جمال فهمي صحفي ناصري، كان جزءا أساسيا من آخر خمس تشكيلات لمجلس نقابة الصحفيين. وعُرف مهاجما شرسا وساخرا من مشروع التوريث، واكتسب مصداقية داخل الجماعة الصحفية لنصرته الصحفيين المحتجين ضد عسف مؤسساتهم، فضمن نجاحه مستقلا في كل انتخابات المجلس الاخيرة. وبعد تعيين المجلس الأعلى للصحافة وتعيين رؤساء تحرير محسوبين على الجماعة في الصحف القومية كان لابد من استطلاع رأي قائد جبهة المعارضة في مجلس النقابة في مستقبل هذه الممارسات وسبل مقاومتها.
جمال فهمي صحفي ناصري، كان جزءا أساسيا من آخر خمس تشكيلات لمجلس نقابة الصحفيين. وعُرف مهاجما شرسا وساخرا من مشروع التوريث، واكتسب مصداقية داخل الجماعة الصحفية لنصرته الصحفيين المحتجين ضد عسف مؤسساتهم، فضمن نجاحه مستقلا في كل انتخابات المجلس الاخيرة. وبعد تعيين المجلس الأعلى للصحافة وتعيين رؤساء تحرير محسوبين على الجماعة في الصحف القومية كان لابد من استطلاع رأي قائد جبهة المعارضة في مجلس النقابة في مستقبل هذه الممارسات وسبل مقاومتها.
س: كيف تحلل وتفسر اختيارات رؤساء تحرير الصحف القومية كما أعلنها مجلس الشوري؟
ج: الاختيارات بنت نفس العقلية الإدارية لعصر الاخوان، إنها محاولة للهيمنة علي الدولة بنفس أساليب عصر مبارك، مع إشاعة مناخ أكثر قسوة من مبارك نفسه بإغلاق قنوات فضائية وتحويل صحفيين للمحاكمات، فالتعيينات تعكس فكرة أن الإعلام الحكومي يجب أن يبقي بوقا لأي رئيس أو نظام حكم. وقد مارس الإعلام المصري دورا محوريا وهاما بعد الثورة، زحزح خلالها أسقف التعبير المنخفضة، لكن هشاشة وضعف الحماية القانونية له، حيث لم تحمي الجماعة الصحفية منجزها بتعديل جوهري لبنية قوانين المهنة، ساعد في سرعة ارتداد الاخوان ومحاصرتهم للمهنة والعاملين فيها.
س: البعض يرى أن ضم الصحفي خالد صلاح المعادي لجماعة الإخوان في تشكيل المجلس الاعلى للصحافة هو ملمح ديمقراطي، هل تتفق مع هذا التوصيف؟
ج: بعيدا عن تسمية خالد صلاح، ليس معنى السيطرة انفراد الاخوان بكل تشكيل المجلس السيء السمعة. قد تضع اكسسوارا طالما تملك الأغلبية، وقد تضع من يبدو معارضا وهو أقرب الناس إليك. وقد تضع حتي من المعارضين من يعشق الخدمات السريعة لأي سيد جديد، الاخوان تلامذة جيدون لمبارك الاستاذ، لكن التلميذ الآن يتفوق على مدرسه.
س: لوحظ في تعيينات رؤساء التحرير وجود صحفيين اشتهروا بمعاداة الاخوان في العصر الماضي ما تعليلقك على هذا؟
مرسي استخدم نفس اسلوب مبارك القائم على الواسطة والعقائدية، فالمختارون لا كفاءة لهم إلا في استشراف ما يطلبه السيد الجديد. بعضهم استخدمه المجلس العسكري، ومعظمهم قابل للخدمة في أي بلاط جديد. وهم لا علاقة لهم بالمهنة، والدليل أرقام توزيع صحفهم نفسها. مرسي مد يده لدولاب مخزون مبارك ليسير عجلة نفس الاستبداد القديم. وغالبا ومثلما هو الحال في الاقتصاد والسياسة الخارجية يظل منجم مبارك للحفريات البائسة منجما لثروات الاخوان. لقد احتوت التعيينات على من لا يجيد القراءة والكتابة أصلا، والمختصون في عمل النشرات الدعائية الركيكة.
