 وافق على ظهوري كأول مقدمة نشرة أخبار محجبة.

 

البعض هاجم قرار وزير الإعلام واعتبر ظهورك على الشاشة دليلا على “أخونة الدولة” بما فيها الإعلام … فما تعليقك؟

هذه الاتهامات السخيفة صدرت من فئة صغيرة، لذلك أنا لم اهتم بها ولم تزعجني على الإطلاق، خاصة بعد ترحيب التيارات الليبرالية والمدنية بظهوري على الشاشة مؤكدين أن الثورة بدأت في تحقيق احلامها. في الحقيقة أنا أرفض الإنتقادات التي لاحقت الرئيس محمد مرسي والتي اتهمته بمحاولة أخونة الدولة ومؤسساتها، فهذا الأمر غير حقيقي ولا أعرف لماذا تم الربط بين ظهور محجبة على الشاشة وبين أخونة الدولة، فإذا كان الحجاب يدل على أخونة الدولة فمعنى ذلك أن المجتمع المصري بأكمله ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين.

 

ولكن إنتشرت العديد من الأخبار بالفعل تؤكد على إنتمائك لهذه الجماعة .. فهل هذا صحيح؟

هذه شائعات لا أساس لها من الصحة، فرغم أنني أرى أن الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين أو لحزب الحرية و العدالة أمر عادي، ولا يعيب أحدا إلا أنه لا يوجد علاقة تجمع بيني وبين الإخوان المسلمين. وكل ما في الأمر أنني عملت لفترة قصيرة العام الماضي كمذيعة في قناة مصر 25 التابعة لحزب الحرية والعدالة، وتم إختياري لتقديم النشرة الإخبارية لإمتلاكي الخبرة و ليس لإرتدائي الحجاب.

 

صرح الداعية الإسلامي صفوت حجازي بأن الإسلام دخل مصر بعد ظهورك على شاشة التلفزيون المصري .. فما تعليقك؟

رغم احترامي الشديد لهذا الشيخ الجليل إلا أنني لا اتفق مع هذه التصريحات الغريبة على الإطلاق، لأن الإسلام دخل مصر منذ قرون طويلة، وليس ظهور مذيعة محجبة على الشاشة يعني أن الإسلام متواجد أو أننا اصبحنا شعب متدين، فهذا الكلام غير صحيح وبه مبالغة غير مقبولة.

 

وهل شعرت بالضيق من الضجة التي حدثت بعد ظهور على شاشة التلفزيون؟

لا، فالامر لم يصل إلى الضيق أو الحزن، ولكنني شعرت بالدهشة لأن معظم النساء في مصر يرتدين الحجاب كما أننا شعب متدين للغاية، فلم أعرف سبب هذه الضجة، ولكن بعد تفكير توصلت إلى أن حدوث مثل هذه الضجة أمر طبيعي، لأن هذا القرار كان شيئا من المستحيل حدوثه أو تنفيذه.

 

ولكن انتشرت العديد من الصور والفيديوهات المفبركة التي اساءت لك .. فما تعليقك؟

علمت بهذا الامر ولا يمكن أن أصف لك مدى حزني مما حدث، إلا أنني قررت عدم الرد على هذه الأشياء السخيفة. ولكنني عرفت مؤخراً بأن هناك العديد من الصفحات تم تأسيسها على الفيس بوك للدفاع عني والتاكيد على أن هذه الصور مفبركة وأن السيدة التي تظهر في الفيديوهات وهي ترقص لا علاقة لها بي ولا تشبهني على الإطلاق، حيث دافع عني العديد من النشطاء و كتبوا أن الإختلاف في الرأي لا يعطي لأحد الحق في تشويه سمعة الأخرين.

 

لاحق الإعلام المصري العديد من الإتهامات بإفتقاده للمصداقية قبل إندلاع الثورة المصرية و بعدها .. فهل توافقين على هذه الإتهامات؟

نعم .. فالإعلام المصري كان مجرد بوق للنظام السابق لا يتحدث سوى عن إنجازات الرئيس المخلوع ومزايا الحزب الحاكم. وكان يبتعد تماماً عن مشاكل و قضايا المجتمع المصري. ولكن بعد نجاح الثورة توقع الكثير أن تتغير تلك السياسة ولكن هذا الأمر لم يحدث، وذلك ليس عيباً في الحكومة الحالية، ولكنني أرى أن التغيير لن يحدث بشكل كامل وإنما سيكون تدريجيا وهذا ما يسعى وزير الإعلام الحالي صلاح عبد المقصود إلى فعله. فهو يحاول طرح كافة الآراء من خلال البرامج السياسية ولا يمنع شخص سياسي من التحدث على شاشة التلفزيون المصري كما كان يحدث في الماضي، حيث كان هناك العديد من الشخصيات ممنوع دخولها مبنى الإذاعة و التلفزيون، أعتقد أن التغيير قادم للأفضل ولكن بشكل تدريجي.

 

وما رأيك في سياسة قناة ماريا والتي لا يظهر على شاشتها سوى منقبات؟

في الحقيقة أرفض ظهور المنقبات على الشاشة لأن الإعلام يعتمد على التفاعل وتعبيرات الوجه والقبول والأداء، وهذه العناصر غير متوافرة في هذه القناة التي لا يظهر على شاشتها سوى المنقبات. ولكنني لا يمكن أن أفرض وجهة نظري على أحد وكل شخص حر في تصرفاته، ولكن نجاح هذه القناة يتوقف بكل تأكيد على مدى تقبل الجمهور لها.

 

هناك بعض الأصوات التي تعالت في الفترة الأخيرة وطالبت ببقاء المرأة في منزلها .. فما رايك؟

كل شخص له الحرية الكاملة في التعبير عن رأيه، ولكنني لا اتفق مع هذه الآراء  بكل تأكيد لأنها تقييد من حرية المرأة، والتي أرى أنها تلعب دورا مهما للغاية في المجتمع وفي كافة مجالات العمل، فهي لديها قدرة على الإبداع تفوق قدرة بعض الرجال.

 

في النهاية نريد ان نعرف ما الحلم الذي يراود فاطمة نبيل في الوقت الحالي؟

أتمنى خلال الفترة القادمة تقديم برنامج سياسي على شاشة التلفزيون المصري يختلف عن البرامج المتواجدة على القنوات الفضائية التي تبتعد عن الواقعية، حيث سأحرص من خلال برنامجي على طرح الرأي والرأي الآخر بموضوعية كاملة وبدون تحيز.