إثر العملية العسكرية المباغتة التي سيطرت فيها القوات التابعة للبرلمان الليبي يوم الأحد 11 سبتمبر 2016 على موانئ تصدير النفط الرئيسية في منطقة الهلال النفطي والتي كانت تحت سيطرة رئيس حرس المنشآت النفطية إبراهيم جضران، تم فتح صمامات النفط في المنطقة الشرقية ليعود الإنتاج تدريجياً، ولكن ماذا عن صمام المنطقة الغربية المسؤول عن تدفق حوالي ثلث الإنتاج الليبي من النفط الخام.

صمام الرياينة

إثر العملية العسكرية المباغتة التي سيطرت فيها القوات التابعة للبرلمان الليبي يوم الأحد 11 سبتمبر 2016 على موانئ تصدير النفط الرئيسية في منطقة الهلال النفطي والتي كانت تحت سيطرة رئيس حرس المنشآت النفطية إبراهيم جضران، تم فتح صمامات النفط في المنطقة الشرقية ليعود الإنتاج تدريجياً، ولكن ماذا عن صمام المنطقة الغربية المسؤول عن تدفق حوالي ثلث الإنتاج الليبي من النفط الخام.

صمام الرياينة

في نوفمبر 2014 تم إقفال صمام النفط في منطقة الرياينة غرب ليبيا، وذلك بعد نشوب الحرب وسيطرة قوات فجر ليبيا على حقل الشرارة في الجنوب الغربي، ويربط الصمام بين حقلي الشرارة (جنوب غرب) والفيل (غرب) ومصفاة الزاوية (على الساحل الغربي)، ويغذي المصفاة بحوالي 350 ألف برميل من النفط الخام يومياً (حوالي ثلث الإنتاج الليبي)، تستهلك منه المصفاة 120 ألف برميل يومياً والباقي يذهب إلى ميناء الزاوية للتصدير الخارجي.

ورفضت المؤسسة الوطنية للنفط في ذلك الوقت إغلاق المصفاة، حيث يقول حسن القلفاط رئيس اللجنة التسييرية لنقابة العاملين بمصفاة الزاوية “المؤسسة الوطنية للنفط رفضت إغلاق المصفاة ووفرت خامات بديلة من حقلي البوري والسدرة غير مطابقة لمواصفات المصفاة وتم تشغيل المصفاة بهذه الخامات، الأمر الذي أدى إلى مشاكل سلبية وتردي في الإنتاج وأعتبرها محاولة لإفساد المصفاة”.

إغلاق صمام الرياينة الذي أثر على عمل مصفاة الزاوية بشكل مباشر كان الهدف من ورائه سياسياً بحتاً، فحسب كلام علي القرج نائب آمر دوريات الحقول النفطية في حديث لـ”مراسلون”، تم إغلاق الصمام من قبلهم أثناء الحرب مع قوات فجر ليبيا في عام 2014، وكان القرار حسب كلامه “فردياً في البداية”، ولكن قيادة الجيش في شرق ليبيا لم تبدِ أي اعراض على ذلك، ولم يتلقوا أوامر منها بفتح الصمام.

فيما يعتبر المهندس بسام يخلف الذي يعمل في حقل الشرارة النفطي أن من يغلقون صمام الرياينة لا يختلفون أبداً عن ابراهيم جضران، “المشكلة أن هؤلاء يهللون ويكبرون بطرد جضران من الهلال النفطي، ويفرحون بإعادة تصدير النفط من المنطقة الشرقية وهم يغلقون حرفياً ثلث إنتاج ليبيا من النفط، هؤلاء لا يختلفون عن جضران في شيء”.

شروط الفتح

وشروط الكتيبة التي تغلق الصمام حسب القرج تتمثل في “خروج القوة الثالثة (التابعة لفجر ليبيا) من حقل الشرارة، وسيطرة الجيش سيطرة فعلية على كل المنشآت النفطية بما في ذلك مصفاة الزاوية ومجمع مليتة، وإيقاف  تهريب الوقود في المنطقة الغربية وأن تذهب عائدات النفط إلى خزينة الدولة تحت شرعية حكومة يتفق عليها الليبيون”.

في ظل الوضع الراهن يقول القرج “ولي أمرنا الشرعي مثمثل في مجلس النواب ورئيسه، وفي القيادة العامة للجيش الليبي في المرج و المنطقة الغربية، وإذا تلقينا أوامر بفتح الصمام من أحد هذه الأطراف سنقوم بالامتثال على الفور، غرضنا في إقفال الصمام وطني بحت ولا نحاول ممارسة أي ابتزاز فالمستحقات المالية لمنتسبي الكتيبة لم تعد شرطاً لفتح الصمام”.

