الحلم الكبير

بسمة الواعر – تونس

كغيره من أنداده يرى الشاب التونسي محمد بن عثمان أن السفر إلى أوروبا سيفتح له باب العمل وجني المال، بل يعتقد بأن الهجرة إلى أوروبا -رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الكثيرون هناك- ستحوله من شخص منبوذ إلى آخر محبوب.

الحلم الكبير

بسمة الواعر – تونس

كغيره من أنداده يرى الشاب التونسي محمد بن عثمان أن السفر إلى أوروبا سيفتح له باب العمل وجني المال، بل يعتقد بأن الهجرة إلى أوروبا -رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الكثيرون هناك- ستحوله من شخص منبوذ إلى آخر محبوب.

يُعتبر هذا الشاب العشريني الذي يعيش منذ صغره في مدينة مقرين المحاذية للعاصمة تونس، يُعتبر نموذجا من آلاف الشباب المحبطين في البلاد بسبب تدهور الأوضاع وضيق الأفق، فبالنسبة إليهم حلم الهجرة إلى أوروبا حتى عبر زوارق الموت تمثل إليهم الملاذ الأخير لكسب المال والاحترام.

برغم وعي كثير من هؤلاء الشباب بصعوبة الهجرة بطرق سرية عبر البحر نحو السواحل الإيطالية والتي تنتهي بحالات عديدة بالغرق، فإن شبح الموت الذي يترصدهم في عرض البحر يتلاشى مع حلمهم بالهجرة.

مع اندلاع الثورة في تونس وتوتر الأوضاع عام 2011 ارتفعت موجة الهجرة السرية باتجاه السواحل الإيطالية حتى بلغ عدد المهاجرين السريين ما يقارب 20 ألف مهاجر ما جعل السلطات الإيطالية تحتج على تونس.

في ذلك الوقت حاول الشاب التونسي أحمد بن سالم العبور رغم أن ابن أخيه بسام توفي غرقا في رحلة سبقته انطلقت من محافظة صفاقس بالوسط التونسي والتي تمثل أحد نقاط انطلاق زوارق الهجرة السرية.

لم يتمكن أحمد (22 عاما) ومن معهم من مغادرة تونس بعدما اكتشف الشرطة التونسية مخططهم لكنه استطاع أن ينجو من قبضة الشرطة ولاذ بالفرار ما جنبه الإيقاف وعقوبة السجن بتهمة اجتياز الحدود خلسة.

بعد مرور ست سنوات على تلك الحادثة مازال يحلم أحمد المعطل عن العمل حاليا بعبور البحر باتجاه سواحل إيطاليا وهو يعتبر أن محاولة البحث عن عمل بأوروبا أو الموت في عرض البحر أفضل من الحرمان في بلده.

سبق لهذا الشاب أن عمل في عدة قطاعات بطريقة هشة فقد كان يبيع الخضر والسمك في السوق الموجود بمنطقته لكنه كان بالكاد يوفر 20 دينارا يوميا (9 دولارات) سرعان ما تتبخر في نفقاته اليومية كما يقول.

من جانبه يؤكد أسامة وهو تلميذ يدرس بالباكالوريا أن عديد من الشباب الذين يعرفهم يتوقون للسفر لأوروبا، مبينا بأن الحلم الأكبر لديهم هي الزواج بفتاة أجنبية للاستقرار معها في بلدها وتحسين أوضاعهم.

يقول هذا الشباب لمراسلون إن صعوبة الوضع في تونس يجعل الشباب محبطا ويائسا وهو ما جعلهم يبحثون عن البديل بالهجرة نحو أوروبا حيث “يستطيع المهاجر أن يحقق ما يصعب تحقيقه في بلده مثل الزواج”.

ويرى بأن الهجرة لأوروبا رغم تشديد قوانين الهجرة وتنامي الاعتداءات الإرهابية تبقى “الملاذ الأفضل” للكثيرين ممن يعانون من البطالة والحرمان، قائلا “الأحلام هناك لا تنتهي أما هنا فالأحلام تتلاشى حتى تموت”.

وهذا الشعور بالغبن يعبر عنه الشاب التونسي عماد الذي يقيم بمنطقة الكبارية أحد الأحياء الشعبية الفقيرة بالعاصمة حيث يقول لمراسلون إن الفقر والظلم والاحتقار جعلته يفكر يوميا في الرحيل من البلاد.

يحلم عماد الذي يهوى لعبة كرة القدم بممارسة الرياضة في أوروبا. يقول “طالما حلمت باللعب فوق ملعب معشب لكن مرت السنين دون أن يتحقق شيء”.

“ابقوا في ليبيا”

حاتم محارب – ليبيا

يعتقد “سعيد القبائلي” (24 عاما) أن أوروبا هي “الفردوس الأرضي”، معتمدا في ذلك على ما يشاهده في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يقول هذا الشاب الذي لا يعمل حاليا إن الهجرة إلى أوروبا لن تكون بأي شكل أسوأ من واقعنا في ليبيا، حيث لا عمل ولا أمن ولا أمان، “على الأقل سأستمتع هناك بمشاهدة دوريات كرة القدم الأوروبية” يختتم ضاحكا.

