لم يعد موقع فيسبوك وسيلة للتواصل فقط كما قد يوحي الوصف الشائع للموقع بأنه مخصص للتواصل الاجتماعي، بل تعدى ذلك ليصبح فضاءً لبيع وشراء جميع المستلزمات، وركنا لعرض الخدمات لا يكلف عارضها شيئاً.

تلاحظ نسرين عبدالعزيز (بكالوريوس علوم 28 عاماً) وهي من رواد موقع فيسبوك منذ سبع سنوات أن الموقع شهد مرحلتين من التغيير، الأولى عام 2011 حين كان مواكباً للثورات والتغيرات السياسية في العالم، والثانية منذ حوالي عامين حيث أصبح فضاءً لكسب المال، وهي ميزة لم تكن موجودة في السابق.

لم يعد موقع فيسبوك وسيلة للتواصل فقط كما قد يوحي الوصف الشائع للموقع بأنه مخصص للتواصل الاجتماعي، بل تعدى ذلك ليصبح فضاءً لبيع وشراء جميع المستلزمات، وركنا لعرض الخدمات لا يكلف عارضها شيئاً.

تلاحظ نسرين عبدالعزيز (بكالوريوس علوم 28 عاماً) وهي من رواد موقع فيسبوك منذ سبع سنوات أن الموقع شهد مرحلتين من التغيير، الأولى عام 2011 حين كان مواكباً للثورات والتغيرات السياسية في العالم، والثانية منذ حوالي عامين حيث أصبح فضاءً لكسب المال، وهي ميزة لم تكن موجودة في السابق.

مفهوم مختلف

بسهولة يمكن للمتصفح أن يصطدم بالكثير من الصفحات المنتشرة للترويج عن البيع والشراء والتأجير سواء للسيارات أو العقارات أو مواد زينة أو الأغراض المستعملة، بالإضافة إلى المجموعات النسائية الخاصة بالترويج لمستحضرات التجميل والإكسسوارات والملابس وطلبيات المأكولات والحلويات، مع توفير خدمة توصيلها إلى المنزل.

ويختلف المفهوم هنا عن التسوق الإلكتروني، حيث يضطر الزبون لدفع المال عبر الإنترنت باستخدام بطاقات الدفع، ثم ينتظر استلام بضاعته التي قد لاتكون مطابقة لما يحتاجه من مواصفات، بينما في الأسلوب الرائج بليبيا حالياً أنت تطلب البضاعة وتستلمها على باب منزلك وتعاينها قبل أن تدفع ثمنها.

“لن تحتاج إلا مزيداً من الوقت للحصول على كل ما يثير إعجابك، أستطيع شراء كل ما أحتاجه، خاصةً الملابس عبر المجموعات وصفحات الفيسبوك” هذا ما تقوله سارة (23 عاماً) وهي من سكان بنغازي.

سارة تقوم بحجز البضاعة المطلوبة ثم يتم إرسالها إليها عبر مندوب خاص سواءً بالمحل الذي يروج لبضاعته عبر الفيسبوك، أو بالصفحة التي يروج أصحابها بضاعتهم في العالم الافتراضي فقط.

بضائع مستوردة

بل وهناك بعض المجموعات تعرض صوراً لملابس متوفرة في دول أخرى وخاصة تركيا، وعندما تقوم بحجزها يتم شحنها إلى ليبيا، لتصلك بعد شهر إلى ثلاثة أشهر – حسب سارة – على أن تقوم بدفع نصف المبلغ مسبقاً عند الحجز عبر حساب يتم تزويدك به، والنصف الآخر بعد استلام الطلب.

إحدى هؤلاء المروجات للبضائع أميرة محمود (46 عاماً) وهي موظفة مطلقة وتعول بنتين، تقول إنها تقضي ساعات طويلة من يومها على الفيسبوك وذلك “لتصوير ونشر صور مستحضرات التجميل والإكسسوارات التي أبيعها، وقمت بفتح مجموعة مغلقة خاصة بالسيدات للترويج كذلك”.

ما تبيعه أميرة يتم استيراده من خارج ليبيا، وهي تتعاون مع سيدة أخرى غير ليبية تجلب البضائع وتخزنها ثم تتفق مع فتيات ليبيات للترويج وبيع هذه البضائع عبر الفيسبوك مقابل نسبة من الأرباح، بدل فتح محل خاص بها، فذلك يعتبر أسهل وأوفر.

