قبل نحو ستة أعوام، خلال زيارة الرئيس المخلوع حسني مبارك للمنطقة الصناعية في مدينة جمصة على ساحل المتوسط طلب محافظ الدقهلية (شمال القاهرة) السابق سمير سلام من الرئيس الموافقة على إنشاء مدينة المنصورة الجديدة في أراضي الظهير الصحراوي البالغة ستين ألف فدان، وذلك بغرض مواجهة ضيق الحيز العمراني لمدينة المنصورة القديمة (عاصمة محافظة الدقهلية)، وفتح فرص جديدة للاستثمار.

المشروع بقي طي النسيان ثم أعيد إحياؤه مرة أخرى على يد حكومة كمال الجنزوري المنصرمة.

قبل نحو ستة أعوام، خلال زيارة الرئيس المخلوع حسني مبارك للمنطقة الصناعية في مدينة جمصة على ساحل المتوسط طلب محافظ الدقهلية (شمال القاهرة) السابق سمير سلام من الرئيس الموافقة على إنشاء مدينة المنصورة الجديدة في أراضي الظهير الصحراوي البالغة ستين ألف فدان، وذلك بغرض مواجهة ضيق الحيز العمراني لمدينة المنصورة القديمة (عاصمة محافظة الدقهلية)، وفتح فرص جديدة للاستثمار.

المشروع بقي طي النسيان ثم أعيد إحياؤه مرة أخرى على يد حكومة كمال الجنزوري المنصرمة.

حتى هذه اللحظة، يُعد المشروع نقلة ديموغرافية هامة لمدينة المنصورة التي يسكنها نحو نصف مليون نسمة في شمال الدلتا، لكن هناك عقبة كأداء تعترض المشروع وهي أن موقع المدينة المتخيل، والذي يمتد بموازاة المنطقة الساحلية بين مدينة جمصة وحدود محافظة كفر الشيخ (شمال الدلتا)، مهدد بالغرق وفقا للعديد من الدراسات البيئية. فوفقا لمعدلات نحت أراضي الدلتا وطغيان البحر، تعد المنطقة بمجملها معرضة لخطر الزوال خلال عقدين على الأكثر.

آمال كثيرة

[ibimage==1471==Small_Image==none==self==null]

محمود العاجز

محمود العاجز وكيل أول وزارة الإسكان بالمحافظة، أشار إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تضم الشريط الضيق الممتد لعشرة آلاف فدان بين مدينتي جمصة ومدينة كفر الشيخ، يحده البحر شمالا والطريق الدولي الساحلي جنوبا.

وعن كيفية الحصول على أراضي لغرض البناء قال العاجز إن المحافظة “سحبت أراضٍ كانت مخصصة سابقا لرجال أعمال غير ملتزمين أو شركات بحكم المنفعة العامة، ومنها 1800 فدان تقرر سحبها من شركة بتروكيماويات نقلت مشروعها إلى السويس”.

ويشرح العاجز أهمية المدينة الجديدة بأنها ستوفر مساكن منخفضة التكاليف لكثير من الشباب، بعد أن وصلت أسعار العقارات إلى مستويات فلكية، كما ستحل جزءا كبيرا من أزمة الاختناقات المرورية والضغط على الخدمات، فضلا عن أنها ستكون قبلة لمستثمرين هلت بشائرهم في الإعلان عن تأسيس أكاديمية الدلتا للتعليم العالي التي أعلن عنها أحد المستثمرين.

وما ان أعلنت المحافظة عن المشروع حتى أصبح متداولا في الأوساط الشعبية والشبابية على وجه الخصوص.

[ibimage==1465==Small_Image==none==self==null]

محمد عبد المولي

ويعلق كثيرون آمالهم عليها، ومنهم العامل محمد عبد المولي، 30 عاما، في ايجاد سكن ملائم، ويقول: “المنصورة الجديدة حلم جيلي من الشباب، سكنا وعملا، المنصورة القديمة ضاقت علينا، ونعلم أن هناك كلاما عن غرقها، لكن أحيني اليوم وأمتني غدا”.

مهددة بالغرق

وعلى الرغم من الآمال المعلقة على المدينة الجديدة إلا أن مختصين يحذرون من أنها ستكون مهدّدة على  المدى الطويل، ويقولون أن الأراضي تغرق هناك بمعدل سنتيمتر واحد كل سنة.

محمد الشناوي رئيس جمعية البيئة بالدقهلية، أوضح أن “تلك المنطقة من الدلتا تتعرض لمعدلات عالية من النحت مع التغيرات المناخية العنيفة، مما يؤدي لارتفاع مياه البحر وغرق مساحات جديدة من شمال الدلتا”.

وأضاف الشناوي أن هناك أبحاث علمية مصرية رصينة في هذا الشأن منها بحثي مصطفى طلبة وخالد عودة، معتبرا أن “حكومة الجنزوري (كانت) حكومة تسيير أعمال، والواضح أنها ما زالت تبيع أوهام النظام القديم حتى بعد الثورة”.

لكن جهاز حماية البيئة بالمحافظة وعلي لسان عاطف المنباوي أكد أن المحافظة أعدت كل الدراسات اللازمة لتخطي هذه العقبات، والمشروع لا يهدده أي خطر، حيث تعد المحافظة خططا لمواجهة زحف المياه بإقامة سدود وبوابات بحرية، وهو ما أكد عليه أيضا محمد نبيه سكرتير عام المحافظة في تصريح لـ “مراسلون”، مشيرا إلى أن مواجهة زحف البحر “يخضع لخطة قومية شاملة”.

التشجير هو الحل؟

بين ثقة المسؤولين في الدولة من تخطيطهم وتحذير الخبراء، يقدم أحمد رخا أحد كبار الباحثين في شؤون البيئة ومدير إدارة الأرض والتربة والتشجير بالإدارة المركزية لجهاز شؤون البيئة، يقدم مقترحا يتجاوز “فشل” الخطط القومية.

ويقضي مقترحه بإنشاء غابة شجرية علي مجمل 100 كيلو متر هو عرض المسافة والواجهة البحرية للمنصورة الجديدة، إذ أن “معدل الغرق البالغ 1 سنتيمتر سنويا يمكن مقاومته بإقامة مشاتل اقتصادية تتولى إنتاج 3 مليون شتلة شجرية مروية بمياه الصرف الزراعي المتوفرة بالمنطقة، ومن ثم تتحول تلك الغابة إلى نشاط زراعي آني ونشاط اقتصادي مستقبلي جنبا إلي جنب فائدتها البيئية”.

يحتدم الجدل إذن حول مستقبل المشروع، وفيما لا يقدم أي طرف حسما نهائيا لحججه، يظل الأمل يحدو الجميع بحل أزمة الحاضر دون تحويل المنصورة الجديدة إلى قارة أتلنتيكا المستقبل.