أثار حكم قضائي بمدينة الكاف (شمال غرب) بتزويج فتاة قاصر لا يتجاوز عمرها 13 عاما من شاب، له علاقة مصاهرة مع عائلتها وقام بمفاحشتها ما أنجر عنه حملها واستحالة إجهاضها، جدلا واسعا في البلاد.

فبعد أن سمح قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالكاف للشاب العشريني بالزواج من الفتاة الحامل اعتبر حقوقيون هذا القرار القضائي وصمة عار في جبين الدولة لأنه يكافئ مغتصب الفتاة بالزواج منها قسرا.

أثار حكم قضائي بمدينة الكاف (شمال غرب) بتزويج فتاة قاصر لا يتجاوز عمرها 13 عاما من شاب، له علاقة مصاهرة مع عائلتها وقام بمفاحشتها ما أنجر عنه حملها واستحالة إجهاضها، جدلا واسعا في البلاد.

فبعد أن سمح قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالكاف للشاب العشريني بالزواج من الفتاة الحامل اعتبر حقوقيون هذا القرار القضائي وصمة عار في جبين الدولة لأنه يكافئ مغتصب الفتاة بالزواج منها قسرا.

وأثار الحكم حالة غضب لدى عديد الأطياف حيث قام نشطاء بإطلاق دعوات للمطالبة بتغيير الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية الذي يسمح بإيقاف التتبعات إن قبلت عائلة المتضررة بتزويج ابنتها من المعتدي.

تبرير الحكم

وينص هذا الفصل على إيقاف التتبعات العدلية عندما يقبل الطرفان في القضية الزواج من بعضهما. وفي حالة الرفض يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاما.

لكن فتحي الجمالي رئيس المحكمة الابتدائية بالكاف والذي أصدر هذا الحكم المثير للجدل قال إن “مواقعة الفتاة تمت برضها ولم يكن هناك أي اغتصاب”.

وأضاف أن والداها تقدما للمحكمة بطلب من أجل تزويج ابنتهما الحامل بعد تقديم ملف مستوفى من الجوانب القانونية وخاصة فيما يتعلق بقدرتها على الزواج.

وبين الجمالي أن الحكم الصادر يخدم مصلحة الفتاة الحامل في الشهر الثالث خاصة وأنها تنحدر من بيئة ريفية فقيرة إضافة إلى وجود علاقة مصاهرة بين العائلتين مما يجعل من هذا الزواج مصلحة للفتاة وجنينها، حسب رأيه.

وأكد بأنه لم يستأنس عند إصدار حكمه بالفصل 227 لأنه يخص حالات الاغتصاب والمواقعة دون رضاء المجني عليها في حين أن قضية الفتاة تتعلق بمواقعة بإرادتها وهي قضية تدخل في باب الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية.

احتجاجات عارمة

لكن تبرير القاضي لحكمه لم يوقف الاحتجاجات حيث قام ناشطون ومنظمات مدنية باحتجاجات عارمة أمام المحاكم التونسية.

ويرى المناهضون للقانون أنه لا يوجد قبول أو رضا عند القاصرات لإقامة علاقات جنسية ويصنفون تلك المواقعة على أساس جريمة اغتصاب بدعوى أن الفتاة في ذلك العمر ليس لها قدرة على التمييز.

وأدانت عديد المنظمات تطبيق الفصل لأنه يسمح للجاني من الإفلات من العقاب والتستر على جرمه بمجرد التقدم بطلب الزواج من فتاة قاصر لا تقدر بحكم سنها الصغير أن نتحمل مسؤولية الزواج أو الحمل.

وتقول الناشطة النسوية فريال شرف الدين إن عددا كبيرا من الجمعيات والشخصيات الحقوقية تقوم بالتنسيق من أجل التسريع في المصادقة على مشروع قانون يتعلق بالقضاء على العنف المسلط ضد النساء.

ويقر هذا القانون بأن العنف المسلط على النساء يمثل انتهاكا للحقوق الإنسانية ومظهرا من مظاهر التمييز ضدها. كما يتضمن المشروع مفهوم العنف وأشكاله المتعددة والتي تندرج تحت طائلة أحكامه المختلفة.

ومن المتوقع أن يناقش قريبا البرلمان التونسي مشروع القانون المتعلق بالقضاء على العنف المسلط ضد المرأة الذي قد يشدد العقوبة على المعتدين على المرأة ويضع حدا لتزويج الفتاة القصر من المعتدي عليهن.

هستيريا حقوقية

في المقابل لا تشاطر عديد الأطراف التحركات الاحتجاجية التي أثارتها قضية الفتاة القاصر من مدينة الكاف. وترى المحامية فدوى براهم إن هناك ”نوعا سخيفا من الهيستيريا الإعلامية والجمعياتية” حول القضية.

وقالت هذه المحامية لمراسلون إن القانون 227 مكرر من المجلة الجزائية يخدم مصلحة الفتاة وجنينها متهمة المجتمع المدني بالمبالغة والتطرف في الدفاع عن بعض المبادئ بسبب جهلها بظروف القضايا وملابساتها.

وتقول ذكرى براهم إن قضية الفتاة من الكاف تتعلق بمواقعة قاصر برضاها وليس بجريمة اغتصاب، معتبرة أنه “ليس للفتاة خيار آخر سوى الزواج حفاظا على التمساك الأسري وتجنبا لتشردها وحماية لجنينها”.

ولا توفر بحسب عديد المتابعين لملف الطفولة في تونس مراكز إيواء أو مراكز إنصات حكومية تحمي الفتيات القصر اللاتي يتعرض لعميات اغتصاب وهو ما يجعلهن بلا خيار سوى الخضوع تحت رحمة الزواج القسري.

في السياق تقول ذكرى براهم إنها ضد هذا الفصل 227 مكرر الذي تعتبره رجعيا ولا يتطابق مع المعاهدات التي صادقت عليها تونس في مجال حقوق المرأة والطفل. لكنها ترى أيضا أن المجتمع المدني مطالب بإيجاد البدائل عوض الاحتجاج ومطالبة الدولة فقط بتغيير القوانين التي تجد حلولا لعديد المشاكل.

يشار إلى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد أعطى موافقته لمراجعة الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية من أجل إنقاذ الفتيات القصر من التعرض للاغتصاب ثانية بقبول الزواج من الأشخاص المعتدين عليهم.