البحث عن فرصة عمل ومستوى معيشة أفضل كانا من أبرز الأسباب التي دفعت بعض الشباب للسفر خارج البلاد. لكن بعد توتر الحالة السياسية بعد 30 يونيو/حزيران 2013، ومع تزايد المطارادت الأمنية والأحكام القضائية القاسية لعدد من النشطاء أصبحت هذه أبرز الأسباب للجوء السياسي أو هجرة عدد من الشباب خارج مصر في الفترة الأخيرة.

حكاية 1

البحث عن فرصة عمل ومستوى معيشة أفضل كانا من أبرز الأسباب التي دفعت بعض الشباب للسفر خارج البلاد. لكن بعد توتر الحالة السياسية بعد 30 يونيو/حزيران 2013، ومع تزايد المطارادت الأمنية والأحكام القضائية القاسية لعدد من النشطاء أصبحت هذه أبرز الأسباب للجوء السياسي أو هجرة عدد من الشباب خارج مصر في الفترة الأخيرة.

حكاية 1

“ع. محمد” شاب في أوائل العقد الثاني من عمره.  كان طالباً بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة، يقول: “تركت مصر قاصداً كوريا الجنوبية خلال الشهر الماضي بعد زيادة ملاحقتي أمنياً في مصر، وخصوصاً أنني شاركت في عدد من التظاهرات. كنا نأمل في إسقاط دولة الظلم وإقامة دولة العدل، لكن للأسف بعد نجاح الثورة المضادة في التصدي للثورة، وحصار شباب الثوار وملاحقتهم أصبح العيش في مصر صعب جداً.”

يضيف طالب الهندسة السابق: “أخذت القرار بعدما تأكدت أن الوضع السياسي في مصر أصبح خطراً، وأصبح النشطاء هدفاً للنظام، بعدما تم الحكم على عدد منهم واعتقال بعضهم ومطاردة الآخرين. من استطاع الهرب خارج البلاد فعلها، وأصبح من الصعب العودة مرة أخرى، لأن السجن في انتظاره.”

 كما أكد محمد أن معظم الشباب الذين يعرفهم من المهتمين بالوضع السياسي أو شاركوا في الثورة أتخذوا قرار الخروج من مصر مع نهاية عام 2013 وتزايد صعوبة المشهد السياسي وتحكم الثورة المضادة في المشهد. ومع تزايد صعوبة الوضع يتزايد عدد الراغبين في الهجرة من مصر .

يضيف “ع” أن عدداً من أصدقائه صدر بحقهم أحكام بسبب انتماءاتهم السياسية، والمشاركة في التظاهر الذي تنص كل دساتير وقوانين العالم على مشروعيته، فهناك من حُكم عليه بشهور، والبعض بسنوات، ومنهم من حكم عليه بالإعدام بعد تلفيق عدد من القضايا المعهودة والمعروفة على رأسها “الانتماء لجماعة إرهابية” وغيرها من التهم المضحكة.

“ع” تعرض للاعتقال مرتين الأولى أثناء تظاهرات تطالب باستمرار الثورة في عام 2014. اعتُقل في المرة الأولى لمدة شهر، وعانى خلاله – كما قال – من التعذيب والمعاملة السيئة من قبل رجال الداخلية. والثانية أثناء مشاركته في تظاهرة على سلم نقابة الصحفيين في الأزمة الأخيرة التي اندلعت بين الصحفيين والداخلية عقب اقتحامها للنقابة والقبض على الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا على خلفية تنازل الدولة عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية .

وأوضح الشاب أن معظم من تعرض للاعتقال أكثر من مرة والتضييق الأمني من الطلاب يتم منعهم من دخول الامتحانات أو إكمال دراستهم بسبب إجراءات الطرد من مجالس الكليات.

