قضى الشاب التونسي ح.س نحو خمسة عشر عاما يبحث بين كتب التنصير ومواقع التبشير عن شيء ملفت في داخلها يجعله يقتنع بالهجرة نهائيا من دينه الإسلام إلى المسيحية.

لم يكن تغيير مسار ديانته الأصلية بالأمر الهين أو السهل والحال أنه تربى في أسرة مسلمة، فقد قضى ليال طويلة يبحث خلالها عن دوافع وتبريرات تجعله ينتصر للمسيحية.

يقول هذا الشاب لمراسلون مفضلا عدم الكشف عن هويته “لقد قضيت ليال طويلة أبحث لنفسي قبل المجتمع عن حجج مقنعة تجعلني أترك الإسلام والتوجه للمسيحية”.

قضى الشاب التونسي ح.س نحو خمسة عشر عاما يبحث بين كتب التنصير ومواقع التبشير عن شيء ملفت في داخلها يجعله يقتنع بالهجرة نهائيا من دينه الإسلام إلى المسيحية.

لم يكن تغيير مسار ديانته الأصلية بالأمر الهين أو السهل والحال أنه تربى في أسرة مسلمة، فقد قضى ليال طويلة يبحث خلالها عن دوافع وتبريرات تجعله ينتصر للمسيحية.

يقول هذا الشاب لمراسلون مفضلا عدم الكشف عن هويته “لقد قضيت ليال طويلة أبحث لنفسي قبل المجتمع عن حجج مقنعة تجعلني أترك الإسلام والتوجه للمسيحية”.

خلال تلك الفترة يتذكر (ح.س) كيف أنه خسر الكثير من الوزن بسبب كثرة التفكير واضطراب النوم وقلة الطعام فيما كان يدمن يوميا على مطالعة كتب التنصير.

وبعد تقليب نظره وتفكيره خير هذا الشاب الانتقال إلى دين المسيحية الذي يرى بأنه “أكثر تسامحا من الإسلام” الذي تم تشويهه -حسب رأيه- بسبب ما برز من تشدد.

صورة سيئة

قبل أن يتحول للمسيحية كان (ح.س) يتردد في طفولته يوميا على المدرسة قرآنية بحيّه لحفظ القرآن لكن ذاكرته بقيت تحافظ على صورة سيئة للمؤدب الذي “كان عنيفا”.

“آنذاك لم يتوان المؤدب عن تعنيفنا ومعاقبتنا بقسوة لأسباب بسيطة. أظن أن هذا ما دفعني في سن مبكرة للبحث عن ديانة أخرى لا ترتبط بالعنف” يقول (ح.س).

يواصل هذا الشاب سرد رحلته من الإسلام إلى المسيحية متذكرا بأنه تواصل مع الكثير من جمعيات التنصير المنتشرة في تونس خلال فترة التحاقه بالجامعة في العاصمة.

يقول “عند انتقالي للدراسة بالجامعة كنت على تواصل بجمعيات تبشيرية أمدتني بالعديد الكتب فضلا عن مشاركتي في لقاءات مع مبشرين أجانب وتونسيين سبقوني لدين المسيح”.

غير أن اللحظة الحاسمة لأخذ قراره كان عقب اندلاع الثورة التونسية التي سمح مناخ الحرية فيها بظهور حركات سلفية وجهادية أدت فيما بعد إلى وقوع عمليات إرهابية.

وليس (ح.س) استثناء بعينه في تونس بل تكشف تقارير إعلامية عن توجه عدد من الشباب التونسي نحو التشيع أو المسيحية على الرغم من أن الموضوع ما يزال من التابوهات.

رغبة وخوف

ويؤكد (ح.س) لمراسلون أنه لاحظ خلال لقائه بعديد الشبان التونسيين بأن لديهم رغبة في الالتحاق بالدين المسيحي “غير أن الخوف من ردة فعل العائلة والمجتمع هو من منعهم”.

“اتخاذ مثل هذا القرار يحتاج إلى الكثير من الشجاعة لمواجهة المحيط الخارجي الذي ينظر إلى كل خارج عن دين الاسلام أنه كافر ومرتد ويجوز إهدار دمه” يقول الشاب.

قبل فترة انظم (ح.س) لناشطين على موقع “مسيحيون في تونس” من أجل الدعوة للمسيحية وهو ما مكنه من الكشف علانية عن دينه الجديد لأصدقائه ما عدا عائلته.

ورغم كثرة مواقع التنصير على شبكات التواصل في تونس فإنه لا يمكن تحديد عدد التونسيين الذين هاجروا للمسيحية فيما تتكتم الكنائس الموجودة في تونس عن عددهم.

وتضع هذه المواقع والصفحات على ذمة الراغبين في تغيير ديانتهم أرقام هواتف تسهل التواصل مع المشرفين عليها للاستفسار عن كيفية التحول على المسيحية.

ورغم أن الدستور التونسي ينصص على حرية المعتقد فإن المجتمع المحافظ في أغلبه لا يقبل بغير الإسلام عقيدة ويتهم المتجهين للمسيحية بأنهم “مرتزقة يبيعون دينهم من أجل المال”.

تدهور الثقة

ويفسر المختص في علم النفس الاجتماعي سامي نصر إقبال تونسيين على المسيحية “بارتفاع موجة الإرهاب في دول عديدة من العالم العربي منها تونس”.

ويضيف “الفضاعات التي ارتكبها تنظيم الدولة (داعش) دفعت جزءا من الشباب إلى البحث عن ديانات أقل عنفا لا سيما وأن مخيلتهم تربط الحياة السعيدة والتطور العلمي والتكنولوجي بالشعوب المسيحية”.

ويضيف لـ”مراسلون إلى “كما أن الصورة القاتمة التي تروجها بعض وسائل الإعلام عن الإسلام غيرت نظرة كثيرين إلى الإسلام وأدت إلى تراجع ثقة مسلمين في دينهم”.

ويمنع القانون التونسي التنصير ويحظر أعماله. وقد سابقا ترحيل أجانب حاولوا القيام بأنشطة في هذا المجال وتمت مصادرة وثائق ومواد تنصيرية كانت بحوزتهم من كتب وأشرطة فيديو وأقراص.

لكن ذلك لم يمنع المنظمات التنصيرية من مواصلة نشاطها تحت لافتات مختلفة، مستغلة وسائل الاتصال الحديثة والدعوات المباشرة لاستقطاب الشباب إلى ما يسمونه “بشارة يسوع”.