الحادية عشر مساءً ليس أنسب الأوقات للسفر من كفر الشيخ إلى المحلة الكبرى” قالها الدكتور بصوته الجهوري، في أثناء انتظاره اكتمال ركاب الميكروباص العائد للمحلة، حيث إن كل من ينتقل بين المدينتين يفضل أن يحضر إلى الموقف قبل التاسعة مساءً، وإلا سيضطر لدفع أجرة 3 ركاب على الأقل –4جنيهات للراكب الواحد حاليًا.

الدكتور هو عزت شحاتة –اسم مستعار- طبيب بيطري في منتصف الأربعينات، مقيم بقرية بين المدينتين، يعمل صباحًا بعيادة بيطرية حكومية بالمحلة الكبرى، ومساءً في عيادة خاصة بكفر الشيخ، له 3 أولاد بمراحل عمرية مختلفة ولا يملك سيارة، يعرفه الركاب الدائمون وسائقو خط المحلة- كفر الشيخ بصوته الجهوري وخفة ظله واستعداده لتحمل أجرة 5 ركاب -3 جنيه للراكب الواحد- قبل زيادة أسعار الوقود.

يقول شحاتة إنه بعد التعويم زاد راتبه الشهري من العيادة الخاصة بنسبة 10%، ليصبح 1650 جنيهًا، ويصبح دخله الشهري 3150 جنيهًا (نحو 170 دولار)، إلا أن تلك الزيادة لا تناسب زيادة النفقات بعد التعويم والتي زادت بنحو 100%، ويضيف أنه اتجه للسحب من مدخراته، وضغط النفقات قليلًا، واتجه لبدائل أرخص من السلع المعتادة، تخلى تمامًا عن السلع الرفاهية، ويبحث عن فرص أفضل للعمل، ولو في الخارج، تحديدًا بالمملكة العربية السعودية إلا أنه في سنه ومع التغيرات التي وقعت في السعودية يصعب عليه إيجاد فرصة للعمل هناك.

وفقًا لأسعار السلع والخدمات بعد تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، يحتاج الدكتور ما لا يقل عن 3500 جنيهًا شهريًا لتوفير الاحتياجات الأساسية لـ5 أفراد، هو وزوجة وشاب بالثانوية العامة، وأخرى في التعليم الإعدادي وطفل ذي عامين ونصف، شحاتة لا يدخن ويملك منزلًا في قريته لذا تُعفى نفقاته الشهرية من قيمة إيجار المسكن والتدخين، وبإمكانه الحصول على الخضروات والفواكه والغلال بأسعار رخيصة كبقية أهالي الريف، وبحكم تخصصه يمكنه الحصول على اللحوم والدواجن بأسعار مقبولة، وينفق نحو نصف الدخل على نفقات الطعام والشراب شهريًا، وأكثر من ربع الدخل نفقات للمواصلات هو وأسرته، والباقي تذهب لنفقات التعليم والعلاج، ومع ضغط النفقات لا يزال الدكتور يبحث عن مصدر ثالث للدخل للوصول لحد الكفاية في قرية تعد نفقات الحياة فيها أقل كثيرًا من القاهرة.

 

تصوير: صبري خالد