لم تسلم المنظمات النسوية في مصر من اتهامات العمالة على الرغم من عملها لسنوات تحت مظلة القانون المصري الذي يحمي منظمات المجتمع المدني، وكأنما تحول الدفاع عن المرأة لجريمة مرة واحدة.

على الرغم من أن خطابات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على مدار عامين من الحكم ركزت على الارتقاء بدور المرأة ولكن الواقع صدم العاملات في النشاط النسوي بقرارات منعهن من السفر لممارسة دورهن.

***

لم تسلم المنظمات النسوية في مصر من اتهامات العمالة على الرغم من عملها لسنوات تحت مظلة القانون المصري الذي يحمي منظمات المجتمع المدني، وكأنما تحول الدفاع عن المرأة لجريمة مرة واحدة.

على الرغم من أن خطابات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على مدار عامين من الحكم ركزت على الارتقاء بدور المرأة ولكن الواقع صدم العاملات في النشاط النسوي بقرارات منعهن من السفر لممارسة دورهن.

***

فوجئت مزن حسن مديرة مؤسسة “نظرة للدراسات النسوية” صباح الإثنين، الموافق 27 من الشهر الماضي، بقرار إدارة الجوازت بمطارالقاهرة، بمنعها من السفر، أثناء إنهاء إجراءات المغادرة الخاصة بها من القاهرة إلى بيروت لحضور اجتماع اللجنة التنفيذية ل”التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” بصفتها خبيرة إقليمية للتحالف.

مزن حسن ناشطة نسوية ومدافعة عن حقوق الإنسان ومن مؤسسات مؤسسة “نظرة” للدراسات النسوية ومديرتها التنفيذية. وهي أيضا عضوة بمجلس إدارة الصندوق الدولي للنساء (Global Fund for Women). وعضوة لجنة التخطيط الدولية للمنتدى الثالث عشر لجمعية حقوق النساء في التنمية (Association for Women’s Rights in Development).

***

تؤكد مزن لـ”مراسلون” أن قرار منعها من السفر يأتي على خلفية القضية رقم 173 لعام 2011 والمعروفة بقضية التمويل الأجنبي للمنظمات، والتي أعيد فتحها منذ عدة أشهر للبت في تحقيقاتها.

وبحسب مزن، تم استدعاء ثلاث عضوات من فريق عمل مركز”نظرة” للدراسات النسوية للمثول أمام قاضي التحقيق يوم 22 مارس 2016، والتي تم بعدها استدعاء مزن للمثول أمام القاضي يوم 29 مارس 2016 بمحكمة القاهرة الجديدة، حيث قام القاضي بإبلاغ المحاميات والمحامين الحاضرين يومها بأنه سيحدد موعدًا لإطلاع المحاميات والمحامين على أوراق القضية، وسيقوم على أثر ذلك باستدعاء مزن حسن في وقت لاحق وأعتبرت مزن إجراء المنع من السفر كخطوة ثالثة في إطار التحقيق معها وإحالتها للقضاء.

***

تعمل مزن على العديد من القضايا النسوية منذ 2001 من بينها العنف ضد النساء في المجال العام، وخدمات الدعم النفسي والطبي والقانوني للناجيات من العنف الجنسي، والمشاركة السياسية للنساء في مصر والشرق الأوسط ومواقع صنع القرار. وقد حصلت على جائزة “شارلوت بنش” للمدافعات عن حقوق الإنسان عام 2013.

بصوت يغلب عليه الاندهاش، تقول مزن، كان يجب أن تنتهى حالة العداء للمنظمات الحقوقية والنسوية في إشارة منها لأهمية فتح المجال العام لكل القوى في المجتمع، لكن ما يحدث الآن عكس ذلك.

وبشهادة الجميع فإن “نظرة” يقوم بدور فاعل في التواصل مع العديد من المبادرات المجتمعية في المحافظات المختلفة التي تشكلت من نساء من أعمار وخلفيات متنوعة حفزتهم ثورة ٢٥ يناير على الانخراط في المجال العام وبدأت تتبلور في الأفق ملامح لحركة نسوية جديدة.

