فليكن.. دعونا نبدأ  من عدد من الحقائق “المصرية” التي تحيط بالجميع، بداية السجن أصبح قريبا من الجميع، سياسيين، صحفيين، عاملين في منظمات مجتمع مدني، ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، شباب يغنون في الشارع، مصممي جرافيك، رسامي كاريكاتير.. الكل معرض لأن يجد نفسه فجأة في..السجن.

 – هل سيكون مفيدا أن نكرر أن هناك أكثر من أربعين ألف معتقل سياسي بحسب بيانات منظمات حقوق إنسان دولية ومحلية..وأن الدولة المصرية تنكرها جميعا-

حقيقة أخرى نغفل عنها كثيرا في ظل انشغالنا بتعداد المحبوسين احتياطيا، والمعتقلين، والمحبوسين بتهم، والمختفين قسريا، أن السجين مازال حيا، نعم بداخل السجن، ولكنه مازال حيا، يحتاج للأكل وللشرب وللتدخين ولرؤية أهله، الحياة داخل السجن مستمرة ولكن بشكل مختلف، ولا تخص السجين وحده، ولكنها تخص أسرته بالكامل التي لا تتأثر فقط بغيابه، ولكن أيضا بزيارته –إن كانت مسموحة-

حقيقة أخرى أن الحياة داخل السجن مكلفة.. بالتأكيد تنص القوانين المنظمة لمصلحة السجون المصرية على حق السجين في حياة آدمية، ولكن الوقائع والشهادات تخبرنا أن طعام السجن لا يؤكل، وأن السجين يجب أن يشتري احتياجاته من كانتين السجن، وأن السجائر عملة هامة في تصريف أمور المسجون – بغض النظر عن كونه مدخنا أم لا-  وأن كل شيء داخل أسوار السجن له ثمن أغلى بكثير من ما هو عليه خارج تلك الأسوار.

في هذا الملف نحاول أن نلقي بشيء من الضوء على بعض تفاصيل الحياة داخل السجن بداية من مشقة الزيارة التي يتحملها الأهالي، تكاليف الحياة في السجن، كيف يعيش المسجون في ظل الحر الشديد الذي يجثم على مصر بأكملها –وبالتأكيد في الشتاء أيضا- وكيف تصبح الأوضاع عندما لا يصبح الواحد مسجونا فقط ولكن أيضا في سجن انفرادي..ولمدة طويلة.

نحاول هنا أن نتحرر من كتل الأرقام التي تطمس تفاصيل الأفراد التي يفترض أنها تعبر عنهم، أن نتذكر أن تلك الأرقام هي تخص أفرادا ما زالوا يتنفسون ويأكلون ويشربون باختصار مازلوا أحياء..حتى لو كانوا داخل السجن.

أقرأ:

–         أوجاع الزيارة

–         جحيم الزنزانة

–         بيزنس السجن

–         مواجهة الجحيم وحيدا..أو الحبس الانفرادي