أما عبد الرحمن البرعصي (33 عاما) يرى أن البقاء في ليبيا رغم كل الظروف هو أفضل بكثير من هجرها إلى أي مكان في العالم لا سيما أوروبا، ليس هكذا فقط، بل يعتبر هذا الشاب -الذي يملك محلا صغيرا لصيانة الهواتف النقالة- يعتبر أن من يهاجر من ليبيا في هذا الوضع فهو “خائن” حسب تعبيره، معللا أن للكفاح صورا أخرى غير الهجرة.

ولكن لـ”محمد بدر” قصة أخرى يرويها بناء على تجربة شخصية، فبعد هجرة هذا الشاب بطريقة غير شرعية إلى إيطاليا في أغسطس العام الماضي، عاد بعد ثلاثة أشهر نادما على تلك التجربة التي وصفها بالمؤلمة، بدر الذي يبلغ من العمر أربعة وعشرين عاما لا ينصح الشباب الليبيين بالهجرة من بلادهم بطريقة غير شرعية، فالمعاملة السيئة التي يتلقاها المهاجرون في مخيمات إيطاليا “تجعلنا نحس أننا لسنا بشرا” يقول محمد.

أوروبا كحلم بعيد

عادل عبدالله – مصر

حلم محمود علي (28 عاما) والذي يعمل كباحث ومحاضر فى مجال التربية الخاصة، لايتعلق بالإقامة والعمل فى أوروبا كباقى أصحابه الذىن يعرف عنهم تلك الرغبة والحلم، ولكنه يسعى لمعرفة ورؤية ما وصل إليه الأوروبيين فى مجال بحثه، خاصة وهو يعتقد أن العرب كانوا الأساس فى علم التربية، ولكن أوروبا بدأت مما إنتهى إليه العرب، وطورت تلك النظريات وطبقتها، وهو ماخلق فجوة واضحة جدا يعانى منها محمود كما يقول فى الفرق الواضح بين النظريات التي يدرسونها وتطبيقاتها فى العالم العربى، خلاف أوروبا الذين يطبقون مايتعلمون .

محمود الذى يقوم بدراسة مقارنة عن نجاح فنلندا، فى الوصول بمستويات غير مسبوقة فى مجال التعليم والتعلم ،وكيفية تطبيق ذلك على الواقع المصرى، يؤكد ان دراسته لن تنجح إلا بمعايشة تلك التجربة على أرض الواقع.

يعود محمود ليبرز الخلافات الثقافية والعادات والتقاليد بين أوروبا والمجتمع المصرى، وهو الأمر الذى لن يناسبه معيشيا كما يرى، وبالتالى فهو لن يفكر إطلاقا فى الإقامة الدائمة هناك.

العادات والتقاليد التى تحدث عنها محمود، هى الأمر الذى تعانى منه رنا صبرى الطالبة بكلية التجارة حيث تقول: “أنا كبنت وبعاني من تفكير مجتمعنا العقيم، وعمرى ماهسيب الفرصة لو أتيح ليا إقامة دائمة فى أوروبا، يكفي أنها بلاد متحضرة جدا في زمن أنا اتولدلت وعشت ف بلد من بلاد العالم المتخلفة، وأقل حقوقي فيها مش موجودة”.

السعى للسفر إلى أوروبا ، لم يتخلى عنه محمود علي ولكنه وجد أن التكلفة المادية عالية جدا لو فكر فى استكمال دراسته هناك، بالإضافة لاشتراط وجود مستويات متقدمة جدا فى اللغات وهو الأمر الذى لم يصل إليه محمود رغم حصوله على مستوى لا بأس به في أختبار “Toefl”، ولكنه يعترف أن حصوله عليه كان لمجرد التسجيل في الدراسات العليا داخل مصر.

أما حامد السيد الذى لم يستكمل تعليمه الجامعى واكتفى فقط بالحصول على الثانوية العامة ، فقد حاول بأكثر من طريقة السفر إلى أوروبا سواء عبر التقدم للحصول على منحة حكومية لتعلم حرفة والسفر إلى إيطاليا، خلاف محاولة الزواج بأوروبية لتشفع له عند السفر ، قبل أن يعترف بمحاولة الهجرة عبر الطرق غير الرسمية ولكنه لم يوفق فى أيا منها.

يفسر حامد محاولاته المستمرة بالهجرة لأوروبا، بتحقيق حلمه فى العيش ببلاد بها عدالة ومعيشة نظيفة محددا تلك البلاد بأربع هى: السويد، المانيا، هولندا، إنجلترا، مؤكدا أن ظروفه الصحية، حيث يعانى من إعاقة بسيطة فى قدميه، تصعب عليه الأمر كثيرا داخل مصر، أما فى الدول التى ذكرها فيها إهتمام ورعاية صحية عالية لكل المرضى بالإضافة لمعاش مناسب .