لم توقف ريم سيارة أجرة كعادتها لتقلها إلى وسط العاصمة بعد انتهائها من إحدى المقابلات المهنية بأحد نزل الضاحية الشمالية القريبة من هناك بل اتصلت بشركة لسيارات الأجرة أو التاكسي بدل الانتظار طويلا. 

باتت هذه الفتاة تلجأ للاتصال بشركات سيارات الأجرة ربحا للوقت وأيضا تجنبا لمناوشات قد تحصل مع أصحاب سيارات التاكسي الذين يرفض بعضهم إيصال الركاب بتعلة أنهم ليسوا متجهين إلى نفس المكان. 

لم توقف ريم سيارة أجرة كعادتها لتقلها إلى وسط العاصمة بعد انتهائها من إحدى المقابلات المهنية بأحد نزل الضاحية الشمالية القريبة من هناك بل اتصلت بشركة لسيارات الأجرة أو التاكسي بدل الانتظار طويلا. 

باتت هذه الفتاة تلجأ للاتصال بشركات سيارات الأجرة ربحا للوقت وأيضا تجنبا لمناوشات قد تحصل مع أصحاب سيارات التاكسي الذين يرفض بعضهم إيصال الركاب بتعلة أنهم ليسوا متجهين إلى نفس المكان. 

وكابوس أصحاب سيارات الأجرة الذين يقلون الركاب -كل حسب مزاجه المتقلب- يرافق التونسيين يوميا في رحلاتهم للشغل أو الدراسة ناهيك عن المناوشات غير المتوقعة التي تنتظر بعضهم مع كل سائق مزعج. 

مفاجأة سارة 

ريم كغيرها تعرضت للعديد من المناوشات والمواقف المزعجة مع بعض سائقي سيارات التاكسي في رحلاتها اليومية المليئة بالمواعيد والمقابلات المهنية التي تضطرها يوميا للتنقل في تلك السيارات أكثر من مرة. 

لكن ركوبها ذلك اليوم سيارة تاكسي التي أرسلتها لها شركة مختصة جعلها تكتشف مفاجأة سارة لم تخطر ببالها. فقد تفاجأت عند وقوف السيارة بلافتة على الباب كتب عليها “احذر هذا التاكسي مزود بكتب للقراءة”. 

صعدت ريم خلف السائق ثم أخبرته بالمكان الذي ستتجه إليه قبل أن يقع بصرها على كيس ممتلئ بالكتب معلق خلف كرسي السائق. سألته عن الكيس محاولة استطلاع الأمر فأجابها بأن التاكسي مزودة بالكتب للمطالعة. 

لم يستوعب عقلها تلك المفاجأة السارة فهي لم تتعود على المطالعة في وسائل النقل لكن المفاجأة الكبرى التي زادت في شعورها بالصدمة الإيجابية عثورها على رواية تعجبها للكاتب المشهور باولو كويلهو بين الكتب. 

أمسكت ريم بكتابها وواصلت تبادل أطراف الحديث مع سائق التاكسي الذي أخبرها بأن هذه المبادرة الجديدة تسعى للفت انتباه الناس إلى فوائد المطالعة خلال رحلتهم داخل التاكسي بعيدا عن الضوضاء والازدحام. 

“لقد انبهرت كثيرا بهذه المبادرة الجيدة لأنني انحدر من عائلة تقدس القراءة وتعشق الكتب لذلك وجدت الفكرة خلاقة وقادرة على جذب انتباه الناس شيئا فشيئا إلى متعة القراءة”، تقول ريم بنبرة تملأها السعادة. 

وهذه المبادرة الأولى من نوعها في تونس هي ثمرة تعاون بين شركة توفر خدمات التاكسي وموقع ”يلا اقرأ” الذي أطلق منذ بضعة أشهر، وهو عبارة عن منصة لتبادل الكتب مجانا بين الأصدقاء والمولعين بالقراءة. 