***

تؤكد “مزن” لـ”مراسلون” أن “نظرة للدراسات النسوية” تعمل كجمعية أهلية بترخيص حكومي صادر في 28 ديسمبر 2007 برقم 7184، وجميع أنشطتها قانونية ومعلنة، وهى من تتولى إدارتها منذ الإشهار كما حصلت “نظرة” على وضع استشاري خاص في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة منذ يناير 2014.

“الثمن دائمًا حاضر”  لفتت مزن إلى أن الحركة النسوية دائمًا ما تواجه مخاطر عدة، عندما تتحول مهمة الدفاع عن النساء وأجسادهن لجريمة.

وتوضح أن هذا الثمن يأتي بداية من اتهام وربط مفهوم تحرير المرأة بالفجور، وانتهاء بمعاقبة نسويات -دفعن من أعمارهن في السجون أو تحت الإقامة الجبرية- بالسجن مقابلًا لما طالبن به من حقوق.

 قائمة الاتهامات الموجهة لهن قانونًا تتراوح عقوباتها من السجن 6 أشهر إلى 25 عامًا، ومجتمعيًا فهناك محاولات تشويه لعملهن المعني بإتاحة مساحة آمنة للنساء، وبحسب مزن فهي لا تعلم هل تلك الاتهامات هي فقط في إطار الاتجاه نحو تأميم المجال العام، أم لأن المجتمع لايزال يضع قضايا النساء في إطار تصفية الخصومة السياسية كحلقة أضعف، أم أن الدفاع عن النساء جريمة؟

وتسائلت “مزن” عن المخالفات القانونية التي على أساسها يوجه إليهن الإتهامات في تلك القضية، رغم عملهن في ظل القانون المصري وأمام أعين الدولة منذ عام 2008، بمقر مشهر ورسمي ومعروف للجميع، وبسجلات ودفاتر واضحة ومتاحة ومنضبطة ومراجعة ومدققة من قبل محاسبين رسميين، وبحسابات بنكية علنية في بنوك مصرية تحت رقابة البنك المركزي ووحدة غسيل الأموال، وبضرائب مدفوعة وتأمينات على العاملين قائمة وموثقة بسجلات الدولة، وبأنشطة علنية شاركنا فيها شابات، وأكاديميين وساسة وأطباء نفسيين ومحامين، وبتبرعات ومنح تدخل إلى حساباتنا البنكية أمام أعين الجميع بكل شفافية ويقتطع منها حصيلة الضرائب، وبفعاليات يتم تغطيتها بشكل دوري عبر موقعنا، وبأبحاث ودراسات ومطبوعات وببيانات أو أخبار صحفية نرسلها بشكل دوري للصحف والمسؤولين وكل القطاعات المعنية بقضايانا.

وتابعت: “إذا كانت الدولة تراهن خطرًا على أمنها لماذا لم توقف عملنا خلال تلك السنوات؟ لا أعرف أي تهديد للوطن من هؤلاء العاملات كي لا تنتهك أجساد النساء أو يعنفن، أو أن يتمتعن بحقهن في الحصول على مجال عام وخاص آمن”

وأضافت مزن:”هل حماية أجساد النساء من الانتهاك خطر؟ هل معالجة الناجيات من العنف والاغتصاب خطر؟ هل الحديث عن تمثيل المرأة خطر؟ هل محاولة مساعدة المجتمعات لأن تعمل بكل طاقتها دون استثناء أو استبعاد للنساء خطر؟ هل العمل مع المعنيين من مجتمع مدني وسياسيين ودولة من أجل تمكين المرأة خطر؟ هل كان كل ما طالبت به نسويات بدءًا من هدي شعراوي انتهاء بدرية شفيق ما زلنا نراه خطرًا؟”

واختتمت كلامها لـ”مراسلون”: “بأن الخوف اليوم ليس فقط من أن العاملات على قضايا النساء أصبحن قيد الملاحقة، بل لأن الحركة النسوية المصرية في تراجع ولكن كيف يمكن أن تتواجد الحركة دون حرية تنظيم؟ ومراجعة من الدولة حول أن قضايا النساء ليست جزءًا من مؤامرة غربية على مصر؟ مشددة على أن “نظرة” لن تلتفت إلى كل ما يحيط بها من مخاطر وستواصل طريقها في تقديم الدعم للنساء.