يشير “ع” أن اتجاهات المهاجرين الهاربين من القبضة الأمنية يأتي على رأسها تركيا والسودان، وتأتي بعدها كوريا الجنوبية. أما بالنسبة للطلاب، فهم يفضلون اللجوء إلى النرويج أو ألمانيا. كما أشار إلى أنه يأمل في العودة إلى مصر مرة أخرى في حال استقرار الوضع السياسي وانفراج القبضة الأمنية والتوقف عن الملاحقة التي كانت السبب الرئيس للخروج من البلاد.

يقول “ع” إن أسباب الخروج من مصر ليست الملاحقات الأمنية فحسب، وإنما أيضاً بسبب الاضطهاد الديني مثلما حدث مع  الطالب ألبير صابر.

ويحكي “ع” عن الطريقة التي استطاع بها الخروج من  مصر والوصول إلى كوريا قائلًا: “خرجت من مصر عن طريق مطار القاهرة بشكل قانوني، لكن الأزمة واجهتني قبل ذلك في القاهرة بعد رفض الأجهزة الأمنية منحي تصريح سفر إلى كوريا الجنوبية، وأصرت على وجود تأشيرة. الأمر الذي جعلني أتوجه إلى سفارة كوريا الجنوبية بالقاهرة لأشرح لهم الأمر الذي قوبل برفض إعطائي التأشيرة مؤكدين على أن هذا تعنت غير مبرر من الأجهزة الأمنية المصرية ولابد من حل هذه الأزمة مع الأمن الوطني المصري حتى أتمكن من خروجي من مصر إلى كوريا مباشرة.”

وأضاف: “بعد فشلي في الحصول على التصريح الأمني سافرت من مصر متوجهاً إلى كينيا ومنها توجهت إلى كوريا الجنوبية، وعند وصولي قمت بتسليم نفسي إلى مكتب الهجرة وطلبت اللجوء، ومن ثم قمت بتقديم ملفي المحتوي على أسباب طلب اللجوء بالاضافة إلى بياناتي الخاصة التفصيلية، ومن ثم تمت عدد من اللقاءات مع بعض المحققين الكوريين وأحدهم أكد لي أن طلبي للجوء من الممكن أن يرفض، الأمر الذي جعلني أتواصل مع عدد من المنظمات الحقوقية المصرية التي كانت متابعة فترات اعتقالي. وبعد احتجازي لأيام قليلة بحجز المطار بكوريا تم قبولي كلاجىء سياسي بكوريا الجنوبية.”

حكاية 2

انتقل “أ. صلاح” للعيش في كوريا الجنوبية كلاجيء بعدما عرفت قوات الأمن طريق منزله الذي زاروه فيه أكثر من مرة للقبض عليه دون أسباب، حسبما أكد “صلاح” الذي روى أسباب خروجه من مصر باحثاً عن بلد آخر يستطيع العيش فيه دون ملاحقة أمنية من وقت لأخر.

“أ.” شاب في آواخر العقد الثاني من عمره، يعمل محامياً في منطقة شعبية بالقاهرة، وتم فصله من عمله أكثر من مرة بسبب آرائه السياسية. لكن “صلاح” أكد أن ضيق الحال الاقتصادي لم يكن السبب الأساسي في الخروج من مصر كما هو المعتاد، لكنه اضطر للخروج من مصر بعدما تم الحكم عليه بخمس سنوات بسبب لافتة رفعها أثناء الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2014 رافضاً أن يكون عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر. ما دفع قوات الأمن لإلقاء القبض عليه ليقضي ما يقرب شهرين بالحبس، ثم أخلي سبيله على ذمة القضية ليكون الحكم النهائي عليه خمس سنوات بمقتضى قانون التظاهر.

وأشار “صلاح” إلى أنه من وقت إخلاء سبيله وحتى خروجه من مصر عرف زوار الفجر طريق بيته: فقد تم القبض عليه في منزله دون سبب واحتجازه لأيام ثم إخلاء سبيله. وأكد صلاح أنه استمر على هذا الحال ما  يقرب من عامين حتى تم إصدار الحكم النهائي بحبسه 5 سنوات، الأمر الذي جعله يسعى بكل الطرق للهروب من مصر قبل “أن أضيع سنوات عمري في زنزانة بسبب آرائي السياسية”، على حد تعبيره.

