مع وصول الدكتور محمد مرسي لمنصب رئيس الجمهورية، وهو الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة ذي المرجعية الإسلامية، تعالت أصوات منادية بإنشاء أحزاب ذات مرجعية مسيحية تضم جميع المصريين. لعل أبرزها دعوة نشطاء أقباط لتأسيس “جماعة الإخوان المسيحيين”.

وتهدف الجماعة، وفقا لتقارير إعلامية، “إلى مواجهة المد الديني المتأسلم”. ويقول ميشيل فهمي، أحد الناشطين المؤسسين، نقلا عن قناة “العربية”، إن اختيار التوقيت مرتبط بصعود التيارات الإسلامية ووصول مرسي للحكم.

مع وصول الدكتور محمد مرسي لمنصب رئيس الجمهورية، وهو الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة ذي المرجعية الإسلامية، تعالت أصوات منادية بإنشاء أحزاب ذات مرجعية مسيحية تضم جميع المصريين. لعل أبرزها دعوة نشطاء أقباط لتأسيس “جماعة الإخوان المسيحيين”.

وتهدف الجماعة، وفقا لتقارير إعلامية، “إلى مواجهة المد الديني المتأسلم”. ويقول ميشيل فهمي، أحد الناشطين المؤسسين، نقلا عن قناة “العربية”، إن اختيار التوقيت مرتبط بصعود التيارات الإسلامية ووصول مرسي للحكم.

لكن فكرة إنشاء حزب مسيحي لا يبدو أنها تلقى قبولا عريضا بين الأقباط المصريين الذين يشكلون بحسب معظم التقديرات 10 بالمئة من سكان مصر أي حوالي 8 مليون نسمة.

فاروق جرجس وزوجته المقيمان بقرية سرابيوم بالإسماعيلية (200 كلم شرق القاهرة)، والتي تقطنها أغلبية مسلمة، رفضا فكرة الانضمام لحزب مسيحي، وقال جرجس “كل البلاوي بسبب الأحزاب”. مؤكدا أن الانقسامات والفتن الطائفية بدأت تظهر بين المصريين منذ أن صرح الرئيس الراحل أنور السادات بإنشاء أحزاب في السبعينيات. 

[ibimage==1006==Small_Image==none==self==null]

فاروق جرجس وزوجته

 

ليتهم يتعلموا من الرسول

 

جرجس وعائلته يقدمان مثال على التعايش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في مصر. فبرغم معاناة جرجس كما يقول من اضطهاد جماعة الإخوان المسلمين له في مدينة الزقازيق حيث ولد (شمالي القاهرة) قبل ثورة 52، فإنه لا يشعر بالخوف تجاههم، ويقول هو وزوجته “يا ريتهم يتعلموا من الرسول”.

ويشير إلى ان الإخوان لو طبقوا ما في القرآن الكريم الذي درسه هو وزوجته فلن يشعر المسيحيون بالاضطهاد، ولن يضطروا لانتخاب شخص مثل شفيق للهروب من  التشدد الإخواني، حسب قوله.

المفاجأة أن اثنين من أبناء جرجس دخلا الإسلام، ورغم ذلك ما زالا يبادلان الأب وباقي العائلة أواصر المحبة وصلة الرحم، ويزوران العائلة بانتظام. والأب الذي تفاجأ في البداية من قرار ولديه، لم يمنعهما من تغيير دينيهما، ولم يغضب منهما.

 

المسيحيون بحاجة لإعادة تأهيل نفسي

 

عدم تحمس جرجس لقيام أحزاب مسيحية يتفق مع رؤية الكنيسة القبطية. فالانبا مكاريوس راعى كنيسة الإسماعيلية يؤكد على رفض الكنيسة لمثل تلك الأحزاب “لأن تأسيسها سيضر بالصالح العام”، موضحا أن الأحزاب المسيحية بالغرب تستمد تعاليمها من الأخلاق السامية ولا تخلط الأمور الدينية بالسياسة، لذا نجحت في إخراج بلادها من العصور المظلمة، ولنفس السبب نجح أيضا الحزب الإسلامي في تركيا العلمانية، حسب ما قال الأنبا مكاريوس.

 

لكن الناشط الحقوقي ملاك نجيب ورئيس لجنة الشباب بحزب الوفد بالإسماعيلية لا يتفق مع الرؤية السلبية للأحزاب بشكل عام. ويرى أن الكثير من المسيحيين “بحاجة لإعادة تأهيل نفسي بعد أن تسبب الاضطهاد والتمييز الذي تعرضوا له في النظام السابق في زيادة الارتباط الروحي بالكنيسة وعزوفهم عن العمل العام والانضمام إلى الأحزاب السياسية، رغم أنهم مشاركون لإخوانهم المسلمين في كل شيء في الحياة إلا مكان العبادة فقط”. لكن نجيب رفض أيضا فكرة إنشاء حزب مسيحي، لأنه “سيفتت مصر إلى دول عديدة، وسيتم اختيار الأشخاص للمناصب حسب دينهم مثلما حدث مع الدكتور مرسي”.

 

استقطاب أثناء الانتخابات

 

عملية الانتخابات التي أتت بمرسي رئيسا وضعت مسيحيي مصر في خضم المشاركة السياسية. فقبل التصويت في جولة الإعادة بين مرسي وشفيق، الذي كان يعد مرشح النظام السابق، تنبأ الكثير من المراقبين أن المسيحيين سيعطون صوتهم لشفيق، لا عن اقتناع ولكن خوفا من وصول الإسلاميين للسلطة. وهو الخيار الذي أخذه جرجس بالفعل، لكنه ينفي تدخل الكنيسة في اتخاذه لهذا القرار.

كذلك أكد ممثل الكنيسة الأرثوذكسية في الإسماعيلية الأنبا داود نجيب أن الكنيسة تعتبر نفسها مكانا للعبادة والصلاة فقط، مشيرا إلى أن الأقباط كانوا أحرارا في اختياراتهم في الجولة الأولى.

المهندس مجدي صليب أحد الأقباط الكاثوليك قال أنه أعطى صوته لحمدين صباحي، المرشح الناصري الذي حل في المرتبة الثالثة في الجولة الأولى، أما بعد وصول مرسي وشفيق لجولة الإعادة فإنه أعطى صوته لشفيق، قائلا “المسيحيون توحدوا دون توجيه للتصويت لشفيق الذي ركز في دعايته على حقوق الأقباط، وهو الأمر الذي تجاهله مرسي الذي اعتبرت حملته صاحبة شعار النهضة الإسلامية أن من سيصوت لشفيق فهو كافر رغم أن الدين الإسلامي لا يبيح ذلك”.

 

لا خوف من مرسي

 

لكن جميع من تحدثت “مراسلون” إليهم أقروا أن من الصعب جدا تصور تولي مسيحي رئاسة البلاد. من ناحية أخرى طالبوا الرئيس مرسي بإقامة الدولة المدنية التي لا تميز بين الأشخاص إلا حسب كفاءاتهم، مؤكدين عدم خوفهم من مرسي لأن “المسيحي لا يخاف طالما كان مع ربه” كما قال الانبا داود.

وأضاف أن المسيحيين واصلوا إقامة شعائرهم في الكنائس رغم التهديدات التي تلت حادثة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية يناير 2011، وأن تولي رئيس صاحب توجه إسلامي لن يجعلهم يخشون على مستقبلهم.

في النهاية طالب الانبا داود بإضافة جملة و”لأصحاب الديانات الأخرى حق الاحتكام لشرائعهم” إلى الدستور الجديد، مع وجود المادة الثانية الحالية التي تقول إن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع.