لم يمر الإعلان عن التركيبة الحكومية الجديدة في تونس برئاسة يوسف الشاهد دون أن يخلف ردود أفعال متباينة سواء من قبل الأحزاب السياسية التي تملك الأغلبية في البرلمان أو الأحزاب المعارضة.

فبين مبارك لهذه الحكومة ومعارض لها انقسمت الآراء خاصة وأن البعض اعتبرها حكومة محاصصة هدفها ترضية جميع الأطراف لاسيما الأحزاب الكبرى كنداء تونس وحركة النهضة الإسلامية.

لم يمر الإعلان عن التركيبة الحكومية الجديدة في تونس برئاسة يوسف الشاهد دون أن يخلف ردود أفعال متباينة سواء من قبل الأحزاب السياسية التي تملك الأغلبية في البرلمان أو الأحزاب المعارضة.

فبين مبارك لهذه الحكومة ومعارض لها انقسمت الآراء خاصة وأن البعض اعتبرها حكومة محاصصة هدفها ترضية جميع الأطراف لاسيما الأحزاب الكبرى كنداء تونس وحركة النهضة الإسلامية.

وتتركب الحكومة من أربع وزارات لحركة نداء تونس و4 كتاب دولة، ووزارتين لحركة النهضة و4 كتاب دولة بينما حصل آفاق تونس على وزارتين وحصل أحزاب “المبادرة” و”المسار” و”الجمهوري” على وزارة لكل واحدة منها.

تعزيز النفوذ

لكن المتمعن في التركيبة يلاحظ أن حركة النهضة عززت مشاركتها أكثر في الحكم بحصولها على أكثر من وزارتين باعتبار أن زياد العذاري أحد قادتها الشبان حصل على وزارتين مدمجتين (الصناعة والتجارة).

وإضافة إلى هاتين الوزارتين الهامتين تمكنت الحركة من تقلد حقيبة التشغيل وهي وزارة وازنة وحساسة بالنظر إلى تحديات البطالة في البلاد، هذا ناهيك عن تعيين وزير تكنولوجيا الاتصال أنور معروف بمباركة منها.

ورغم توسيع دائرة الحكم لتشمل أحزابا معارضة (3 وزارات) وتمكين 13 شخصية أخرى مستقلة ونقابية من حقائب وزارية فإن موازين القوى داخل الحكومة يبقى بيدي حركة نداء تونس وحركة النهضة.

وقد ضمنت حركة النهضة الإسلامية، التي حافظت على مقاعدها البرلمانية (69 نائبا من 216) خلافا لنداء تونس التي عانت من الانقسامات، تحقيق هدفها بتحييد وزارات السيادة كالداخلية والعدل والدفاع.

وقد حافظ على أماكنهم وزراء الداخلية والعدل والدفاع والخارجية وهم: الهادي المجدوب وغازي الجريبي وفرحات الحرشاني وخميس الجهيناوي الذين عملوا مع حكومة رئيس الحكومة المقال الحبيب الصيد.

أهداف محققة

ويرى مراقبون أن نجاح حركة النهضة في فرض استراتيجيتها بتحييد وزارات السيادة يمكنها من التموقع أكثر في الحكم وكذلك ضمان عدم فتح ملفات حساسة يتعلق بعض منها بالاغتيالات السياسية.

وتتهم أحزاب معارضة تشكل ائتلاف الجبهة اليسارية حركة النهضة بصراحة بتحمل المسؤولية السياسية وراء اغتيال المعارضين البارزين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وهي تهم تنفيها الحركة.

أما فيما يتعلق بحقيبة وزارة الخارجية فإن الحركة ضمنت ببقاء خميس الجهيناوي على رأسها، استمرار سياسية الديبلوماسية الناعمة التي تتماشى مع سياسات الحركة وخاصة فيما يتعلق بما يحصل في سوريا.

وبالعودة لتصريحات قيادات من الحركة حول الحكومة يمكن ملاحظة رضاها التام عنها الحكومة، حيث تقول محرزية العبيدي نائبة من الحركة “نحن حققنا طموحاتنا وتم اختيار أغلب الأسماء الذين اقترحناهم…”.

غير أن بعض الأطراف المؤثرة صلب حركة النهضة لم تكن راضية تماما عن تركيبة الحكومة، حيث اعتبرت أن تمثيلية حزبهم في الحكومة الجديدة لم تتماشى مع ثقل وزنها في مجلس نواب الشعب (البرلمان).

خزان شبابي

والثابت أن بعض القادة التاريخيين في الحركة كانوا يمنون النفس باختيار أحدهم ضمن فريق الوزراء، لكن حركة النهضة أثبتت مرة أخرى أن لديها خزان من الكفاءات الشابة القادرة على الاضطلاع بمناصب.

وقد تجسم ذلك من خلال اختيار كل من زياد العذاري في وزارة الصناعة والتجارة وعماد الحمامي في وزارة التشغيل، وأنور معروف في وزارة تكنولوجيات الاتصال وهي أسماء شابة بدأت تأخذ المشعل.

من جهة أخرى يبدو أن حركة النهضة غير راضية على تعيين بعض شخصيات معارضة في الفريق الحكومي على غرار وزير الفلاحة سمير بالطيب أمين عام حزب المسار (حركة التجديد والحزب الشيوعي التونسي سابقا).

وقد سعت الحركة قبل الإعلان عن تشكيلة الحكومة نهاية شهر أوت/أغسطس الماضي للضغط على يوسف الشاهد لمراجعة بعض التعيينات الوزارية لكنه لم يستجب لذلك وقرر الإبقاء على فريقه.

والسؤال الذي يطرحه بعض المراقبين هو هل تنجح حركة النهضة في حشر بعض الوزراء “المغضوب عليهم” في الزاوية من أجل مواصلة لعب دور بارز في صنع القرار وإدارة الحكم في البلاد.