أكثر من عشرين ألفا من الليبيين الذين قرروا أداء العمرة في رمضان هذا العام لم يصلوا الأراضي المقدسة إلا بعد عناء طويل.

الارتباك الكبير الحاصل في أداء وزارة المواصلات وشركات الطيران وحتى المصرف المركزي، جعل بعضهم يسافر براً وعلى ضمانته الشخصية.

مائة بالمائة

لؤي بو هروس صاحب مكتب خدمات السفر والسياحة تجاوزت خسارته المائة بالمائة في موسم العمرة الذي حضر له منذ فترة.

أكثر من عشرين ألفا من الليبيين الذين قرروا أداء العمرة في رمضان هذا العام لم يصلوا الأراضي المقدسة إلا بعد عناء طويل.

الارتباك الكبير الحاصل في أداء وزارة المواصلات وشركات الطيران وحتى المصرف المركزي، جعل بعضهم يسافر براً وعلى ضمانته الشخصية.

مائة بالمائة

لؤي بو هروس صاحب مكتب خدمات السفر والسياحة تجاوزت خسارته المائة بالمائة في موسم العمرة الذي حضر له منذ فترة.

يقول إن “عدم وجود طائرات لدى شركات الخطوط الليبية فرض علي تحمل تكاليف أرهقتني، فضلاً عن أن عددا كبيرا من المعتمرين ألغوا حجوزاتهم لدى مكتبي وسافروا بطرقهم الخاصة”.

لكن الخسائر المادية تهون أمام ما واجهه هذا الرجل من تعقيدات في سبيل إتمام رحلات المعتمرين إلى المملكة العربية السعودية خلال شهر رمضان.

لا يوجد طائرات

قبل نحو ثلاثة أشهر تقدم بو هروس وغيره من وكلاء شركات السفر والسياحة، والتي تجاوز عددها الثلاثين شركة، تقدموا بطلب لشركة الخطوط الأفريقية القابضة (المالكة لشركتي الخطوط الجوية الليبية والأفريقية) لحجز مقاعد للمعتمرين على متن رحلاتها، وذلك محاولةً منهم لضمان الوقت، فجاءهم الرد بالإيجاب وباشروا إتمام إجراءات السفر.

وبعد أن وافقت المملكة العربية السعودية على منح تأشيرات لعشرين ألف معتمر ليبي، شرعت شركة بو هروس باستقبال الطلبات.

الصدمة التي ألمت بهذا التاجر كانت عندما سمحت شركة الخطوط الأفريقية لكل وكيل سفر بترحيل 60 معتمر فقط على متن كل رحلة، فيما كل وكيل مسؤول عن تسفير قرابة 700 معتمر، وهذا يعني أن المعتمرين سيضطرون للتأخر لقلة عدد الرحلات.

ويقول “طالبنا الخطوط الليبية بإيجاد حل أفادوا بأنهم لا يملكون طائرات، وقالوا إنهم بصدد استئجار طائرة ولا يملكون ثمن الإيجار”.

لتجاوز الخسائر المالية والحرج مع الزبائن أقدم بو هروس ومعه أصحاب الشركات على دفع إيجار الطائرة لشركة الافريقية، وكانت من نوع جامبو تعود ملكيتها للسعودية.

مليون دولار

وفقا لهذا التاجر، فإنه وزملاءه وضعوا مبلغا يزيد عن مليون دولار امريكي في حساب الشركة الأفريقية بالمصرف الليبي الخارجي حيث أن قيمة الإيجار تبلغ 8000 دولار عن كل ساعة طيران.

لكن مصرف ليبيا المركزي لم يقم بتحويل المبلغ إلى السعودية. ويتابع بو هروس “راجعنا المصرف ووعد بتحويل المبلغ خلال أسبوع غير أن الفترة تجاوزت ذلك ولم يتم التحويل”.

أما المسؤولون في مصرف ليبيا المركزي فرفضوا توضيح أسباب التأخير في تحويل المبلغ إلى مالك الطائرة في السعودية .

