“السلفيون لن يرتاحوا حتى أعلن تنصري”. صرخة تعبر عن ضيق حال الشيخ محمد الشربيني العامل في مسجد آل عثمان بمدينة الإسماعيلية التي تتوسط قناة السويس. هكذا يلخص شكل الصراع المحتدم بينه كممثل للأزهر وبين شيخ ينتمي للدعوة السلفية قام بالشجار معه وسبه أمام المصلين قبل أسبوع من لقائنا معه.

تعود الأزمة كما يحكي الشربيني إلى غياب إمام المسجد المقيم بعيدا في محافظة الشرقية، ومحاولة الشيخ السلفي الانفراد بإقامة المراسم في المسجد الواقع في منطقة شعبية مزدحمة بالمدينة.

“السلفيون لن يرتاحوا حتى أعلن تنصري”. صرخة تعبر عن ضيق حال الشيخ محمد الشربيني العامل في مسجد آل عثمان بمدينة الإسماعيلية التي تتوسط قناة السويس. هكذا يلخص شكل الصراع المحتدم بينه كممثل للأزهر وبين شيخ ينتمي للدعوة السلفية قام بالشجار معه وسبه أمام المصلين قبل أسبوع من لقائنا معه.

تعود الأزمة كما يحكي الشربيني إلى غياب إمام المسجد المقيم بعيدا في محافظة الشرقية، ومحاولة الشيخ السلفي الانفراد بإقامة المراسم في المسجد الواقع في منطقة شعبية مزدحمة بالمدينة.

[ibimage==969==Small_Image==none==self==null]

شيخ سلفى يلقى خطبة جمعة

الشربيني حرر محضرا بالواقعة ضد عضو حزب النور السلفي اتهمه فيه بمحاولة السيطرة على مسجد تابع لوزارة الأوقاف ومنعه كموظف عمومي من تأدية عمله بجانب

وعلى الرغم من اعترافه بحق السلفيين في نشر دعوتهم كما يريدون، إلا أنه تأسى لحال شكواه إلى الوزارة التي لم تلق آذانا، متهما الوزارة بـ “مجاملة” السلفيين والأخوان على حساب العاملين فيها.

صراع نفوذ

 

الصراع  بين أصحاب العمائم يشتد خلال شهر رمضان، حيث يلعب المسجد دورا محوريا في حياة الأهالي، ففيه تنتظم الصلوات التي تزداد وتيرة إقامتها، وتتعدد الخطب والدروس الدينية، ويزداد فعل الخير والتصدق والزكاة وتنظم المسابقات الدينية. وبتعبير الشيخ الازهري، فإن ورشة أعمال كاملة يستغلها السلفيون والأخوان سياسيا لتعميم نفوذهم وربط المزيد من جمهورهم ببرنامجهم الدعوي والخدمي.

 

من جهته، ينفي الشيخ محمد الشاذلي مسؤول الدعوة السلفية بالإسماعيلية احتدام التنافس بين تياره وبين الأزهر على كسب منابر المصلّين في شهر رمضان. ويقول “هناك مائة مسجد طلبت منا دعاة خلال هذا الشهر، وفرنا منهم بشق الأنفاس 35 محاضرا، نحن لا نشتري المساجد أو نبيعها، نحن نقدم خدمة الدعوة وهي ما يحتاجه الناس، هل نترك مساجد الله خالية فينصرف عنها الناس؟”.

ويقلل الداعية السلفي تاليا من أثر الشجار بين الشربيني وأحد رجال دعوته، لافتا إلي إنها معركة تصفية حسابات شخصية مناطقية، وأن محضر الشرطة الذي جرى تحريره “كيدي”.

ونفى الداعية السلفي أن يكون هو نفسه من يؤم الصلاة في المسجد الذي يصلي فيه قائلا:”حتي الشيخ الشهير محمد حسان لو جاء للإسماعيلية عليه أن يستأذن من شيخ المسجد في الإمامة، ونحن نحث الدعاة من طرفنا على عدم الخوض في أي شأن سياسي”.

 

الأخوان أيضاً

 

من ناحية أخرى، يفرق الشربيني صاحب الشكوى بين الأخوان المسلمين والحركة السلفية في استخدام كل منهما للمساجد، ويقول إن الأخوان “يفهمون ما تعنيه مساجد الأوقاف، يحترمون العاملين فيها ولا يسعون للسيطرة عليها أو نشر أفكارهم”.

 

ويبدو أن إعجاب الشربيني بالإخوان تحديدا، لكونهم لا يخلطون بين الدعوة وبرنامجهم السياسي، هو مجرد تصور شخصي، فالأخوان أنفسهم كما التقيناهم يفندون تلك الفكرة.

فالمهندس حامد إسماعيل مسؤول التربية بالجماعة في المحافظة يقول “نحن دولة مسلمة، والمسجد ساحة لتداول شؤون الحياة ومنها السياسية بالطبع، اقتداء بالرسول الكريم نفسه، والمنبر فرصة لتقديم وجهة نظرنا السياسية بالطبع، لكننا لا ننازع أحدا في ذلك، لا الوزارة ولا السلفيين، مصداقا لقول الإمام المؤسس حسن البنا: “دعونا نتنوع فيما اتفقنا عليه، ونعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه”.

 

المصلون يرفضون الاستقطابات

 

وفي حين قصر المهندس حامد إسماعيل دور جماعته حيال الأزهر في دعم استقلاله عن النظام السابق، واصفا تعدد الرؤى والمنابر بأنه “تراث أزهري” حين كانت ساحاته تتسع لأربعة أئمة من المذاهب الأربعة، نفى الشيخ عبد الرحمن محمود عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أن يكون هناك تنافس سياسي علي منابره، لافتا إلى أن شيوخ الأزهر نفسه يدركون تاريخ وسطيته، داعيا جماعة الأخوان للابتعاد عنه، “فإدخالهم الساسة إلي المنابر أدى إلى زيادة الشقاق بين المسلمين” على حد قوله.

في حين اعترف الشيخ محمد محمد السيد مفتش الأوقاف بالإسماعيلية بتقصير وزارته في تغطية كل المساجد بالدعاة، مشيرا إلى أن الأزهر يبعد أي خطيب يثير مشاكل أو شقاقا سياسيا من علي منابره.

الدعوة لتنحية المساجد من الخلاف السياسي وجدت تعاطفا في مصلى مسجد آل عثمان. فالمحاسب أحمد الحويطي أحد المداومين على الصلاة في مسجد آل عثمان يرى أن المسجد لابد أن يكون ساحة تجميع لا تفرقة بسبب السياسة، خاصة في لحظة انقسم فيها المسلمون إلي عشرات الفرق على حد قوله.

في حين اضطر الشاب أسامة محمد إلى التزام منزله بعد أن سيطر “بعض المسيسون” كما اسماهم علي منبر المسجد في الحي الذي يقطن فيه.

بل إن الموقف من تسييس المساجد فرق بين عضوين من جماعة الأخوان نفسها، ففي حين يرى أسامة عباس العضو العامل بالجماعة أن على الحركة أن لا تزيد من عوامل الشقاق بين المصريين المسلمين، يعتقد محمود الغزلاوي المحب للأخوان والدراس للشريعة بالأزهر ضرورة أن “يكون المسجد ساحة حياة ودين كما كان الأمر في عهد الرسول(ص)”.