طريقة الترويج

عملية الترويج تسهلها تركيبة موقع الفيسبوك، فعند إنشاء صفحة للترويج يمكنك تحديد الفئة العمرية للمستهدفين، وتحديد المكان المستهدف (المدينة)، والجنس الذي ترغب بجذبه للصفحة، بعد ذلك تبدأ الصفحة في الظهور ضمن الصفحات المقترحة على يمين شاشة المستخدمين الذين تنطبق عليهم المواصفات.

فضلاً عن ميزة مشاركة المنشورات، أو الإشارة للأصدقاء أو دعوتهم للإعجاب بالصفحة، ما يساهم في زيادة جمهور المستهدفين بالترويج.

الإقبال جيد على المجموعة وعلى المستحضرات التي تبيعها أميرة، خصوصاً حسب قولها “وأنا اوفر خدمة التوصيل إلى المنازل، حيث أقوم بها شخصياً وأحياناً أستعين بأحد الشباب بمقابل مادي”، مؤكدةً أنها لها زبائنها الذين ينتظرون كل جديد.

وبفضل هذا العمل هي تحقق مردوداً مادياً تقول أنه “جيد وبه مربح يغنيك عن الحاجة للغير” ولعل أهم ما يغنيها عنه هو انتظار السيولة وصرف المرتبات.

منتجات منزلية

بالإضافة لهذا النوع من العمل المقتصر على الترويج فقط، نما سوق آخر في مناطق ليبيا المختلفة، رواده سيدات يعملن داخل البيوت على إعداد المأكولات والحلويات المختلفة، وتجهيز طلبيات لمختلف المناسبات، ومنتجاتهن لا تراها في الشارع بل فقط على صفحات الفيسبوك.

تقول ربيان (23 عاماً) وهي إحدى بائعات الحلويات والموالح عبر الفيسبوك، إن البائعات داخل منازلهن تبقى منتجاتهن أرخص من الأسواق، “لأن نسبة المربح لدينا بسيطة لا تحسب إيجار محل وغيرها من المصاريف”.

وان كانت الأسعار تزيد أحياناً فبسبب الارتفاع المستمر في أسعار المواد الأساسية التي تستعملها هي وغيرها في صناعة تلك المنتجات، إلا أن هذه المهنة تبقى حسب قولها “الحل الأمثل للسيدات اللاتي يتواجدن في منازلهن ولم يحظين بفرصة للتعليم، أو الفتيات اللاتي تجبرهن الظروف على العمل وهن في سن صغيرة، لأنها تعتبر من المهارات المكتسبة داخل البيت الليبي وتراها الفتيات في مختلف المناسبات”.

تصف ربيان الأرباح التي تجنيها من عملها – رغم كونه متعباً – بأنها “ممتازة”، مع كثرة عدد من يمارسن هذا العمل، ذلك أن هذه المنتجات مطلوبة بشكل كبير في الحياة اليومية والمناسبات سواء سعيدة أو حزينة أو كبيرة أو بسيطة، جميعها تتطلب وجود الحلويات والموالح التي قد لا تملك المرأة وقتاً كافياً لإعدادها بنفسها، بالذات حين تفاجأ بمناسبة طارئة ولو كانت مرأة عاملة.

توافق حنان (ربة بيت 35 عاماً) وهي أم لطفلين على كلام ربيان، ولكنها تلاحظ أن تلك الطلبيات عادة أسعارها تكون أقل من المطابخ المعروفة في البلاد، حتى تكتسب من تقوم ببيع الوجبات والموالح والحلويات ثقة وشهرة عند رواد الفيسبوك، بعدها يبتدئ السعر بالزيادة.

وتعتبر حنان نفسها متابعة دائمة لمجموعات الطبخ على الفيسبوك، حيث تعلمت منها هذا الفن بعد زواجها وبقيت تواكب كل ما هو جديد فيها.

هكذا إذاً هي العلاقة بين البائع والشاري في هذا الفضاء الافتراضي، علاقة عرض وطلب وتفاهم بما يرضي الطرفين ويحقق متطلباتهما التي يفرضها إيقاع الحياة العصرية، فضلاً عن كونه مكاناً بديلاً للبحث عن عمل وتحقيق الكسب المادي.