منذ أن جاءت حكومة الدكتور هشام قنديل، وهى تتوعد المواطنين الذين يقومون بقطع الطريق والسكك الحديدية، ونقرأ يوميا إدانات لهم، ووعيد بتشديد العقوبة، ويصفهم الإعلام بالبلطجة أحيانا، ويتهمهم بتعطيل مصالح المواطنين في أغلب الأحوال. وفي أحيان أخرى كثيرة يتهم الإعلام فلول النظام السابق من أعضاء الحزب الوطني المنحل والمنتمين إلى جهاز مباحث أمن الدولة بالوقوف وراء هذه الأعمال، مع أن ذلك لو كان صحيحا فلا ينفى أن هناك وقائع تسببت في خروج مواطنين، ليسوا كلهم من فلول النظام السابق، لقطع الطريق.

منذ أن جاءت حكومة الدكتور هشام قنديل، وهى تتوعد المواطنين الذين يقومون بقطع الطريق والسكك الحديدية، ونقرأ يوميا إدانات لهم، ووعيد بتشديد العقوبة، ويصفهم الإعلام بالبلطجة أحيانا، ويتهمهم بتعطيل مصالح المواطنين في أغلب الأحوال. وفي أحيان أخرى كثيرة يتهم الإعلام فلول النظام السابق من أعضاء الحزب الوطني المنحل والمنتمين إلى جهاز مباحث أمن الدولة بالوقوف وراء هذه الأعمال، مع أن ذلك لو كان صحيحا فلا ينفى أن هناك وقائع تسببت في خروج مواطنين، ليسوا كلهم من فلول النظام السابق، لقطع الطريق.

وآخرهذه السلسلة المقلقة: الحكم بالسجن ثلاث سنوات ل9 متظاهرين من منفلوط محافظة أسيوط قطعوا خط السكة الحديد بالمدينة تنديدا بنقص البوتاجاز. رسالة لا تخطيء مفادها أن الدولة لن تتهاون، خاصة وأنها تتعامل مع مثل هذه الأعمال باعتبارها إسقاط لهيبة الدولة أكثر منها تعطيل لمصالح الناس.

[ibimage==1702==Small_Image==none==self==null]

 قطع الطرق بحثا عن حقوق ضائعة كبديل لغياب قنوات التواصل مع الحكومة

وإذا كانت أعمال قطع الطريق التي حدثت، كانت لأسباب اجتماعية أو فئوية، فإن ما يقلق من رسالة الدولة هو أنها تؤكد أن هذه القضايا في مؤخرة أولويات الحكومة التي تحب أن تطلق على نفسها أحيانا مسمى حكومة الثورة.

وإذا تفحصنا أسباب قيام المواطنين بقطع الطريق سنجد أنهم يبحثون عن حقوق ضائعة، عندما يموت مواطن على سبيل المثال ويشك المواطنون في أن مؤسسات الدولة الشرطية أو القضائية ستقبض على الجاني وستحاكمه محاكمة عادلة. أو ينددون بالحرمان من الخدمات الأساسية التي يجب أن نضيف إليها مسمى الإنسانية، حيث يحرم مواطنو قرى من المياه سواء للشرب أو الري أو الصرف الصحي أو من الكهرباء أو غيرها من الخدمات. أو يعترضون على عدم صرف رواتب لعاملين في القطاع الخاص ومعظمهم موظفون بالشركات التي تمت خصخصتها وكلنا نعرف كيف تمت عمليات الخصخصة وعلى حساب من.

وكل ذلك يتم في غياب قنوات وسيطة بين السلطة المركزية والمواطنين، فيضطروا إلى البحث عن وسيلة لكي تسمع هذه السلطة المركزية أصواتهم ولا يجدون إلا وسيلة الاحتجاج عبر قطع الطريق لأنها سوف تؤدى إلى اهتمام وسائل الإعلام، فضلا عن أنها نجحت في أوقات سابقة وتسببت من قبل في تلبية رغبات المواطنين الاجتماعية أو الفئوية وأدت إلى استعادة حقوقهم حتى ولو بصورة جزئية.

استمرار لجوء المواطنين إلى أسلوب قطع الطريق يعنى أمرين، الأول أن الحكومة التي عينها “أول رئيس مدني منتخب” لم تتمكن من تلبية تطلعاتهم ولم تقنعهم بأن تغييرا جذريا سوف يحدث في حياتهم اليومية، ولو كان هذا الاقتناع قد تم لصبر الناس عليها، لأنهم سيدركون أن العدل سيعم  والمظالم ستختفي تدريجيا وحقهم في حياة كريمة سوف يتحقق.

أما الأمر الثاني فهو أن السلطة الجديدة في مصر، من رئيس وحكومة، لم ينجحا حتى الآن في تأسيس أجهزة وسيطة بين عموم المواطنين فى إقليم مصر والسلطة المركزية. وإذا كان من الممكن أن يكون ذلك بسبب غياب المجالس المحلية والشعبية، فهل سيكون تعيين المحافظين الجدد بحد أدنى وسيلة لتأسيس هذه القنوات الوسيطة بما يمنع عمليات قطع الطريق؟ للأسف فإن المرجح أن تكون الإجابة بالنفي لأنه يبدو من أسلوب “انتقاء”  الرئيس للعاملين معه في أكثر من تجربة أن الاختيار لا يكون على أسس سياسية سليمة وإنما لأسباب تتعلق بالانتماء الإخوانى أو رضاء الإخوان عن المرشح لأي منصب.

المطلوب بالتالي هو برنامج اجتماعي محدد له جدول زمني، يتضمن توفير الخدمات الأساسية والمطالب الاجتماعية الأخرى مثل الحدين الأقصى والأدنى للمرتبات، وفوق كل ذلك شعور المواطنين بتحقيق العدل، من خلال جهازين شرطي وقضائي متطور وعادل. ويبدو أن ذلك لن يتحقق في ظل عدم اهتمام السلطة الجديدة بهيكلة الشرطة ومحاولتها صياغة قانون جديد للطوارئ.

فما تفعله السلطة الجديدة هو أقرب إلى محاولة لإعادة إحياء نظام الحكم السابق باستبداده وفساده ومحسوبيته.