تدفّقُ 20 ألف برميل من النفط الخام من حقل 103 النفطي (370 كلم جنوب غرب بنغازي) إلى ميناء الزويتينة (135 كلم غرب بنغازي)، كان إيذاناً بانتعاش قطاع النفط شرق ليبيا، وذلك في أول يوم سيطرت فيه قوات الجيش الليبي التابع للمشير خليفة حفتر (تمت ترقيته بعد العملية) على كل الموانئ والحقول النفطية في الشرق.

البرق الخاطف

تدفّقُ 20 ألف برميل من النفط الخام من حقل 103 النفطي (370 كلم جنوب غرب بنغازي) إلى ميناء الزويتينة (135 كلم غرب بنغازي)، كان إيذاناً بانتعاش قطاع النفط شرق ليبيا، وذلك في أول يوم سيطرت فيه قوات الجيش الليبي التابع للمشير خليفة حفتر (تمت ترقيته بعد العملية) على كل الموانئ والحقول النفطية في الشرق.

البرق الخاطف

هي عملية لم يتوقعها أحد بسب الزمان الذي سبق عيد الأضحى بيوم، والمكان الذي كان خارج متناول أصحاب العملية، ففي ساعات الصباح الأولى في الحادي عشر من الشهر الجاري اجتاحت أرتال عسكرية في آن واحد كل الموانئ النفطية التي كان يسيطر عليها آمر جهاز حرس المنشآت النفطية المكلف إبراهيم جضران التابع للمجلس الرئاسي بطرابلس.

لم تمر سوى سويعات بسيطة من الاجتياح حتى أعلن أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم قيادة الجيش الليبي التابع لحفتر في مؤتمر صحفي غداة سيطرتهم التامة علي ميناء الزويتينة، بالإضافة لمينائي السدرة وراس لانوف (365 كلم غرب بنغازي)، قائلاً ما لم يتوقعه الكثيرون وهو أن الموانئ النفطية أصبحت تحت أمر المؤسسة الوطنية للنفط (الموحدة ومقرها طرابلس) ولها حرية التصرف بها، ما جعل الكادر النفطي يبدأ مباشرة دون تردد بفتح صمامات النفط التي أُغلقت لأكثر من سنة ونصف.

بدء الإنتاج

بمجرد إعلان المسماري السيطرة على الموانئ النفطية بدأ سباق بيانات الشركات النفطية المباركة للسيطرة والمعلنة عن بدء عودة إنتاج الذهب الأسود مصدرِ الدخل الأول والوحيد لليبيا.

يقول مرعي ابريدان رئيس اتحاد عمال النفط بميناء الزويتينة لـ”مراسلون” إن خزانات الميناء البالغ عددها 15 خزاناً استقبلت بعد “البرق الخاطف” قرابة 128 ألف برميل من الخام الذي تنتجه حقول منطقة الواحات (370 كلم جنوب غرب بنغازي)، تلك الخزانات التي تبلغ سعتها الإجمالية قرابة 6.5 مليون برميل لا تستقبل فقط إنتاج شركة الزويتينة المملوكة للدولة الليبية، فجزء من إنتاج شركة الخليج العربي للنفط يذهب أيضا لخزانات الزويتينة حسب ما أفاد به المتحدث باسم “الخليج” عمران الزوي.

يضيف الزوي وهو يتحدث هاتفياً بحيوية لـ”مراسلون” إن حقل النافورة الواقع أيضاً في منطقة الواحات بدأ في إنتاج الخام ونقله إلى خزانات حقل “آمال” الواقع في نفس المنطقة، ومن ثم سيصل إلى ميناء الزويتينة في وقت لاحق، وفعلياً يؤكد الزوي أن حقل الشركة التي تعد الأكبر إنتاجاً للنفط في ليبيا قد ضخ الخميس 15 سبتمبر 40 ألف برميل من الخام المخزن سابقاً في الحقل.

صمام آخر للنفط سيتم فتحه في أي وقت من الآن، هذا ما أكده مراقب العمليات النفطية بشركة الهروج النفطية ناصر دلعاب الذي توقع عودة الإنتاج من حقل آمال التابع لهم خلال يومين على الأكثر، فأكثر من 50 ألف برميل يومياً هي ما ينتظره خط النفط الواصل بين الحقل الواقع في المنطقة الغنية بالنفط وميناء الزويتينة.

“جاهزون للتصدير”

بمجرد ما بدأت آبار النفط في إخراج ما في باطنها حتى أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط استعداد موانئها التام لتصدير الخام، جاء ذلك في بيان المؤسسة الذي نُشر على موقعها الإلكتروني الخميس 15 سبتمبر.

