ينحدر وزير املاك الدولة سليم بن حميدان من عائلة في الجنوب التونسي توصف بأنها “يوسفية”، نسبة إلى أنصار الزعيم الوطني صالح بن يوسف الذي نافس بورقيبة على الحكم بداية عهد الاستقلال وكانت نهايته الاغتيال، ليقع التنكيل بعد ذلك بأتباعه وأنصاره.
كان بن حميدان من العناصر الناشطة سياسيا في الجامعة التونسية أواخر الثمانينات وبداية التسعينات وقد لاحقه البوليس السياسي على خلفية هذا النشاط واضطر للهجرة إلى عدة أقطار منها لبنان وفرنسا.
أسس بداية سنة 2000 مع المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية الحالي ومجموعة من المناضلين حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية”.
ينحدر وزير املاك الدولة سليم بن حميدان من عائلة في الجنوب التونسي توصف بأنها “يوسفية”، نسبة إلى أنصار الزعيم الوطني صالح بن يوسف الذي نافس بورقيبة على الحكم بداية عهد الاستقلال وكانت نهايته الاغتيال، ليقع التنكيل بعد ذلك بأتباعه وأنصاره.
كان بن حميدان من العناصر الناشطة سياسيا في الجامعة التونسية أواخر الثمانينات وبداية التسعينات وقد لاحقه البوليس السياسي على خلفية هذا النشاط واضطر للهجرة إلى عدة أقطار منها لبنان وفرنسا.
أسس بداية سنة 2000 مع المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية الحالي ومجموعة من المناضلين حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية”.
عودته إلى تونس بعد الثورة لم ترافقها ضجة إعلامية كبيرة، لكنه فاز في انتخابات المجلس التأسيسي في 23 اكتوبر 2011 لتسند له في ما بعد حقيبة وزارة أملاك الدولة.
موقع “مراسلون” التقى بنت حميدان ليجيب على علامات استفهام كثيرة تتصل بأدائه الشخصي وأداء وزارته.
وهنا نص المقابلة.
س- وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية كانت تعتبر أحد أهم بؤر الفساد في نظام بن علي لكن إلى اليوم لم نلاحظ أنكم اتخذتم إجراءات ثورية لاجتثاثه.
ج- في العهد البائد وخاصّة في العشرية الأخير كانت وزارة أملاك الدولة ركيزة من ركائز الفساد، ورغم ثانوية دورها. نحن بدأنا في الإصلاح، فالوزارة منذ 14 كانون الثاني/ يناير 2011 شهدت تحوّلا في مسار عملها عبر مراجعة الملفات التي تحمل شبهة فساد في التفويت العقاري وفي أملاك الأجانب وفي العقارات الفلاحية وهي الآن على أبواب تحقيق نقلة نوعية.
س- ماذا عن الاملاك المصادرة من رموز الفساد في عهد النظام السابق؟ هي تقّدر بنحو 1200 مليون دينار تونسي (حوالي 735 مليون دولار أمريكي)، لكن إلى الآن لم نلمس حقائق واضحة حول ماهيتها ومآلها.
ج- ملف المصادرة مطلب شعبي جاءت هذه الثورة لتحقيقه فالمصادرة هي عملية استرجاع للأموال والأملاك وإعادتها لأصحابها الحقيقيين، وهي ليست كما تصوّر على أنها انتزاع لملكية من أشخاص وإنما هو استرداد لحق مجموعة وطنية بعد أن سلب منها بعملية فساد منظمة. وصدر في ذلك المرسوم الشهير رقم 13 في آذار (مارس) 2011 والمنقّح بالمرسوم 47 الصادر في أيار (مايو) 2011 الذي ينظّم عملية المصادرة ويحدّد قائمة اسمية بمن صودرت أملاكهم.
س– هل يحق لوزارة أملاك الدولة التحرّك في الخارج لاسترداد الأملاك المنهوبة؟ فرنسا مثلا تأوي عددا لا يستهان به من العقارات التي يملكها الرئيس المخلوع وأصهاره؟
ج- اللجنة المسؤولة عن ذلك هي لجنة استرجاع الأموال المنهوبة بالخارج، سواء كانت في شكل أموال سائلة أو في شكل عقارات، وهي تحت إشراف محافظ البنك المركزي ونحن بالتأكيد نشتغل وفق عملية تنسيق وبشكل منظّم وقد بدأت العملية تؤتي ثمارها على أكثر من صعيد.
س- كثرت الاتهامات بينك وبين المناضلة الحقوقية المعروفة باسم “أم زياد” رفيقة الأمس في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، فلماذا تحوّل حزبكم إلى حلبة للتلاسن اللفظي والمهاترات السياسية؟
ج- في الحقيقة نختلف في السياسة عند تقدير المواقف وقد يبلغ التشنّج أحيانا مأخذا من كل واحد فينا.. المهم هو طي الصفحة والتعاون على خدمة تونس والتنافس الشريف من أجل المصلحة العام. وأن يؤسس بعض رفاق الأمس والأصدقاء حزبا جديدا نتمنى لهم فيه التوفيق والنجاح ونتمنى أن يكون إضافة جديدة للديمقراطية.
س– هل يمكن أن يتحوّل رفاق الأمس إلى حلفاء سياسة في المستقبل؟
ج- ليس هناك ما يمنع بالعكس هم أقرب الناس إلى التحالف خاصة أنه جمع بيننا تاريخ مشترك نتمنى أيضا أن يكون لدينا مستقبل مشترك ونسمو عن خلافاتنا وعن أحقادنا..