تكاليف إضافية

بو هروس هو واحد من أصحاب شركات السفر الذين اضطروا لتحمل فروق الأسعار في التذاكر التي ارتفعت من 750 دينار إلى 1050 على الخطوط الليبية، كما قاموا بالاتفاق مع الفنادق السعودية وتحويل إيجار الغرف، حيث أن الشركة الواحدة لديها ثلاثين غرفة مفتوحة على الأقل ستتحمل دفع ثمنها في حال استعملها المعتمر أو لم يستعملها، فيما تلتزم بإرجاع قيمة العمرة كاملة بما فيها ثمن التذكرة للمعتمر الذي يقرر إلغاء سفره.

بعض أصحاب الشركات قاموا بتغيير رحلات المعتمرين على طائرات خطوط أخرى مثل المصرية والأردنية والتونسية حتى يتمكنوا من الوصول إلى الأراضي المقدسة في الزمن المحدد، رغم أن هذا الإجراء يكبد المكتب دفع فروق في أسعار التذاكر تصل إلى 500 دينار للتذكرة، إلى جانب أن المعتمر سيضطر لركوب الطائرة فترة تصل إلى 12 ساعة أحياناً.

أخطاء الحكومة

وكيل وزارة المواصلات فوزي بالتمر صرح أن أسباب تأخير الرحلات يرجع لعدم الحصول على إذن هبوط للطائرات على الأراضي المقدسة، وهو ما ينفي أبو هروس صحته جملةً وتفصيلاً.

كما يتهم أبو هروس أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بـ”القرصنة” على حد تعبيره، وذلك بسبب صدور أوامر يوم السبت الموافق 16 رمضان من المجلس تقضي بإلغاء كافة الأسماء على رحلة السعودية، تسهيلاً لنقل الطائرة رحلة خاصة إلى السعودية تقل أسماء مقدمة من المجلس، متجاهلين كل ما تعانيه عملية نقل المعتمرين من إرباك وتأخير.

دعاوى قضائية

المواطنون المتقدمون بطلبات لحجز مقاعد لهم على الطائرات المتوجهة للسعودية قبل شهرين من موعد السفر لا يلقون بالاً لكل هذا الصعاب، فهم  كانوا يأملون من المعنيين تنبيههم قبل فترة إلى أن الأمور قد تتعرقل حد احتمالات الإلغاء، ما دفع بعضهم لرفع دعاوى قضائية ضد أصحاب شركات السفر، واعتدى البعض عليهم بالضرب.

محمد صالح هو أحد الراغبين في السفر خلال هذا الشهر مع زوجته، وقال أنه كان ينتظر السفر إلى الأراضي المقدسة بفارغ الصبر، خاصة أنه وزوجته فقدا اثنين من أبنائهما في رحلة تحرير ليبيا، ويرغبان من هذه الزيارة التقرب إلى الله وزيارة قبر رسوله الكريم، ويأمل أن يكون لهذه الرحلة أثرٌ حسن على قلب زوجته التي لازالت تبكي ابنيها الفقيدين .

إلا أن محمد اضطر لزيادة المبلغ المطلوب منه بسبب الزيادة التي طرأت على أسعار التذاكر، ويؤكد “أنا لا أمانع في ذلك رغم صعوبته، فهذه العمرة مهمة جداً للعائلة”.

وزارة سياحة

يعتقد أبو هروس أن عدم وجود وزارة للسياحة ضمن تشكيلة الحكومة المؤقتة يساهم في تفاقم المشاكل من هذا النوع، رغم أن العديد من الاجتماعات التي عقدها موظفو قطاع السياحة طالبوا من خلالها المجلس الانتقالي والحكومة المؤقتة بتكليف شخص يحل محل وزير السياحة يتكفل بوضع حلول لمثل هذه الإشكاليات التي يعاني منها القطاع، عدا أن ليبيا فقدت مقعدها في المنظمة العالمية للسياحة ومجلس وزراء السياحة العرب التابع للجامعة العربية بسبب عدم وجود وزارة سياحة .

وتظل الثيمة الرئيسية للسلطات الليبية هي رفض أي جهة تحمل مسؤولية ما ترتكبه من أخطاء وتقصير في الأداء، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على المواطنين الذين لا يستطيعون تجاوز حقيقة أنهم ينتمون لدولة يفوق دخلها اليومي 250 مليون دولار، ويتساءلون كم مليوناً يكلف الحكومة استئجار طائرات تقل المعتمرين وتخفف عنهم كل هذا العناء، خاصة وأن تفاصيل رحلة العودة لم تتضح معالمها بعد.