هذا البيان نتجت عنه دعوات مباشرة لشركات تصدير النفط بالقدوم للشواطئ الليبية، وقد لبّت فعلاً بعض الشركات تلك الدعوات، فقد وصلت الناقلة “SEADELTA” إلى ميناء رأس لانوف النفطي (365 كلم غرب بنغازي) لشحن قرابة 800 ألف برميل من الخام الذي تنتجه شركة الهروج النفطية حسب ما أكده لنا مراقب العمليات دلعاب.

دلعاب تحدث عن ناقلة أخرى ترفع علم اليونان من المتوقع أن تصل بتاريخ 21 سبتمبر الحالي، ستشحن قرابة 600 ألف برميل من الخام وتتجه بها لإيطاليا المستفيد الأول من النفط الليبي.

كانت السعادة واضحة في نبرات دلعاب أثناء حديثه عن عودة التصدير من الميناء الذي لم ترس به أية ناقلة نفط منذ ديسمبر 2014، وذلك بعدالاشتباكات المسلحة التي شهدتها المنطقة بين جهاز حرس المنشآت النفطية الذي يقوده إبراهيم جضران وقوات ما عُرف في ذلك الوقت بعملية الشروق القادمة من مدينة مصراتة (220 كلم شرق طرابلس).

وعلى بُعد 240 كلم شرق ميناء رأس لانوف ومن ميناء الزويتينة يقول ابريدان “نحن جاهزون للتصدير” معلنا عن 1.35 مليون برميل تنتظر التصدير هي الأخرى، وبالرغم من أن التصدير من الموانئ الحكومية يكون مبرمجاً من المؤسسة الوطنية إلا أن ابريدان كان حديثه تنافسياً وهو يستعرض خدمات الميناء ووضعه الأمني والفني.

اشتباكات لم تؤثر

جضران لم يسكت طبعاً على افتكاك ما تحت سيطرته من موانئ وحقول، فرد بمحاولة تقدم أخيرة لاستعادة الهلال النفطي؛ واشتبكت بقايا قواته مع قوات الجيش الليبي صباح الثامن عشر من سبتمبر، إلا أن ذلك لم يؤثر في عملية إنتاج النفط أو يوقف دواسر الناقلات العالمية من التقدم صوب المياه الإقليمية الليبية.

وهنا يؤكد محمد العزومي مدير مكتب الإعلام بالكتيبة 302 التابعة للجيش الليبي أن الكتيبة صدّت هجوماً نفذه جضران الذي استطاع أن يدخل ميناء السدرة النفطي (385 كلم غرب بنغازي) فجراً، “ولكنه انسحب بعد ثلاث ساعات” يقول العزومي.

يضيف محمد الصادق الناطق باسم جهاز حرس المنشآت النفطية التابع للجيش أن الاشتباكات لم تستغرق سوى سويعات؛ وأعلن الجيش بعدها فرض سيطرته بالكامل على الهلال النفطي، ويطمئن بأن “الإنتاج والتصدير لن يتأثرا”، ويتابع الصادق أن مهمة جهازه ستقتصر فقط على تأمين المرافق النفطية دون التدخل في عمليات الإنتاج أو التصدير.

توحيد الجهود

بعيداً عن حركة النفط في الحقول ومراقبة حساباته عبر شاشات غرف العمليات يتوقع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في المنطقة الشرقية ناجي المغربي أن يقفز الإنتاج الليبي إلى مليون برميل في اليوم من 400 ألف تقريباً في الوقت الحالي، ولعل المغربي يعتمد في توقعاته على دمج إدارتي المؤسستين النفطيتين المتراميتين شرقاً وغرباً.

المغربي تحدث لـ”مراسلون” عن اجتماع سيجمعه قريباً بمصطفى صنع الله رئيس المؤسسة في طرابلس، وبحسب المغربي فإن هذا الاجتماع يأتي استكمالاً لخطوات توحيد المؤسستين التي بدأت في مايو الماضي في العاصمة النمساوية فيينا.

لن يكون هناك ما يعرقل عملية الإنتاج بعد توحيد المؤسستين يردف المغربي، بل ستتحد كل الجهود ليعود الإنتاج الليبي لأعلى مستوياته التي قدرت بداية عام 2013 بـ 1.8 مليون برميل في اليوم.

ويصل إنتاج النفط في الشرق الليبي بعد “البرق الخاطف” إلى 250 ألف برميل في اليوم بعد أن كان قبل العملية لا يتجاوز 140 ألف برميل.

هذا وتنتشر في ليبيا خمس شركات منتجة للنفط مملوكة بالكامل للمؤسسة الوطنية للنفط بالإضافة إلى ثلاث شركات أجنبية وواحدة بعقد شراكة، أكثرها إنتاجاً هي شركة الخليج العربي للنفط التي يقدر إنتاجها بـ 350 ألف برميل في اليوم في أعلى مستوياته، وأقلها شركة الزويتينة التي عادت للإنتاج بـ 20 ألف برميل من أصل 70 ألف كانت تنتجها الشركة قبل ثلاثة أعوام.