في قرية الهياتم التابعة لمركز المحلة الكبرى كان المزارعون محتشدين حول نقيبهم بمحافظة الغربية أحمد عدس، يبحثون معه عن حل لإحدى الأزمات التي تعرضوا لها، والتي نتجت عن تأخر تسليم محصول البنجر – التي تشتهر القرية بزراعته – لمصانع السكر، مما أدى إلى فساد كميات كبيرة منه.
أطنان من المحصول تنتظر منقذها
في قرية الهياتم التابعة لمركز المحلة الكبرى كان المزارعون محتشدين حول نقيبهم بمحافظة الغربية أحمد عدس، يبحثون معه عن حل لإحدى الأزمات التي تعرضوا لها، والتي نتجت عن تأخر تسليم محصول البنجر – التي تشتهر القرية بزراعته – لمصانع السكر، مما أدى إلى فساد كميات كبيرة منه.
أطنان من المحصول تنتظر منقذها
توفيق محمد – مزارع – يوضح أن بعض المزارعين تأخروا في تسليم محصول البنجر (الشوندر السكري) مما أدى إلى تراكمه، بالإضافة إلى عدم التزام المصنع بتكثيف سيارات النقل، مما أدى في النهاية إلى تخزين البنجر في الهواء الطلق على جانبي الطريق، لإخلاء الأراضي لزارعة الأرز، ما نتج عنه فساد كميات كبيرة منه بفعل الحرارة المرتفعة، وفي النهاية يتحمل المزارع الخسارة.
ويضاف إلى ذلك، حسب تصريحات مسؤولي مصانع السكر، أن مصنعين للسكر فقط يخدما منطقة وجه بحري، أحدهما في محافظة الدقهلية، والآخر في كفر الشيخ، ومع اتساع المساحة المزروعة بالبنجر وقلة عدد سيارات النقل يكاد يصبح تراكم المحصول أمرا لا مفر منه.
نقابة الفلاحين – الاستثناء الذي يثبت القاعدة
نقيب الفلاحين أحمد عدس منهمك في حصر كميات البنجر المعرضة للتلف تارة، وتارة أخرى يجرى مكالمات هاتفية مع المسؤولين في مديرية الزراعة لإيجاد حلول للأزمة، حتى ينتهى إلى الاتفاق مع المزارعين المتضررين على تشكيل وفد منهم يرافقه وبعض أعضاء النقابة للقاء محافظ الغربية.
أزمة البنجر تضع تحت الاختبار نقابة لا يتعدى عمرها العام، وهي إحدى الإنجازات القليلة على صعيد الحياة النقابية منذ اندلعت ثورة 25 يناير.
فبالرغم من أن تحرير المؤسسات المدنية من قبضة الحزب الواحد كان هو موضوع الساعة عقب تنحي مبارك، فإن الدعوة لتأسيس حركات نقابية مستقلة وإعادة صياغة القوانين المرتبطة بها تجد صدى كبيرا في أوساط المزارعين والعمال والمهنيين، ناهيك عما قوبلت به من مقاومة شرسة من قبل جهات عدة في صدارتها النقابات الرسمية.
وهكذا يبقى مشروع قانون “الحريات النقابية”، الذي يضع إطارا قانونيا يسمح بالتعددية النقابية، حبيس أدراج الهيئات الحكومية المختلفة منذ ما يزيد على العام.
أما في حال نقابة الفلاحين، فيبدو أن الموقف السلبي الذي اتخذته الأنظمة السابقة من محاولات المزارعين تنظيم أنفسهم، صبت في صالح تلك الفئة بعد الثورة، فلم تكن هناك نقابة رسمية كما في حال اتحاد عمال مصر مثلا، ترى في النقابة الناشئة منافسا لها وتسعى إلى إجهاضها.
ولادة متعسرة
داخل منزله، يستعرض نقيب الفلاحين أحمد عدس تاريخ نقابته، معززا سرديته بعرض شتى المستندات الرسمية التي صاحبت تلك الولادة المتعسرة، يقول: “خضنا معركة تأسيس نقابة للفلاحين منذ عام 2000 عن طريق البرلمان، لكن كل المحاولات باءت بالفشل بسبب تعنت الحكومة والنظام السابق.” ثم يضيف: “لكن ثورة 25 يناير منحتنا الدافع والأمل، واستكملنا طريقنا في إنشاء أول نقابة تجمع الفلاحين في كل قرى مصر، وبالفعل نجحنا في تأسيسها في 8 أيار/مايو 2011.”
وهكذا أصبح لكل فلاح مصري – مقابل رسم عضوية 20 جنيها، واشتراك سنوي 30 جنيها – الحق في الإنضمام إلى كيان يمثله ويلجأ له وقت الحاجة. قائمة أنشطة النقابة الوليدة جديرة بالاهتمام: دعوة قضائية أمام القضاء الإداري للمطالبة بشمل الفلاحين تحت مظلة التأمين الصحي والمعاشات، التدخل لدى الجهات الرسمية لصرف كميات إضافية من السماد والكيماوي، أزمة حمى المواشي القلاعية: إطلاق قوافل طبية طافت جميع المدن وعقد مؤتمرات لتوعية الفلاحين بطرق الوقاية والتصدي للمرض – والحديث هنا فقط عن الأنشطة الخاصة بمحافظة الغربية.
إختبار “أزمة البنجر” أيضا اجتازته النقابة بنجاح، فإثر لقائها مع المحافظ تمت زيادة عدد الحمولات للإنتهاء من نقل المحصول إلى المصانع، كما وعد المحافظ ببحث إنشاء مصنع ثالث يخدم منطقة الدلتا لتخفيف العبء على المصنعين الآخرين.
نقابة الفلاحين تطرح مطالبها
أحمد عدس نقيب الفلاحين بالغربية أكد أن النقابة حتى الآن لم تحصر عدد الأعضاء بشكل نهائى، وأشار إلى أن العدد الإجمالي التقريبي للأعضاء يزيد عن 115 ألف عضو، على مستوى الجمهورية، وما يقرب من 5 آلاف و500 عضو بمحافظة الغربية.
ومن الدلائل الإضافية على الدور المهم الذي تلعبه نقابة الفلاحين، تلقى أحمد عدس دعوة للقاء لجنة الإستماع لتأسيسية الدستور بديوان محافظة الغربية، حيث تقدم بعشرة مطالب ومقترحات للدستور الجديد، أهمها إقرار التأمين الصحي والاجتماعي للفلاح.