عندما تراها للوهلة الأولى لن تستطيع تمييز إنها أجنبية، فهي تتجول بشكل عادي في شوارع قرية “ميت الكرما” التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، ملابسها لا تختلف عن ملابس نساء القرية، محجبة، وملابسها طويلة، تبتاع احتياجات منزلها من السوق، تقف في طابور فرن الخبر، من أجل الحصول على الخبز اليومي، ستبدأ في الانتباه لكونها أجنبية فقط عندما تتحدث، حيث تتحدث العامية المصرية بلكنة أجنبية،إنها فيرونيكا مرانو الإيطالية الجنسية، والمتزوجة من المصري إسلام الششتاوي، والأم لطفلتين كريمة (10 سنوات) وياسمين (8 سنوات)

***

“بدأ الأمر كصفقة” هكذا بدأت فيرونيكا – 37 عاما- في رواية قصتها، وتابعت: “كنت في حاجة لنقود، إذ كنت أمر بضائقة مالية، وتعرفت  على إسلام الذي كان يعمل في مدينتي “بافيا” بإيطاليا، إسلام كان قد دخل إلى إيطاليا بشكل غير منظم، وكان في حاجة إلى تسوية وضعه كمهاجر، فاتفقنا على الزواج مقابل خمسة آلاف يورو، كانت تلك النقود كافية لحل مشكلتنا نحن الاثنين، مشكلتي المالية ومشكلة وضعه كمهاجر بدون أوراق..لكن بعد ذلك تغير الوضع”.

يلتقط إسلام – 42 عاما- طرف الحديث من فيرونيكا، قائلا: “سافرت إلى إيطاليا عام 1998 ودخلت البلاد بشكل سري، وكنت أعمل في مجال البناء والمقاولات، وعندما قابلت فيرونيكا، كان يبدو أن الزواج سيكون حلا لنا نحن الاثنين، وبالفعل تزوجنا في 2008 واتفقت معها على العودة إلى “ميت الكرما” بعد خمس سنوات، وهو ما حدث بالفعل، والأن أمتلك مكتبا للمقاولات والبناء في القرية ولدينا طفلتين”.

***

يذكر أن قرية “ميت الكرما” إحدى القرى الشهيرة بهجرة أبنائها إلى إيطاليا تحديدا، وانعكس ذلك على القرية بعد فترة، في حركة البناء التي لا تتوقف، وأيضا يمكن ملاحظة أسماء المحلات بالقرية التي عادة ما تسمى بأسماء المدن الإيطالية التي كان يعمل أصحاب تلك المحلات، أيضا القرية معروفة بارتفاع تكاليف الزواج عن غيرها من القرى المجاورة نظرا لارتفاع مستوى المعيشية الناتج عن عمل الكثير من الشباب بإيطاليا.

***

تقول فيرونكا: “أتحدث العربية قدر استطاعتي، وقررت منذ وصولي هنا أن اتطبع بطبع أهل القرية، فأرتدى ملابس لا تختلف عنهم، وكنت قد أعتنقت الإسلام من العام الثانى لزواجى، وأحافظ على شعائره من صلاة وصوم وخلافه، وهذا يقربني أكثر من الناس. يومي لا يختلف كثيرا عن باقي نساء القرية، استيقظ صباحا، وأنزل لفرن العيش، ثم أتسوق، وأعود للبيت من أجل العناية بالاطفال والانشغال بتفاصيل المنزل”.

***

“أشعر أحيانا إن إيطاليا كانت في حالة شبيهة سنة 800” تضحك فيرونيكا وتقول لذا سميت القرية “800”، وتتابع: “بالتأكيد الوضع هنا أكثر صعوبة من إيطاليا بكثير، وما يجعل الأمور أكثر صعوبة أن الدولة لا تقدم الدعم الكافي للمواطنين، وهو ما يشكل بالسبة لي الفارق الأكبر بين حياتي في إيطاليا وحياتي هنا، فهناك كنت أحصل على دعم من الدولة، وكان على قلته، كافيا لتلبية حاجاتي الأساسية، ولكن هنا لا تقدم الدولة شيئا، وفي الفترة الأخيرة تواصل الأسعار الارتفاع بلا توقف، وكل هذا يجعل الحياة أكثر إرهاقا”.

***

تسافر  فيرونيكا بشكل سنوي لزيارة عائلتها في إيطاليا في إجازة تستمر لمدة شهر أو شهرين، وتحاول تعليم بناتها اللغة الإيطالية، حتى لا يفقدوا الصلة مع نصفهم الآخر، وتجتمع بشكل دوري مع إيطاليات أخريات يقمن بميت الكرما في ظروف ليست بعيدة عن ظروفها سواء من ناحية تعرفهم على أزواجهم بإيطاليا، أو ظروف الحياة اليومية،