س- وصفك للتجمعيين المنتمين للحزب الحاكم سابقا بأنهم “حثالة” وتشديدك على ضرورة إقصائهم من الحياة السياسية رأى فيه البعض قصر نظر سياسي وإعادة إنتاج لتجربة اجتثاث حزب البعث في العراق. ماذا تقول؟
ج- هذه مسألة مبدئية، نحن نعرف أن التجمّع كان آلة الاستبداد والبطش السياسي التي مارست الاستبداد المنهجي ضدّ الشعب التونسي وركعّت كل قواه الحيّة وشكّل هذا الحزب أو هذه الآلة الصماء رافدا للمؤسسة الأمنية. وأنا عندما تحدّثت عن رؤساء الشعب التجمعية ووصفتهم بالمجرمين ذلك لأنهم ساهموا في عذابات آلاف التونسيين وآلاف العائلات التونسية وهم الذين قاموا بالوشاية بالمعارضين السياسيين وبملاحقتهم الأمنية والشعب يعرف كل هذا.
بالتالي أنا تمسّكت بهذا الموقف لاعتبارات مبدئية. نحن ديمقراطيون نؤمن بحق الجميع بالمشاركة، لكن لا بدّ ونحن في سياق ثورة، وفي هذه المرحلة الانتقالية، أن يمنع كل من أجرم في حق هذا الشعب من المشاركة السياسية.
هذا طبيعي لأن كل الثورات التي تحترم نفسها وشعوبها تقوم بعملية تطهير وقضاء على مؤسسات وقوانين العهد البائد.
نحن نعلم أن الشعار الرئيسي الذي رفعته الثورة الفرنسية هو “اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس”. لأن أركان الاستبداد إبان الثورة الفرنسية قامت على الملوك وعلى رجال الإقطاع ورجال الكنيسة والشعار بالتالي يحمل شعار القطيعة ونحن قمنا بثورة لا بدّ أن نرفع هذا الشعار الذي يعني القطع مع الماضي الأليم .
أنا أتعجّب من وقاحة هؤلاء أنهم يتجرؤون اليوم والدماء لم تجف بعد والضحايا لم يستردوا بعد حقوقهم أن تكون لهم جرأة المطالبة بحقهم في المشاركة السياسية كما أطالب بحق الشعب التونسي في مساءلة هؤلاء جنائيا وسياسيا أمام الرأي العام الوطني والعربي والدولي خاصّة وأنهم لم يعتذروا بعد بل بلغت الوقاحة ببعضهم ليعتبر نفسه شريكا في الثورة.
س– لكن ألا يعني ذلك أنكم دعاة اجتثاث في لحظة ثورية تطلب المزيد من الإنصاف والديمقراطية؟
ج- نعم ..نحن دعاة اجتثاث للفساد.. ودعاة اجتثاث للشرّ.. ودعاة اجتثاث للظلم وللقهر.. هذا يشرفنا وهذا مطلب الثورة التونسية ومطلب المجتمع الدولي الآ.. مطلب أحرار العالم كله الذين يساندون الثورة التونسية ويساندون الثورات العربية.
س– لم تمنع الحكومة الأحزاب الدينية المتطرفة التي لا تؤمن بالعملية الديمقراطية وتدعو الى الخلافة، من النشاط القانوني. لماذا؟
ج- أنا مختص في قانون الجمعيات وأعتبر سرّ نجاح التجربة الفرنسية والديمقراطية الفرنسية هو حرية تكوين الجمعيات إلى درجة أنه لا يشترط لذلك تقديم مطلب للترخيص القانوني. ومسألة حرية التنظّم هي من أساسيات الديمقراطية لذلك أنا من دعاة أن تكون هناك حرية مطلقة في تكوين الجمعيات والأحزاب.
الرقابة تكون بعدية، أي كل من خالف بنشاطه السياسي والتنظيمي القوانين النافذة وهدّد الأمن القومي الوطني العام حينها يكون خاضعا للتتبّع، فالأصل حرية النشاط ثم بعد ذلك لمن خالف القوانين النافذة وهدّد النظام العام عندها يمكن أن يدخل تحت طائلة القانون وتنفّذ ضده كل الإجراءات القانونية.
س– حملة التشكيك في شهادتك العلمية سابقة لم تطل أي مسؤول في الدولة من قبل، كما لم تقبل أوراق اعتمادك لدى الهيئة الوطنية للمحامين. ما تعليقك على ذلك؟
ج- أقول لكل الخصوم والفرقاء يجب أن نترفّع عن أحقادنا.. أنا من المحبذين للنقد وأن يوجّه لي النقد على أساس البرامج والسياسات والمشاريع أما الاتهامات المجانية والإشاعات المغرضة فلا جدوى منها. وبالنسبة لمن يشكك في شهاداتي العلمية فهو يشكك في الجامعات التونسية واللبنانية والفرنسية فكل شهاداتي العلمية والحمد لله تم تنظيرها(معادلتها) لدى وزارة التعليم العالي (التونسية).
س– دائما ما تواجه باتهام أنك تقف وراء “أسلمة” حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وجعله من أذناب حركة النهضة، فهل هذا صحيح؟
ج- أنا عروبي، إسلامي، ديمقراطي، حداثي وأعتبر أن الفكر في عصر العولمة وفي عصر الكونية عابر للأديان وللأيديولوجية وعابر للقارات. نحن اليوم في دائرة الفكر الإنساني ومن خلال مسيرتي تمكنت من الاطلاع على عديد التجارب وأصبحت على قناعة بأن خصوصية الهوية العربية الإسلامية تشكّل الأساس والقاعدة للانفتاح على الكونية لذلك أستمد من الناحية الفكرية آرائي ومواقفي من القران الكريم والسنة النبوية ومن الكتابات الحديثة في السوسيولوجيا ومن الكثيرين من مفكري الغرب سواء مفكري الحداثة أو مفكري ما بعد الحداثة.