حقل الوفاء في حوض غدامس (أقصى الجنوب الغربي) سلم من التجاذبات حتى الآن، وهو الذي يمد مجمع مليتة بالنفط والغاز، وأغلب الغاز الذي ينتجه يتم تصديره إلى إيطاليا، وتسيطر عليه مجموعة من حرس المنشآت النفطية تتبع الزنتان والتبو.

يقول القرج إن من يسيطرون على حقل الوفاء يدركون أنه ليس من مصلحة أحد إقفال الصمام الذي تحت سيطرتهم، فبذلك سوف ينقطع التيار الكهربائي عن ليبيا كاملة.

النفط الموجود في البحر في كل من حقل البوري وحقل صبراتة (قبالة الساحل الشمالي الغربي) هو الآخر لم يتأثر بالصراعات، فهذان الحقلان اللذان حافظا على وتيرة عملهما ينتجان معاً أكثر من مائة ألف برميل يومياً.

أما حقل الحمادة التابع لشركة الخليج العربي في الجنوب الغربي فقد عاد إلى العمل مطلع الشهر بعد إغلاقه لأكثر من أسبوع من قبل مجموعة من حرس المنشآت النفطية يطالبون بصرف مرتباتهم المتأخرة، وينتج هذا الحقل حوالي ثمانية آلاف برميل من الزيت الخام يومياً تذهب جميعها لمصفاة الزاوية حيث يتم تكريرها وإنتاج أنواع الوقود المختلفة.

بادرة خير

يقول إبراهيم رجب مدير إدارة القياس والتفتيش في وزارة النفط إنه متفائل وأن الإنتاج سوف يباشر صعوده خلال الأشهر المقبلة، وأن ماحدث في موانئ المنطقة الشرقية ربما يكون بادرة لفتح صمام الرياينة.

كلام رجب يؤكده مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، الذي قال إن بإمكان المؤسسة رفع الإنتاج إلى 600 ألف برميل يومياً في غضون 4 أسابيع، وإلى 900 ألف برميل يومياً بحلول نهاية هذا العام من حوالي 290 ألف برميل يومياً في الوقت الحالي، ومع ذلك يقول صنع الله “هذا يعتمد على استلامنا للأموال الضرورية من الموازنة، وعلى فتح موانئ الهلال النفطي، وفتح الصمامات والأنابيب لحقول المنطقة الجنوبية الغربية”.

و قال صنع الله “آمل أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة من التعاون والتعايش السلمي بين الاطراف الليبية و نهايةً لاستخدام إغلاق الموانئ والحقول لأغراض سياسية”.

العجز باقٍ

هذه السيناريوهات المتفائلة حتى ولو تحقق أقصاها فإنه لن يحل مشكلة عجز الموازنة في ليبيا، فبانخفاض سعر النفط الخام في سبتمبر إلى 40 دولاراً للبرميل – يتوقع استمرار هبوطه –، وبافتراض وصول الإنتاج إلى مليون برميل يومياً فإن كامل إيرادات السنة ستكون تقريباً 20 مليار دينار، وهذا الرقم بالكاد سيكفى بند المرتبات التى ضاعفها المجلس الانتقالي وحكومة الكيب بعد عام 2011.

يقول الباحث ورجل الأعمال وليد صفر “تلك المرتبات ستستهلك أيضاً في سلع وخدمات كلها ستكون مستوردة لأننا لا ننتج شيئاً، مشكلتنا ليست في النفط لكنها تكمن فيمن  يدير المؤسسات الاستثمارية الداخلية والخارجية، والتى تستثمر ما يزيد عن مائة مليار دولار ولا تربح حتى ما يغطى مرتبات موظفيها، ومن يدير وزارات الزراعة والصناعة والثروة البحرية ومن يتفرج على مشاريع متوقفة بمئات المليارات تتآكل خرساناتها وكأنها من أملاك الأعداء، عدونا الأول هو الإفلاس المقبل والذي سيكون أكبر رافد للإرهاب والجريمة”.

أما القلفاط فيقول “فتح الصمام سيؤدي إلى زيادة الإنتاج بمقدار الضعفين، وسيؤدي إلى زيادة في ميزانية الدولة وزيادة في سعر الدينار مقابل الدولار، ولا ننسى كيف ارتفع سعر الدينار أمام الدولار بمجرد إعلان جضران نيته فتح الموانئ النفطية منذ أشهر”.