أمام شاشة التليفزيون فى شهر رمضان الماضي، جلس الشاب المصري “أحمد أمين” يتابع الحملة الإعلانية التى دشنتها الحكومة المصرية تحت عنوان “سيبك من عقدة الخواجة.. اشترى المصري”. والتى دعت خلالها المواطنين لشراء المنتجات التى صنعت فى مصر وحصلت على علامة “بكل فخر ..صنع فى مصر”، كونها تفوق فى جودتها المنتجات الاجنبية.

أمام شاشة التليفزيون فى شهر رمضان الماضي، جلس الشاب المصري “أحمد أمين” يتابع الحملة الإعلانية التى دشنتها الحكومة المصرية تحت عنوان “سيبك من عقدة الخواجة.. اشترى المصري”. والتى دعت خلالها المواطنين لشراء المنتجات التى صنعت فى مصر وحصلت على علامة “بكل فخر ..صنع فى مصر”، كونها تفوق فى جودتها المنتجات الاجنبية.

بعد أكثر من مرة شاهد أمين خلالها تلك الإعلانات، استجاب للنداء، ودشن صفحة على موقع الفيس بوك، تحمل شعار الحملة الإعلانية “بكل فخر صنع فى مصر”، يقوم من خلالها بالترويج للمنتجات المصرية الحاصلة على تلك العلامة وتشجيع رود الصفحة بصفة خاصة والمصريين بصفة عامة لشراء المنتجات المصرية .

للمساعدة طرق مختلفة

يقول أمين “أحزنني جدا الإرتفاع الجنونى لسعر الدولار أمام الجنيه المصري، وفكرت أننا لن نحد من ذلك الإرتفاع إلا إذا خفضنا من استيرادنا، واعتمدنا على أنفسنا، عشان كدة لازم نشجع المنتجات المصرية بشرئها ونبعد عن أى حاجة مستوردة، ولما عملت الصفحة لقيت إقبال وإستجابة كبيرة جدا من الناس، وكله بيسألني هو احنا نلاقي المنتجات دى فين؟”

السؤال السابق وقف أمين أمامه عاجزا، فم يجد أى إجابة عليه عبر متابعته لكل الأخبار المتعلقة بتلك الحملة، ولم يجد بعد رحلة بحث قام بها فى المجمعات الإستهلاكية والهايبر ماركت والمحلات الصغيرة أى منتج يحمل تلك العلامة، وهو الأمر الذى أصابه بكثير من الإستياء، قائلا لنفسه :”هي إزاي الحكومة بتعمل حملات إعلانية تشجعنا على شراء منتجات صنعت فى مصر، ولما ندور عليها منلاقيهاش؟”

يراجع أمين نفسه فلعل المنطقة التى بحث فيها لم تصل إليها تلك المنتجات، فيعيد طرح السؤال على رواد صفحته من مختلف محافظات مصر، فلم يجد لديهم أيضا إجابة شافية لتلك السؤال، ومازالوا جميعا فى إنتظار تلك المنتجات.

27 شركة مصرية 

كان المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة قد أصدر قرارا بأن الوزارة وحدها تختص دون غيرها بالترخيص بوضع علامة “بكل فخر .. صنع فى مصر” على السلع والمنتجات فى ضوء المواصفات القياسية والاشتراطات للوزارة. وأعقبه تصريح للمهندس أحمد طه، رئيس مركز تحديث الصناعة، يؤكد خلاله أن المركز يعد الجهة المنوطة بها منح علامة “بكل فخر صنع في مصر”، بعد تقييم ومواءمة متطلبات العلامة مع منتجات الشركة الراغبة في الحصول عليها، مشيرا إلى أن هذه العلامة شعار للشركات المصنعة لمنتج مصري عالى الجودة وتهدف في المقام الأول إلى تعريف المستهلك المحلى بتلك الشركات. فذهب محرر  “مراسلون” لمركز تحديث الصناعة للتعرف على آليات تطبيق الحملة وعرض شكوى أمين ورفاقه من رواد الصفحة على مسئولي المركز.