وأوضح ” صلاح” أنه خرج من مصر العام الماضي بشكل رسمي قبل أن تلزم الأجهزة الأمنية المتوجهين إلى كوريا الجنوبية بالحصول على تصريح أمني، وذلك لأن حينها كان إقبال الشباب المصريين اللاجئين سياسياً على كوريا الجنوبية ضعيفاً عكس الحال الآن.

وحكى “صلاح” أنه مع وصوله لكوريا الجنوبية تقدم إلى مكتب الهجرة طالباً الحصول على اللجوء السياسي لما تعرض له من اضطهاد سياسي أدى إلى الحكم عليه بالسجن. وقدم ما يثبت صحة كلامه من أخبار نشرت عن اعتقاله والحكم عليه في مصر، مؤكداً أنه على الرغم من خطورة ما قام به.. “إلا أنه كان أهون بالنسبة لي من السجن.”

“صلاح” هو الأخر لم يكن يتمنى الخروج من مصر لولا ما تعرض له، ويتمنى العودة لأهله، لكنه يعرف أن ذلك أصبح صعباً جدًا، وخصوصاً بعد الحكم عليه في قضية أخرى ما زالت متداولة في ساحات المحاكم بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية.

 حكاية 3

“ك.” شاب في آواخر العقد الثاني من عمره. ترك شركته التي أسسها مع أحد أصدقائه هارباً خارج البلاد بعدما تم الحكم عليه بالسجن المؤبد في قضية عرفت إعلامياً بــ “قضية العزاء”.

بحسب صحيفة “المصري اليوم” تعود تفاصيل القضية إلى الأول من سبتمبر/أيلول عام 2014، حينما أحيا عدد من أعضاء حركة شباب 6 إبريل الذكرى الأولى لاستشهاد زميلهم أحمد المصري، بجوار منزله بمنطقة بولاق الدكرور، وإلقاء قوات الأمن القبض على 10 منهم، حسبما أفادت الصفحة الرسمية للحركة على موقع «فيس بوك» آنذاك. وكان «المصري» لقي مصرعه متأثراً بإصابته أثناء توجهه إلى عمله في محيط ميدان مصطفى محمود، 14 أغسطس/آب 2013، إثر الاشتباكات التي اندلعت بين قوات الأمن وأنصار جماعة الإخوان عقب فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر.

يروي “ك.” قضيته وحكم المؤبد قائلًا: “كنا مجموعة من الأصدقاء في عزاء زميلنا أحمد المصري الذي قتل برصاص الداخلية وفوجئنا بقوات الأمن تقتحم العزاء وأُلقي القبض علينا ومن ثم تم الحكم علينا بالمؤبد ومن هنا قررت الهجرة والخروج من مصر قبل قضاء عمري خلف قضبان السجن دون ذنب، وخصوصاً بعدما عانيت من الملاحقات الأمنية بحيث أنها لم تكن المرة الأولى الذي يتم إلقاء القبض علي فيها.”

يروي “ك.” الذي يعيش الأن في التشيك تحت الحماية الدولية: “اعتقلت قبل ذلك في ذكرى ثورة 25 يناير عام 2014 أثناء مشاركتي في مسيرة انطلقت من أمام مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين للتأكيد على مطالب الثورة. وبالفعل قضيت 6 أشهر ونصف بالسجن ثم أخلي سبيلي، بعدما تعرضت لكل أشكال التعذيب، منها ترحيلي من سجن إلى آخر بدون ملابس.”

ويضيف أن خروجه من مصر جاء بطريقة غير شرعية حتى لا يتم إلقاء القبض عليه، وخصوصاً أن خروجه جاء بعد الحكم عليه، مؤكداً على أن رحلة سفره كانت مرعبة ومتعبة، لكنه تحمل كل هذا العبء من أجل الخروج من مصر حتى لا يلحق بأصدقائه المحتجزين في سجون النظام في مصر.