هناك مقولات شائعة في العقل المصري يتداولها أصحابها وينقلها آخرون من دون تمحيص، ومن هذه المقولات أن التحالف الحالي بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين، وهو لم يعد خفيا على احد وتبدو ملامحه وعلاماته واضحة لكل ذي أعين، يهدف إلى الحفاظ على مصالح إسرائيل، وان الولايات المتحدة استطاعت أن تحصل من الإخوان على ضمانات حول هذه القضية وبالتالي بدأت في مساعدتهم والتحالف معهم.

هناك مقولات شائعة في العقل المصري يتداولها أصحابها وينقلها آخرون من دون تمحيص، ومن هذه المقولات أن التحالف الحالي بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين، وهو لم يعد خفيا على احد وتبدو ملامحه وعلاماته واضحة لكل ذي أعين، يهدف إلى الحفاظ على مصالح إسرائيل، وان الولايات المتحدة استطاعت أن تحصل من الإخوان على ضمانات حول هذه القضية وبالتالي بدأت في مساعدتهم والتحالف معهم.

وكانت زيارة السيدة هيلارى كلينتون الأخيرة إلى القاهرة مناسبة لإعادة تكرار هذا الكلام. إذ شهدت القاهرة والإسكندرية مظاهرات معادية لوزيرة الخارجية الأمريكية بسبب تحالف بلدها مع الإخوان المسلمين، كذلك امتنعت قيادات قبطية عن لقائها لنفس السبب.

والحقيقة إن الحفاظ على مصالح إسرائيل هي واحدة من أبرز ثوابت السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط، لكن مصالح الولايات المتحدة بالطبع تتقدم على ذلك.

ونستطيع أن نقول إن التحالف الحالي بين الولايات المتحدة والإخوان يهدف إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية ويأتي الهدف الآخر، أي الحفاظ على مصالح إسرائيل، كهدف تال في الأولوية.

فالولايات المتحدة على مدى عقود استطاعت أن تشكل نظاما إقليميا تابعا يحافظ على مصالحها في المنطقة بما فيها الحفاظ على أمن إسرائيل. ولكن يأتي قبل ذلك الحفاظ على إمدادات النفط وعلى التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية الرأسمالية، وهذه الأهداف تهددت بعد الثورة المصرية.

 فهذه الثورة لو كانت نجحت في تحقيق أهدافها كاملة في بناء نظام ديمقراطي حقيقي يحقق العدالة الاجتماعية، لكان يمكن أن يحدث تغيير جذري في النظام الإقليمي بما يهدد المصالح الأمريكية. وجاء التحالف مع الإخوان من أجل وقف الثورة عند الحد الذي لا تهدد فيه المصالح الأمريكية.

وهنا نشير إلى واحدة من أهم النقاط التي ناقشها جون كيري عضو الكونجرس الأمريكي مع الإخوان المسلمين في أحد أول اللقاءات بين الجانبين حسبما أعلن رسميا، وهي الحفاظ على القوانين التي تحكم الاستثمار في مصر، إذ أبدى الإخوان وجناحهم السياسي الحرية والعدالة التزامهم بهذا الأمر.

هذا التنسيق أو التحالف لم يأت من فراغ، وهنا نشير إلى دراسة مبكرة نشرت في أعقاب الثورة المصرية في “نيويورك ريفيو أوف بوكس” بعنوان “الثورة العربية المضادة” لكل من روبرت مالي وحسين أغا، والاثنان نافذان لدى الإدارة الديمقراطية، نصحت بأن يكون التعاون مع كل المجلس العسكري والإسلاميين وليس مع قوى الثورة.

أي أن التعاون أو التنسيق أو التحالف، سمه ما تشاء، بين الجانبين يهدف إلى الإبقاء على النظام الإقليمي الراهن الذي يحقق مصالح الولايات المتحدة وبالتالي أيضا مصالح حلفائها ومن بينهم إسرائيل ولكن الأهم هو مصالح العربية السعودية وباقي دول الخليج. كما يهدف أيضا إلى عدم امتداد الثورة إلى الجانب الاجتماعي الاقتصادي لأن هذا الأمر يمكن إن يؤثر على مصالح شركات أمريكية عاملة في مصر، كذلك يمكن إن يؤدي إلى تغيير في التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية ليس في مصر فقط وإنما في دول عربية أخرى شهدت تغييرات سياسية حادة مثل تونس وليبيا وغيرها وكل ذلك يمكن إن يهدد النظام الرأسمالي النيوليبرالي الذي تسعى الولايات المتحدة لأن يظل سائدا في كافة أنحاء العالم.

وهذا التحالف أو التنسيق لم يقم من فراغ إنما جاء لان الولايات المتحدة تدرك أن الإخوان تنظيم محافظ، وبرنامجهم الاقتصادي رأسمالي، فهم لم يكن بينهم وبين النظام السابق أى خلافات حول برامج الخصخصة أو حول القضايا الاقتصادية الأخرى، وإنما كانت اختلافات بسيطة من داخل نفس المنهج بهدف تحسين شروط الرأسمالية.

فخيرت الشاطر وحسن مالك لا يختلف أى منهما عن أحمد عز وعائلة منصور أي الرموز الاقتصادية للحزب الوطني. والتحالف الذي يتحدث عنه المحللون يهدف فقط للإبقاء على النظام الاقتصادي الاجتماعي الذي يحقق المصالح الأمريكية. وهذا الأمر يفسر تقاعس الإخوان عن تنفيذ أي من المطالب الاجتماعية للثورة. وهو أحد أسباب استمرار الاحتجاجات المطلبية من المحلة إلى السويس إلى مناطق أخرى. 

 

خالد السرجاني، كاتب وصحفي فى جريدة الاهرام وعضو اللجنة التنسيقية للائتلاف الوطني لحرية الاعلام