بدايةً، تعترف داليا حسونة المسئول الإعلامى لمركز تحديث الصناعة  بصحة شكوى “أمين”، مؤكدة أنه حتى الآن لايوجد مكان ثابت لتلك المنتجات، حتى يستطيع المواطن الذهاب إليه والشراء منه، خاصة وأنه حتى الآن لم تنجح إلا سبع وعشرون شركة مصرية فى الحصول على ذلك الشعار، وبالطبع لن ينفع إقامة أسواق مثلا فى مختلف المحافظات لعرض منتجاتهم، وأن فى الفترة الحالية تكتفى تلك الشركات بأسواقها الخاصة بها، على حد قول حسونة.

ولكن كيف يعرف المواطنون المنتجات الحاصلة على ذلك الشعار؟ تجيب حسونة قائلة: “أي منتج حصل على ذلك الشعار يقول خلال حملاته الإعلانية أنه حصل على ذلك الشعار، وأمثلة ذلك شركة كوالين الأهرام التي أطلقت حملات إعلانية خاصة بها تؤكد خلالها حصولها على ذلك الشعار”.

قلة المنتجات تكشف الدقة

ماهي المواصفات المطلوبة لكى تحصل المنتجات على تلك العلامة؟ تقول حسونة إن أبرز المتطلبات تتضمن  التقدم بطلب التحاق لمركز تحديث الصناعة مرفق به صورة من السجل الصناعي وصورة من رخصة التصنيع، بالإضافة إلى شهادة توضح نسبة المكون المحلي في المنتج طبقًا للقانون رقم 5 لسنة 2015، حيث يجري المركز زيارات ميدانية للشركات من أجل الوقوف على سبل دعم الشركات غير المستوفاة للشروط ومساعدتها وتحديد احتياجاتها حتى تستطيع الحصول على العلامة.

تعود حسونة لتؤكد أن قلة عدد الشركات الحاصلة على العلامة حتى الآن، يكشف عن التدقيق الذي يمارسه المركز على المتقدمين للحصول على العلامة، حتى يحصل عليها من يستحق فعلا أن يتميز منتجه عن بقية المنتجات الموجودة فى السوق، إضافة إلى أن وجود العلامة على منتجه سيساعده بالطبع على زيادة مبيعاته لثقة المستهلكين فيه.

رسالة للمستهلك

من جانبه أكّد المهندس سمير عارف رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان ورئيس شركة الأهرام لنظم الامان، إحدى الشركات التى حصلت على تلك العلامة، ماقالته حسونة فيما يتعلق بدور العلامة فى زيادة مبيعات شركته ، مضيفا أنه لا يستطيع بعد حصر نسبة الزيادة فى مبيعات الأقفال فى العام الحالى بالمقارنة بالعام السابق، ولكنه أكد أنه يكفي أن الخط البيانى لحجم مبيعات الشركة في ازدياد رغم الظروف الإقتصادية السيئة التى تمر بها مصر والشعب المصرى.

عارف أكد على ان مسألة حصوله على العلامة لم يكن بالأمر الهين بل يعود لسمعة شركته التى أكتسبتها خلال سبعين عام مضت نجحت خلالها فى إقتحام العديد من الأسواق العالمية بواسطة خطط مدروسة ونظم علمية، وأثبتت خلالها شركته مدى كفاءة وجودة المنتج المصرى وهو الأمر الذى ساعده فى الحصول على العلامة.

يطالب عارف بأن لايقتصر الأمر على حملة مؤقتة، بل لابد أن يعي المستهلك المصرى أن شرائه لمنتجات وطنه، يعود بالنفع عليه، فكلما زاد حجم مبيعات أي شركة فستضطر لتوسيع خطوط إنتاجها وبالتالى ستحتاج لعمالة مصرية جديدة، سيزداد دخلها الذى سيعود أثره على المجتمع المصرى بأكمله.

