على صفحته في موقع السفارة الأمريكية في ليبيا، كتب السفير الامريكي كريس ستيفنز رسالة مفادها أنه يعتبر نفسه محظوظا “لمشاركته في هذه الفترة الرائعة من التغيير والأمل في ليبيا”..، هذه الفترة الرائعة انتهت بمقتله على هذه الأرض.

السفير ستيفنز الذي كان أيضاً ممثلاً للولايات المتحدة الأمريكية لدى المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي خلال الثورة، اشتهر بعلاقاته الطيبة مع شريحة واسعة من الشعب الليبي، فكان يتجول في الشوارع الليبية بدون حراسة تذكر ويدخل المقاهي الشعبية، ويأكل المأكولات الليبية الأصيلة.

على صفحته في موقع السفارة الأمريكية في ليبيا، كتب السفير الامريكي كريس ستيفنز رسالة مفادها أنه يعتبر نفسه محظوظا “لمشاركته في هذه الفترة الرائعة من التغيير والأمل في ليبيا”..، هذه الفترة الرائعة انتهت بمقتله على هذه الأرض.

السفير ستيفنز الذي كان أيضاً ممثلاً للولايات المتحدة الأمريكية لدى المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي خلال الثورة، اشتهر بعلاقاته الطيبة مع شريحة واسعة من الشعب الليبي، فكان يتجول في الشوارع الليبية بدون حراسة تذكر ويدخل المقاهي الشعبية، ويأكل المأكولات الليبية الأصيلة.

كل هذه المواكبة والتفاعل مع ثورة الشعب الليبي، انتهت بمقتل ستيفنز جراء أعمال عنف استهدفت مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي شرق ليبيا، والتي كان يزورها قادماً من طرابلس.

احتجاج على الإساءة

الهجوم على القنصلية جاء احتجاجاً على عرض فيلم أنتجته جمعية “الدولة القبطية” العاملة في أمريكا، ويحوي إساءات إلى شخص الرسول الكريم محمد، كما يتناول زوجاته بالإساءة كذلك.

بدأت الدعوات إلى الاحتجاج على عرض الفيلم الذي كان مقرراً يوم الثلاثاء بالتزامن مع ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في القاهرة، وسرعان ما انتشرت هذه الدعوة على الانترنت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لتجد لها صدى كبيراً في ليبيا، وبالذات في بنغازي حيث تنشط التيارات الإسلامية المتشددة.

بحسب الرواية الرسمية الليبية التي جاءت على لسان وكيل وزارة الداخلية ونيس الشارف، فإن المظاهرات كانت تهدف لإنزال العلم الأمريكي، إلا أنها تصاعدت وتيرتها بعد أن قام أفراد الأمن بالسفارة بإطلاق الرصاص لإخافة المتظاهرين، أو تحسباً لهجوم متوقع عليهم.

وانتهى الأمر بقصف للمبنى أدى إلى حرقه بالكامل، ومقتل السفير الأمريكي وثلاثة من موظفيه وجرح أربعة عشر آخرين، نقلوا جميعاً إلى مستشفى المدينة استعداداً لنقلهم إلى طرابلس لترحيل الجثامين ومعالجة الجرحى.

إدانات وغضب

هذه الأحداث التي وقعت صبيحة يوم اختيار رئيس الحكومة المؤقتة، أثارت جدلاً واسعاً في الشارع، فالسواد الأعظم من الليبيين بحسب ما تعكسه التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي أدان بغضب شديد هذا العمل، مع الاستنكار طبعاً لسبب الاحتجاج وهو عرض الفيلم المسيء للرسول الكريم في أمريكا.

وهذا يتفق مع تصريحات رئيس المؤتمر الوطني العام الذي وجه اعتذاراً للحكومة والشعب الأمريكيين على هذا العمل الذي وصفة بـ “المشين والقذر”.

جمال الحاجي الناشط السياسي والحقوقي وجه عبر صفحته على الفيسبوك نداءً إلى أعضاء المؤتمر الوطني العام بألا ينسوا “أنهم والبلد في حالة طوارئ متواصلة حتى يتم بسط السيادة على كل شبر من ربوع ليبيا التي لم تتحرر بعد”، مؤكداً أنهم يجب أن يوصلوا رسالة واضحة إلى العالم بأنهم قادرون على فرض سيادة الدولة “قبل فوات الأوان” بحسب تعبيره.

