عند الحديث عن الجنوب الليبي، وعن ثرواته الطبيعية المختلفة، وعن مساحته الشاسعة ومدنه ومناطقه المترامية الأطراف، سنمر حتما على بحيرات وكهوف وأودية يكون الحديث فيها وعليها أقرب لنسج للخيال ولكنه حقيقة، وفي هذا التقرير أربع محطات على سبيل المثال.

كهف الجنون

أو كما يسميه “الطوارق” بـ”إيندينان”، ويعرف أيضا لديهم بمملكة الجان، ويقع هذا الكهف في منطقة غات بالجنوب الغربي الليبي، وهو عبارة عن جبل طوله نصف كيلومتر، وشكله العام مكوّن من تكوينات صخرية متعرجة.

يقول أحمد عبد الرحمن من غات الباحث في مجال الآثار والمهتم بتاريخ الطوارق، إن هناك قصصا توارثها الطوارق عن أسلافهم تقول إن هذا الكهف يسكنه الجن، مثل ظهور غزال كل ليلة عند مدخل الكهف، بالإضافة إلى أصوات غريبة غير واضحة.

ويضيف عبد الرحمن أن من معتقدات الطوارق أن الجن يخاف من الحديد، لذلك تجد الخناجر والسيوف الصغيرة لا تفارقهم ليلا عند المرور بالقرب من هذا الكهف.

وأوضح أيضا أنه لا يمكن التسلق لهذا الكهف “المخيف” بسبب هشاشة الرمال في الجبل، كما أنه ذكر أن بعثة أوروبية قدمت لاستكشاف الكهف مطلع 2012، “ولكن حتى الآن لم نسمع عن أية نتائج قدمتها تلك البعثة”

كهف الوحوش

ومن الجنون (جمع جن) إلى الوحوش كهف آخر تم اكتشافه عام 2002 عند الحدود الجنوبية بين مصر وليبيا، وأطلق عليه اسم “كهف الوحوش” بعد العثور على بصمات محفورة على جدران الكهف، تعود لكائنات متوحشة حسب ما قاله عالم البحوث الأثرية إيمانويل أونوريه لموقع ديلي ميل البريطاني.

وأكد العالم أن هذه البصمات منقوشة في هذا الكهف منذ نحو 8000 عام حسب دراسة أجراها فريق البعثة الاستكشافية.

وأردف أن تلك البصمات التي تبدو مثل يد طفل صغير قد تعود أيضا لسحال صحراوية أو تماسيح صغيرة نظرا لوجود أنهار في تلك المنطقة في ذلك الوقت، قبل توقف هطول الأمطار وتحولها إلى أماكن جافة.

بحيرة قبر عون

هي ضمن أغرب البحيرات في العالم بسبب موقعها وطبيعتها، ففي عمق الصحراء الليبية، حيث كثبان الرمال المتحركة، وامتداد لون الصحراء الأصفر لمئات الأميال، فجأة تظهر هذه البحيرة التي تطوقها أشجار النخيل على طول محيطها، ما يرسم لوحة نادرة أشبه بالخيال.

تبعد هذه البحيرة قرابة 1150 كلم جنوب العاصمة الليبية طرابلس، تتميز بملوحة مياهها الشديدة ما يجعل الغرق فيها مستحيلا، ولكن ما يميزها أيضا ويجعلها ضمن قائمة أغرب البحيرات في العالم هو وجود مياه عذبة إذا ما تم الحفر بالقرب من ضفافها على عمق 50 سم فقط.

يقول “محمد لبن” عضو هيأة التدريس بقسم الجيولوجيا بجامعة بنغازي إنه غير مثبت حتى الآن كيف تكونت تلك البحيرة، والتي هي واحدة من ضمن 12 بحيرة أخرى لا يبعدن عنها.

وحسب الدراسات يقول لبن إن اكتساب البحيرة هذه الملوحة بسبب مرور المياه الجوفية التي تدفقت بسبب تشققات صخرية على صخور شديدة الملوحة.

سميت البحيرة بهذا الاسم لوجود قبر “ولي صالح” اسمه عون، (لا يُعرف سنة وفاته)، ويقصدها سنويا المئات من السواح المحليين والأجانب، منهم من يستمتع بجمالها والتقاط الصور التذكارية، وآخرون من أجل علاج بعض الأمراض الجلدية التي تعالجها مياه البحيرة.

وادي الكواكب

لعله الأغرب في ليبيا إن لم يكن الأغرب عالميا، ففي هذا الوادي الذي يبعد عن منطقة العوينات (1130 كلم تقريبا جنوب طرابلس)، صخور ضخمة تتخذ في هيأتها شكل الكواكب، ليشعر من يزور هذا الوادي وكأنه في الفضاء.

يصل متوسط قطر كل صخرة حوالي 10 أمتار تقريبا، حييث تتراص تلك الصخور الكروية جنبا إلى جنب لمسافة 30 كلم تقريبا.

يعرف أيضا بـ “وان تكوفي” في لغة الطوارق، وما يميز ذلك الوادي أيضا أنه ذو أرضية صخرية صلبة لا ماء فيه ولا زرع.

يقول أحمد عبد الرحمن إن هذا الوادي قد يكون قبلة مهمة للسواح الأجانب في حال تم الاهتمام به، وتعبيد طريق تمكنهم من الوصول إليه بسهولة.