التضارب مرفوض

مسألة الثقة التى قد تحدثت عنها “حسونة”، قد جعلت شركة السكر للصناعات التكاملية وهى تابعة للدولة، تؤكد من خلال رئيس مجلس إدارتها، أنها ستضع شعار ” بكل فخر ..صنع فى مصر” على كافة منتجاتها حتى تجعل المستهلك المصرى يثق فى منتجاتها، وهو الأمر الذى قوبل بالرفض من مسئولي مركز تحديث الصناعة كما تقول حسونة، لعدة أسباب أولها أن المركز هو الجهة الحكومية الوحيدة التى لديها الحق فى منح الشعار، ثانيا أن الشعار لايتم منجه إلا لشركات القطاع الخاص فقط، وبالتالي فليس من حق شركة الصناعات التكاملية أو أى شركة حكومية وضع شعار الحملة على منتجاتها، إلا إذا حصلت على إستثناء فوقى من رئيس الوزراء مثلا وهو الأمر الصعب حدوثه!

المصرى يكسب

ولكن ماذا إذا كانت المنتجات المصرية  الحاملة لذلك الشعار، يوجد بديل أجنبى أفضل منها سواء من حيث الجودة أو السعر؟ هذا السؤال وضع أحمد أمين فى حيرة مؤقتة، ولكنه سرعان ماتذكر هدف حملته، ليقول: “رغم أن معظم الناس هتفضل الأقل سعرا والأكثر جودة، لكن عن نفسي هشتري المصرى حتى لو سعره عالى شوية عشان ده هيرحمنا من ارتفاع الدولار اللى خلى كل حاجة سعرها عالى، وعلى فكرة مش انا لوحدى اللى هيعمل كدة، هتلاقي ملايين معايا فى نفس الهدف، لأننا لازم نيجى على نفسنا شوية ونستحمل اى حاجة عشان نرفع من قيمة منتجات بلدنا”.

“منتجات بلدنا..  هى الأفضل” .. هذا مايؤكده اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك ردا على السؤال السابق ..قائلا :” ناس كتير ماتعرفش أن فيه منتجات مصرية تفوق فى جودتها منتجات عالمية، وده عشان عيب فى التسويق عندنا للمنتجات دى ..واحنا فى الجهاز كنا أول الناس اللى عملنا حملات لتشجيع المنتجات المصرية، وعلى فكرة أعرف ناس كتيرة بتروح تشترى منتجات من برة مصر وبتكون فرحانة بيها قوى، وفى الاخر بتلاقيها منتجات مصرية الأصل”.

ويختتم يعقوب تصريحاته قائلا: “الأهم من ده كله ، خلاف موضوع السعر أو الجودة ، أن المصريين لما يشتروا منتجات بلدهم ، فده معناه أنك بتفتح بيوت الاف بل ملايين الشباب وبتضمن ليهم معيشة محترمة، ده غير أن كل قرش بيتصرف على صناعتنا، هيوفر علينا عملة صعبة وبالتالى الدولار هيقل والبلد هتقوم على رجليها مرة تانية”.

“هتقوم على رجليها تاني” ..هو الحلم الذى يتمناه أيضا أمين، مؤكدا في النهاية أنه سيستمر بالعمل في صفحته، حتى تغزو المنتجات المصرية بيوتنا جميعا، ورغم إستنكاره لقلة عدد الشركات التى حصلت على علامة الجودة، إلا أنه قال: “مش مهم تكون البداية صغيرة، و27 منتج مصرى افضل من مفيش خالص، وانا عن نفسى هسأل عن المنتجات دى واشتريها وادعو كل اللى اعرفهم ومتابعى الصفحة لشرائها، وبأذن الله يكون عندنا مليون منتج مصرى أفضل من الأجبني”.