بعد يوم شاق بدأ بقسوة الشمس، وتخلله قوة حرارة الفرن، تأتى إستراحة هذا الشاب وسط عدد كبير من الطوب الأحمر الذي تم انتاجه بعد مرور نحو 6 أيام من بدأ عملية الإنتاج.

أجداد هذا الشاب من المصريين القدماء لم يبنوا بيوتهم بالطوب الأحمر –الذي تعرض للحرق في الفرن كي يزيد صلابة- فقط بيت الفرعون هو ما يبنى بالطوب الأحمر-لأنه ابن الأله- بينما بيوتهم بالطين غير المحروق، فقد أهتم القدماء بالحياة الأخرى حيث الخلود، لذا بنيت المقابر بالطوب الأحمر، ولزمن طويل -يقدر بخمسة آلاف عام- ظل الطين غير المحروق هو المادة الأساسية لبناء البيوت في الريف المصري، إلى أن تم التحول إلى استعمال الطوب الأحمر بشكل شبه كامل –ظلت البيوت المبنية بالطين ترى حتى ثمانينات القرن الماضي- كلمة “طوب” نفسها ترجع إلى اللغة المصرية القديمة “دوب” ثم عُربت ونطقت “طوب”.

 

هنا في قرية “دروة” بمحافظة المنوفية، حيث تعد القرية من أشهر المراكز المصرية في صناعة الطوب الأحمر بشكل يدوي.

يبدأ العمل فى تمام الرابعة فجراً، مع بداية شروق يوم جديد. تبدأ مراحل التصنيع من ” الطٓفلة”  وهو مزيج من الرمل والزلط، يتم الحصول عليها من الجبال، وتنقسم لأنواع تميزها الألوان، وتنقسم ما بين الأحمر والأصفر والأسود.

يبدأ العمال مهامهم بخلط الطفلة بالرمال، باستخدام آلة كبيرة  “الخلاط”، ثم تضخ على آلة ثانية  “المطحنة” تقوم بطحن هذه الصخور لحبيبات رملية. ومن حبيبات صغيرة تعجن على هيئة قالب مستطيل

 

يقوم العمال بنقل القوالب إلى “القطاعة” لإنتاج قوالب متماثلة فى الشكل والمقاس ومنفصلة بعضها البعض. تقوم آلة القطع أيضاُ، بصناعة فراغات على هيئة دوائر صغيرة تتخلل قالب الطوب، كى يمر الهواء الساخن من خلالها.

 

ترص القوالب جنباً إلى جنب، فى عملية منظمة، تترك لمدة 6 أيام وتترك في الهواء الطلق لتكتسب منه الصلابة. وحتى لا يجف الطوب وتخلله الشقوق، يقوم العمال باستخدام قش الأرز في تغطيته حماية له من آشعة الشمس القاسية.

 

بعد 5 ليالى تأتى الخطوة الاهم فى هذه الصناعة.. يأتى دور الفرن.
ينقل العمال الطوب إلى الفرن وهو عبارة عن غرفة كبيرة دائرية الشكل، مبطنة بالطوب الحراري، يبقى الطوب بداخلها لفترة تتراوح ما بين ٣ أو ٤ أيام. في درجة حرارة تتدرج ما بين ٤٠٠-١٧٠٠ فهرنهايت، حتى يتحول لونه الرمادي إلى اللون الأحمر الحراري.

 

أصبحت الآلاف من القوالب جاهزة الآن للنقل والبيع، يقوم العمال بنقلها من خلال “السقالة” – يتم ربطها بقالب خشبي وحبال سميكة على الكتف، تتراص عشرات القوالب على ظهر العامل.

 

يقوم بتوصيلها إلى سيارة النقل، ويقوم الأطفال والعمال برصها جنباً إلى جنب حتى تبدأ حياتها كحوائط تضم بداخلها حيوات ملايين البشر.