حالة من القلق سادت بالأوساط السياسية والإقتصادية عقب حصول الحكومة المصرية الحالية على موافقة مبدئية للاقتراض من صندوق النقد الدولي بمقدار 4,8 مليار جنيه مصري (حوالي 774 مليون دولار أمريكي).

[ibimage==1973==Small_Image==none==self==null]

مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد في ضيافة الحكومة.

وتمحورت المخاوف بشكل أساسي حول احتمال أن يكون القرض مدخلا للتدخل في السيادة المصرية، كما أن إقراره يدشن برامج اقتصادية متوسطة الأمد، بينما الدولة لا تزال تفتقد إلى مؤسسات رقابية تراجع قرارات حكومتها.

حالة من القلق سادت بالأوساط السياسية والإقتصادية عقب حصول الحكومة المصرية الحالية على موافقة مبدئية للاقتراض من صندوق النقد الدولي بمقدار 4,8 مليار جنيه مصري (حوالي 774 مليون دولار أمريكي).

[ibimage==1973==Small_Image==none==self==null]

مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاغارد في ضيافة الحكومة.

وتمحورت المخاوف بشكل أساسي حول احتمال أن يكون القرض مدخلا للتدخل في السيادة المصرية، كما أن إقراره يدشن برامج اقتصادية متوسطة الأمد، بينما الدولة لا تزال تفتقد إلى مؤسسات رقابية تراجع قرارات حكومتها.

وحول تداعيات القرض وفرص المجتمع المدني في التأثير عليه كان لموقع “مراسلون” هذا الحوار مع السيدة إيمى عقداوى، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز المعلومات البنكية بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي جمعية الأهلية مهتمة بتمكين المجتمعات المحلية ودعمها في التأثير على سياسات منظمات الإقراض الدولية الكبرى.

س: هل اخطأت الحكومة المصرية عندما قررت الاقتراض من صندوق النقد؟

ج: لا توجد بعد سياسة مقننة للاقتراض فى مصر، كان يجب أن يتم طرح البرنامج الاقتصادي للحكومة للمناقشة أولا، خاصة فى ظل غياب مجلس شعب يقوم بمناقشة واعتماد هذا البرنامج، ثم بعد المناقشة وتحديد البنود التي يجب إدراجها يتم النظر في الدخل وتحديد إذا ما كنا نحتاج للقروض أم أن هناك وسائل أخرى لتغطية النفقات، وأخيرا يتم تحديد نسبة معينة للقروض من إجمالي الميزانية لا يجب تعديها وتحديد ما هي البنود التي نقترض من أجلها. كل هذه مراحل مهمة تم تجاهلها في مصر.

س: ما هو دور المجتمع المدني في متابعة طلب القرض وسبل إنفاقه وتأثير القرض على دخل المواطن البسيط أو تحمل أعبائه في المستقبل؟

ج: على المجتمع المدني أن يضغط على الحكومة من أجل الإفصاح عن البرنامج الاقتصادي الذى تقدمت به للصندوق، بدلا من مهاجمة القرض من حيث المبدأ. يجب مناقشة البنود المقترحة في البرنامج لأن الحكومة ستطبقه سواء بقرض الصندوق أو بدونه، ولابد أن يقوم المجتمع المدني بالضغط من خلال استخدام وسائل الإعلام والندوات لتعديل البنود التي يرى أنها غير مناسبة.

س: هل هناك شروط لإنفاق هذا القرض؟

ج: الشروط هي عبارة عن تفاصيل البرنامج الذي تتفق عليه الحكومة مع الصندوق، وبالنسبة لمصر صرح المسؤولون بالصندوق أن برنامج الحكومة الاقتصادي حاز على موافقتهم وهو البرنامج الذي سيموله الصندوق، وبالتالي فالشروط هنا تم وضعها من الحكومة في برنامجها الاقتصادي، ومن خلال خبرتنا مع البرامج التي يمولها الصندوق نستطيع أن نتكهن بمحتويات هذا البرنامج ومنها:

أولا: إعادة هيكلة برامج الدعم والتي تحتاج بالفعل فى مصر إلى إعادة نظر لتقليل ما تنفقه الدولة على الدعم ولضمان وصوله لمستحقيه.

ثانيا: نظام الضرائب، إذ يجب أن نقوم بتقييم نظام الضرائب الحالي، وإذا ما كان نظاما عادلا.

ثالثا: تقليل العجز في ميزان المدفوعات عن طريق تقليل المصروفات، مع مراعاة أن الصندوق يزعم أنه يحافظ على نسبة المصروفات على برامج الصحة والتعليم، ولكن فى حالة إذا ما تم تخفيض المصروفات ككل فى الميزانية فإن احتفاظ برامج الصحة والتعليم بنفس النسبة من إجمالي الميزانية يعنى أنه فعليا قد تم تقليص المصروف على الصحة والتعليم.

رابعا: الحد من التضخم ويتم بالسياسات النقدية التي يتخذها البنك المركزي، كزيادة نسبة الفائدة على القروض وبالتالي يقل الطلب عن العرض فتنخفض نسبة التضخم، وكذلك تعويم سعر الجنيه. فمع نقص المتبقي في خزانة الدولة من النقد الأجنبي سيكون من الضروري أن تقوم الدولة برفع الحماية عن سعر العملة المحلية حتى يزداد الطلب على التوريد ويقل الاستيراد.

س: كيف يراقب الصندوق سبل صرف مبالغ القرض والفوائد التي تحسب عليه؟

ج: الصندوق لا يصرف مبلغ القرض دفعة واحدة ولكن على دفعات تكون سنوية في أغلب الأحيان. مدة القرض المقترح لمصر هي خمس سنوات أي أن صرف قيمة القرض سيكون خلال خمس سنوات، وقبل حلول موعد صرف كل دفعة تقوم بعثة من الصندوق بتقييم الوضع ويتم نشر تقريرها على الموقع الإلكتروني.

س: هل هناك أوجه للمقارنة بين القرض فى دولة تونس وفى مصر وطريقة التعامل معها من قبل الاسلاميين؟

ج: تونس لم تحصل على قرض من صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامجها الاقتصادي ولكن على قرض من البنك الدولي. على أية حال يوجد تشابه بين الوضع فى تونس ومصر إذ أن الإيديولوجية الاقتصادية للإسلاميين هي سياسة السوق المفتوح والمنافسة وتشجيع الإستثمار. وهذا يفسر تتطابق البرنامج الاقتصادي الذي تقترحه الحكومة المصرية مع البرنامج الذي كان صندوق النقد سيقترحه فى حال غياب برنامج للحكومة.

ولكن الفرق بين التمويل من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يظهر في أن الحكومة التونسية كان لها حرية اختيار البرامج التي تود صرف مبلغ القرض عليها، فالبنك الدولي لا يمول برامج اقتصادية فقط مثلما هو الحال مع صندوق النقد. أي أن الحكومة التونسية هي التي اختارت التركيز على سياسات اقتصادية لتشجيع الاستثمارات والسوق التنافسي، وهو الأمر الذى يتماشى مع الإيديولوجية الاقتصادية لحزب النهضة الإسلامي الحاكم كما هو الحال في مصر تماما.