حول هذه المبادرة يقول الشاب صاحب الموقع والفكرة أحمد الحضري (24 عاما) لمراسلون إن ولعه بالقراءة جعله يفكر منذ سنوات في بعث مشروع يوفر الكتب العربية والأجنبية للقراء من خلال منصة الكترونية. 

يقول “عادة ما تعترض المولعين بالقراءة مصاعب مثل عدم تواجد الكتب أو غلاء أسعارها لذلك فكرت في إنشاء مكتبة الكترونية تعرض تبادل الكتب بين المشتركين في الموقع وتمكنهم من إعارة الكتب أو استعارتها”. 

“يلا اقرأ” 

تبلورت فكرة إنشاء هذه المنصة الالكترونية تدريجيا حيث شارك أحمد في العديد من المسابقات الخاصة لبعث المشاريع إلى أن وجد شريكا أعجب بفكرته وقرر مساعدته على إطلاق أول منصة في تونس من هذا القبيل. 

ويقوم الموقع على مبدأ فتح حساب يقوم فيه المشترك بإدخال معطياته الشخصية ولمحة عن قراءاته المفضلة وقائمة في الكتب الورقية التي يملكها، وهكذا يمكن للمشترك التجول في الموقع كأنه يتجول في مكتبة ثرية. 

كما يسمح الموقع بتصنيف المستخدم من قبل مستخدمين آخرين حسب سرعة التواصل ودرجة الالتزام بالوقت المحدد لإعادة الكتب المستعارة ومدى المحافظة على الكتب المستعارة لتتكون فكرة عن كل مستخدم. 

لكن فكرة هذا المشروع لم تتوقف عند حدود المكتبة الالكترونية فقد تم تطويرها لتستهدف كل المواطنين دون استثناء خاصة في حياتهم اليومية فمبادرة “يلا اقرأ” في سيارات التاكسي أصبحت واقعا يوميا يعاش. 

وقد وجدت فكرة هذا المشروع اهتماما بالغا من قبل بعض المواطنين الذين يقرون بضعف إقبال التونسيين على شراء الكتب والمطالعة. وقد بينت بعض الإحصاءات الأخيرة عمق الفجرة الفاصلة بين التونسيين والكتب. 

وكشفت نتائج سبر آراء حول المطالعة بتونس قام به معهد “إمرود كونسيلتينغ” عن أن 14% من المستجوبين (وهم عينة تمثل كل شرائح المجتمع التونسي) اشتروا كتابا واحدا مقابل 82% لم يشتروا أي كتاب سنة 2016. 

وعلى خلاف بعض الدول العربية ترتفع أسعار الكتاب في تونس ارتفاعا يجعل من شراء الكتب لمطالعتها ضربا من ضروب الرفاهية لدى البعض. لكن المبادرات الشبابية في تونس لا تكف لترغيب الناس في المطالعة. 

نصائح 

وبعيدا عن مبادرة “يلا اقرأ” اختارت الناشطة أمل بالضيافي التدوين خاصة على موقع اليوتيوب لجلب انتباه القراء وذلك عبر تقديم فيديوهات تتحدث فيها عن كتب اختارت مطالعتها مؤخرا لإبراز محتواها وأهميتها. 

تنشر أمل على قناتها على يوتيوب والتي يتابعها بعض آلاف التونسيين مجموعة من التقييمات لكل الكتب التي تقرأها ثم تقترح على المتابعين وتنصحهم بكتب قرأتها وهذا أمر يساعد الكثيرين على حسن اختيار كتبتهم. 

وتقول ”تصلني يوميا عشرات الرسائل من متابعين بدأوا بالقراءة بعد مشاهدة الفيديوهات. أنا أقوم بهذا الدور لأن عديد الشبان ينتظرون تحفيزا على المطالعة وتوصيات حول شراء كتب او إيجادها بطريقة غير مكلفة”.