س: النقيب الحالي عُين رئيسا لمجلس أهم صحيفة قومية، أي الاهرام كيف سيؤثر ذلك في أدائه النقابي؟
ج: النقيب تحول إلى ممثل لجماعة الإخوان الممثلين في النقابة، ومقابل عداءه للمهنة تلقى تكليف الأهرام المجزي ماليا. هو يدافع عن قمع حريات المهنة، يقف ضد الصحفيين مع مؤسساتهم في الخلافات الحقوقية. وهو النقيب الأول في التاريخ الذي يعاقبه مجلس النقابة نفسه بعقوبة لفت النظر، بل أن تشكيل مجلس النقابة به جمال عبد الرحيم وابراهيم ابو كيلة اللذين عينا مثله مقابل نفاقهم للحكام الجدد.
س: أنت تشير إذن لتصدعات في بنية مجلس النقابة من الداخل؟ ما هو موقفك وأنت وكيل المجلس؟
ج: مجلس النقابة يعبر عن توازن مختل أنتجته انتخابات ما بعد الثورة، ويصمم النقيب الاخواني على إدارته بمنطق الشلة. حوله مجموعة من ثلاثة أو أربعة أعضاء ينفذون إرادة الجماعة. وتواجههم جبهة أخرى، ورغم أن جبهتنا المعارضة هي الأكبر عددا إلا أننا مغلولو الأيدي أمام ممارسات النقيب الأسوء في تاريخ المهنة.
س: لكن ما هو البديل للمجلس الأعلى للصحفيين بتشكيله الحالي وتعيينات رؤساء التحرير؟
ج: لقد جف حلقنا من الصراخ، نحن وكل المختصين بالمهنة، بضرورة استبدال هذا المجلس كآلية سلطوية، بآخر وطني ومستقل، وتحويل تلك الموسسات الصحفية التي تملكها جماهير دافعي الضرائب وصحفييها إلى كيانات مستقلة، تخضع لديمقراطية انتخاب القيادات ومحاسبتهم مهنيا على نجاح أو فشل أدائهم المهني. لكن الاخوان مصممون على وراثة تركيبة “العزب” كما أنتجها مبارك، وأورثوها كملكيات خاصة لرجالهم. هل كان الشاب السلفي نادر بكار يستحق الترشح للمجلس الاعلى للصحافة؟ ماذا لو لم يعتذر من تلقاء نفسه؟
س: هذه هي الموجة الثالثة لتغيير قيادات الصحف القومية منذ بداية الثورة، والبعض يرى أن هذا ما ينضح به “اناء” المهنة أصلا، وأن الانتخابات لو اجريت لن تؤدي لنتائج مختلفة؟
ج: يُفترض في أي تيار سياسي منتصر أن يقدم بديلا، خاصة لو استمد شرفه من معارضة سياسات مبارك. الاخوان أنفسهم نادوا حين كانوا في المعارضة بالديمقراطية، فكيف نبرر لهم الآن انصرافهم عن مفهوم المصلحة العامة؟ لقد وصلوا للحكم بمقايضة مكشوفة مع المجلس العسكري، أحد شروطها إعادة إنتاج نفس بنية الاستبداد والفساد، ومثلما استشعروا عدم احتواءهم على بديل مقبول، أصابهم سعار انتاج نفس النظام، الفارق أن الرئيس أصبح يؤم الصلاة.
س: يرى البعض أن استهداف صحف يصعب الدفاع عنها أو قنوات مسيئة بالفعل للمهنة كان لعبة ذكية من الاخوان؟
تتحدث عن توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين؟ فليكن، أنا ضد رسالته الاعلامية لكني أملك الحق في استخدام الريموت كنترول، اترك للناس الحق في فرز الخطاب الاعلامي بأنفسهم، سيجدون بالريموت قنوات مملوكة للاخوان كقناة ٢٥ يناير، وأخري تهندس من مكتب ارشاد الجماعة كالجزيرة مباشر مصر، بل ويمارسون جرائم مهنية لا تختلف عن قناة الفراعين، اترك الحكم على المهنية لأصحابه أو للجمهور ولا تكن انتقائيا سياسيا.
س: وزير الاعلام الاخواني ورئيس المجلس الأعلى للصحافة يقول إنه التشكيل الاخير وأن المجلس الوطني للأعلام سيكون هو الحل؟
ج: بقية تصريحه تقول إن المجلس الوطني تابعا لرئيس الجمهورية. هم محترفون في تشويه حتي الافكار التي قدمناها، لا تنسى ان المجلس الاعلى للصحافة انشأه مبارك اوائل الثمانينيات على نموذج شبيه البريطاني، وأنظر كيف انتهى حاله. لا أمل في الأمر إلا بقناعة الجميع أن حرية الصحافة هي حرية وحق للمواطنين بالاصل، وعلينا ان نخوض ضد الاخوان نضالا انطلاقا من هذه القاعدة.