أشعر بالخجل

أما الإعلامي سليمان دوغة فقد عبر عن حزنه الشديد لهذه الأحداث، وقال عبر صفحته “أشعر بالخجل فعلياً لمقتل السفير الأمريكي..!!، لا ديننا ولا رسولنا ولا أخلاقنا ولا رجولتنا تأمرنا بذلك”، وبعد أن وجه تعازيه والشعب الليبي لأسرة السفير أكد أن هذا الشعب “سيضع حدا لكل من يحاول النيل من ثورته”.

جاء هذا بعد رسالة وجهها دوغة قبل يوم من الحادثة إلى السفير نفسه يقول فيها ” نأمل منكم الضغط على حكومتكم حتى تستصدر قانوناً يجرم بكل وضوح الاستهزاء بالمقدسات الدينية لدى الشعوب، ويجرمها ويضعها في خانة التشكيك في “المحرقة اليهودية”.. حتى تبنى علاقاتنا معكم على أسس من الشراكة الحقيقية وتحفظ مصالحكم في بلادنا..”.

ضحية القاعدة

كان ستيفنز من الأشخاص الذين يرفضون تماماً فكرة وجود تنظيم القاعدة في ليبيا، وكان كثيراً ما يحاول إقناع الإدارة الأمريكية بذلك، إلا أن الهجوم الذي راح ضحيته نفذته بحسب تلميحات رئيس المؤتمر الوطني العام، عناصر من القاعدة، قصدت توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة، وهو ما زاد البلبلة في الشارع تجاه الحادثة.

وبعد تنديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالحادث، وتأكيده على أنه لن يؤثر على العلاقات بين البلدين، خرجت مظاهرات في كل من طرابلس وبنغازي تندد بالحادث، وترفض وجود تنظيم القاعدة والإرهابيين في ليبيا.

وفي هذا السياق يناشد الكاتب فضيل الأمين الليبيين بقوله “لا تستهينوا بهم – القوى الظلامية – ولاتخافوا منهم ولا تمكنوهم من الوطن، لن نعود لسنوات العزلة والانقطاع والتخلف والظلامية، الظلاميون يحبون الظلام ويريدون فرضه بقوة السلاح وإرهاب القوة”.

عواقب الحادثة

كل هذا السخط والحزن والأسف لن يجنب ليبيا بحسب مراقبين عواقب الحادثة، التي ربما تكون قاسية، ولن تخفف من حدتها إلا اتساع رقعة الاحتجاج في دول إسلامية عدة، حيث أن قتل سفير دولة لدى دولة أخرى في العرف الدولي هو إعلان حرب.

وما يزيد من تعقيد الموقف أن الولايات المتحدة الأمريكية تمر بفترة انتخابات رئاسية، وهو استحقاق يضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في موقف حرج، في ظل الضغط والمزايدات التي يمارسها عليه الجمهوريون محاولين دفعه لاتخاذ موقف أكثر قوة وصرامة.

مهمة رئيس الوزراء

الحل الذي يجب أن يكون دبلوماسياً لهذه الأزمة تتوقف نجاعته على رئيس الوزراء مصطفى أبو شاقور، الذي تم تعيينه من قبل المؤتمر الوطني العام، أن يضطلع بمهمة تخفيف حدة الأزمة داخلياً وخارجياً.

وذلك من خلال ضبط الوضع الأمني داخل ليبيا وإبعاد أي احتمال لزيادة قوة عناصر القاعدة إن هم وجدوا فعلاً، وخارجياً من خلال تقديم ضمانات أقوى للمجتمع الدولي أن ليبيا قادرة على حماية البعثات الدبلوماسية والسفارات، فضلاً عن الشركات والمصالح والاستثمارات الأجنبية داخل البلاد.

وتبقى الاعتذارات والحلول الدبلوماسية، هي أبعد ما يكون عن مواساة أسر الضحايا، وخاصة أسرة السيد ستيفنز، الذي طالما كان يصف ليبيا بأنها دولة غنية بتراثها وطبيعتها ومواقعها الأثرية، ويتعامل مع شعبها بحب ظاهر.