تأخرت مفتتح هذا العام الدراسي، بمحافظة القيروان (وسط تونس)، عودة مئات التلاميذ إلى مدارسهم بسبب عدم استعدادها الجيد لاستقبالهم. مدارس متداعية للسقوط تهدد حياة الصغار وأخرى مغلقة لا حياة فيها.

أحدث معظم هذه المدارس إثر الاستقلال الوطني بجهود مشتركة بين الدولة والأهالي لتصل الى 312 مدرسة ابتدائية، وهي الأعلى مقارنة ببقية المحافظات.

غير أن اتساع رقعة المدارس العتيقة واهتراء بنيتها التحتية وخصوصا بالأوساط الريفية جعل عمليات ترميمها صعبة وإعادة بنائها أصعب مما تسبب في عديد المشاكل التعليمية.

بعض المدارس استقبلت تلاميذها، في حين حرمت تصدعات الجدران وتشققات الأسقف ونقص التجهيزات وغياب مياه الشرب، الأطفال من حقهم الدستوري في التعلم.

وقدر إجمال الأطفال المحرومين من الدروس بأكثر من 10 بالمائة من مجموع 70 ألف تلميذ، ليجدوا أنفسهم على عتبات الانقطاع المبكر عن الدراسة والتشرد في الشوارع وعرضة إلى مخاطر الاعتداءات والانحراف.

هذه الظروف، دفعت الأولياء إلى الاحتجاج على تردي البنية التحتية ورفضهم إرسال أبنائهم إلى المدرسة في انتظار توفر الظروف المناسبة. وفي الاثناء يبقى مصير التلاميذ معلقا إلى حين تدخل وزارة التربية.

توصف محافظة القيروان، منذ أحداثها قبل 14 قرنا بأنها منارة العلم ومدرسة عالمية في شتى العلوم، يأتيها الطلبة من عديد البلدان ويتخرج منها كبار العلماء، ولكن ذلك البريق انطفأ فتحولت القيروان إلى أكثر المدن نسبة للأمية خصوصا في الصفوف البنات.

يذهب الأطفال نحو المدرسة بفيض من الشوق والمحبة من أجل لقاء الأصدقاء. يحملون مع حقائبهم الثقيلة أحلاما سترافقهم طيلة حياتهم.

 

الجلوس إلى الطاولة الخشبية، قبالة المعلم، إحدى أكبر الأمنيات التي يستيقظ عليها الأطفال كل صباح. منهم من تتحقق له هذه الأمنية ومنهم من ينتظر.

 

مسافات طويلة يقطعها التلاميذ باتجاه المدارس، بالمناطق الريفية مجموعات وفرادى عرضة أحيانا إلى مخاطر الطريق. فتصبح بالنسبة إليهم مغامرة جامحة سيروونها لأولادهم عندما يكبرون.

 

التقلبات المناخية والعقبات ومشاكل الطريق لا تمنع التلاميذ من التوجه يوميا إلى المدارس. يتنقلون في مجموعات يصنعون المستحيل من أجل تفادي التغيب عن الدروس.

عند كل صباح، يقف التلاميذ في طابور أمام القسم منتظرين المعلم. غير مهتمين بالأمطار. ومعظم الأوقات لا يحظى التلاميذ بالدروس بسبب نقص العلمين أو تغيبهم.

 

غياب أو نقص المعلمين يحرم التلاميذ من الدراسة، ولكنهم لا يستسلمون فيواصلون انتظار معلم آخر متسلحين بلمجة تخفف وطأة الانتظار وقارورة مياه يجلبونها من منازلهم.

 

يؤدي غياب المعلمين بسبب النقص المسجل إلى توقف الدروس كليا بالمدارس الابتدائية بالمناطق الريفية. تبدو المدرسة دون تلاميذ بلا روح ولا حياة.

 

الوضع المتردي لقاعات التدريس هو أيضا أحد أسباب تعطل الدروس. في انتظار الانتهاء من أشغال الترميم.

 

 

ما تزال ظروف الخدمات المدرسية غير مناسبة، رغم حديث وزارة التربية عن تحسنها. المركبات الصحية بعدد من المدارس لا تبدو لائقة. كما تفتقر الى مياه الشرب.

 

تدهور كبير في البنية التحتية للمراحيض والأماكن المخصصة للشرب داخل عديد المدارس التونسية بالجهات الداخلية.

 

خدمات النقل المدرسي ما تزال ضعيفة وما يزال التلميذ يتحمل متاعب كبيرة للوصول إلى المدرسة غير متيقن من توفر المعلم.

 

واجهة إحدى المدارس تبدو في حالة مزرية بينما تظل مشكلة غياب الترميم مستمرة.