قبل حوالي خمس وعشرين عاما قرر “محمد. ع” السفر لمدينة الغردقة السياحية بعد أن حصل على شهادة متوسطة “دبلوم تجارة” في مدينته الأقصر، للعمل في مجال السياحة، الأن تجاوز محمد الأربعين، ويشغل منصب مدير تسويق في إحدى الشركات السياحية الكبيرة، ومتزوج من مصرية، لكن خلال تلك الرحلة منذ وصوله للغردقة وحتى منصب مدير التسويق، كانت هناك أربع زيجات من أجنبيات دخل فيها محمد وخرج منها أيضا بعد فترات متفاوتة الطول حسب كل زيجة.

يتذكر محمد: “كنت وقتها شاب يريد الزواج، ومع ظروفى الاجتماعية المتوسطة ، ووجود الإعجاب بالمتبادل، ولم أكن أريد الدخول في علاقة “غير شرعية” مع الأجنبيات السائحات، فكانت زيجتي الأولى التي استمرت خمس سنوات مع ألمانية، حيث تزوجنا بشكل رسمي، وذهبت بعد فترة إلى ألمانيا وأقمت هناك لمدة عام ثم عدت مرة أخرى إلى الغردقة”.

***

فهمي حجاب المحامي بمدينة الغردقة السياحية والمتخصص في تحرير عقود الزواج بين المصريين والأجانب يرى أن الزواج العرفي يعتبر حلا بالنسبة للشاب المصرى خاصة في المناطق السياحية التي يتوافد عليها السياح الأجانب، بداية لعدم رغبته في مخالفة دينه وعاداته وتقاليده، بالدخول في علاقة مفتوحة، خاصة فى حالة رغبة الأجنبية فى إقامة علاقة معه،

أيضا نظرا لقلة تكاليف هذا التعاقد، وعدم الالتزام بتوثيقه سوى فى حالة رغبتهم واتفاقهم سوياً، ويتيح لهم هذا العقد الإقامة في الفنادق، علما بأن بعض الفنادق لا تعترف بعقود الزواج العرفية، لكن أيضا يمكنهم تأجير شقة بهذا العقد كزوجين

ويقوم بكتابة العقد محامي، أصبح لقبه الشائع “محامي الشاطيء”. والذي أكتسب اللقب من لتواجد هذا النوع من المحامين في الأماكن السياحية، وأغلب عمله يدور حول تحرير ذلك النوع من الزواج العرفي بين مصريين وأجنبيات

***

بعد انفصاله عن زوجته الألمانية الأولى، تزوج محمد من إنجليزية، وكان زواجهما بشكل رسمي، واستمر لمدة عامين، وبعدها تزوج من بولندية ثم هولندية زواجا عرفيا في الحالتين، ولم تستمر العلاقتين لفترة طويلة، إذ لم تدم أطولهما عن ستة أشهر.

يقول محمد: “كان هناك إعجاب متبادل، ولكني كنت أيضا أعلم أن هذه العلاقات لن تستمر، لذا اشترطت عدم الانجاب، وقد لقى هذا قبولا في العلاقتين، ومن ناحية أخرى لم أكن أريد مخالفة عقائدي فكان الزواج العرفي هو الحل المناسب بالنسبة لي”.

***

بالنسبة لحجاب نسبة ضئيلة هي من تقوم بتوثيق العقد العرفي لتحويله إلى عقد “رسمي” نظرا لكونها عملية معقدة بعض الشيء، فهي تتطلب أن يقوم أحد الطرفين –عادة ما تكون الزوجة- بإقامة دعوى لاثبات العلاقة، ويجب أن يعترف الزوج بالعلاقة، ثم يتم تحويل العقد العرفي لعقد زواج رسمي.

وتبلغ تكاليف عملية تحويل العقد العرفي لعقد رسمي حسب حجاب حوالي 5000 جنيه، بينما لا يكلف العقد العرفي أكثر من 600 جنيه، لذا عادة  لا يقوم الزوجين بعملية التوثيق، لأنه عادة في حال رغبة الطرفين في علاقة طويلة يقومان ساعتها بأجراءات الزواج الرسمي التي تتطلب عدد من الأوراق يجب أن يتم استيفائها من الطرف المصري والطرف الأجنبي، ويتم الزواج في هذه الحالة بمكتب زواج الأجانب بوزارة العدل، وبعدها يتم توثيقه في الخارجية، وتسجيله في سفارة الطرف الأجنبي، فيصبح عقد الزواج ساريا في البلدين. 

 ***

يخبرنا فهمي حجاب أن عدد الشباب المصري المتزوج من أجنبيات –زواجا رسميا -قد ارتفع خلال العام المنصرم بحسب أرقام مكتب زواج الأجانب بوزارة العدل إذ بلغت 6500 حالة  خلال عام 2016، بينما شهد عام 2015  4500 حالة زواج رسمي، وذلك بخلاف الزواج الذى يتم بشكل عرفى والذى يزيد بالتأكيد عن الزواج الرسمي ولكن يصعب حصر أعداده.

اللافت للنظر أيضا بحسب حجاب هو الارتفاع في نسبة الزواج من الجنسيات العربية عن الأوربية في الفترة الأخيرة، وخاصة الزواج من السوريات، وتأتي فلسطين والمغرب بعد سوريا في نسب الزواج. وعلى مستوى الجنسيات الأوربية فيمكن القول أن النسب الأغلب من روسيا وبريطانيا وكندا وألمانيا وإيطاليا وأمريكا الشمالية والإكوادور،كولمبيا.

بينما على الجانب الأخر نسبة كبيرة من الشباب المرتبطين بأجنبيات هم من العاملين فى المدن السياحية، وأغلبهم من محافظات الشرقية، العريش، المنوفية، القليوبية، القاهرة، وأسوان.

***

محمد ختم حديثه معنا بأنه لجوئه للزواج العرفي كان بهدف جل أزمة، وليس تكوين أسرة، ويبقى الزواج العرفي أخف ثقلا في حال رغبة الطرفين إنهاء العلاقة، فليس عليها سوى تمزيق ورقة عقد الزواج.

 

photo by:  Giosuè Sapienza