كيف تقرأ رفض رئيس الحكومة الحبيب الصيد الاستقالة من منصبه وتوجهه للبرلمان لتجديد الثقة فيه رغم تبني أحزاب الائتلاف الحاكم مبادرة الرئيس التونسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تقودها شخصية جديدة؟

أظن أن رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد قد شعر بالإهانة من خلال طرح مبادرة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لذلك أختار أن يذهب إلى البرلمان لتقديم وجهة نظره وليغادر الحكومة من باب البرلمان وليس من باب قصر قرطاج الرئاسي.

كيف تقرأ رفض رئيس الحكومة الحبيب الصيد الاستقالة من منصبه وتوجهه للبرلمان لتجديد الثقة فيه رغم تبني أحزاب الائتلاف الحاكم مبادرة الرئيس التونسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية تقودها شخصية جديدة؟

أظن أن رئيس الحكومة الحالي الحبيب الصيد قد شعر بالإهانة من خلال طرح مبادرة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لذلك أختار أن يذهب إلى البرلمان لتقديم وجهة نظره وليغادر الحكومة من باب البرلمان وليس من باب قصر قرطاج الرئاسي.

قبل أيام كان ينتظر أن تنعقد جلسة استماع لرئيس الحكومة لكنها ألغيت بسبب توجهه لطلب الثقة من جديد وكان موقفكم رافضا لعقد الجلسة. لماذا؟

نعم رفضنا عقد هذه الجلسة على مستوى مكتب مجلس نواب الشعب (البرلمان) لأننا ببساطة نرفض الانخراط في النفاق السياسي لذلك عبرنا لبقية الكتل النيابية عن موقفنا بصراحة وهو أنهم إذا كانوا يرغبون في إقالة الحبيب الصيد عليهم الالتزام بفصول الدستور والدعوة لجلسة عامة لسحب الثقة منه أما أن تقع دعوته لجلسة حوارية فهذا لا فائدة منه بل هو يمس عمق النفاق السياسي لأننا علمنا أنه كان مبرمجا دعوة رئيس الحكومة الحبيب الصيد إلى جلسة استماع ليتلو خطابه ثم يقع شكره قبل التخلص منه.

الاستقالة من تلقاء نفسه أمر رفضه الحبيب الصيد الذي تمسك بالذهاب إلى البرلمان. هل تعتقد أن لديه ما يكشف من أسرار بشأن الائتلاف الحكومي؟

في الحقيقة لا اعتقد أن رئيس الحكومة الحبيب الصيد قادر على كشف خفايا أو ملفات خطيرة ترتبط بأحزاب الائتلاف الحاكم لأن ذلك يتطلب شجاعة وجرأة سياسية كبيرتين لا يملكهما للأسف الحبيب الصيد الذي لا يتحمل لوحده بالطبع مسؤولية فشل حكومته وإنما تتحمله معه كل أحزاب الائتلاف الحكومي (نداء تونس وحركة النهضة والاتحاد الوطن الحر وحزب آفاق تونس).

في حوارات صحفية كشف رئيس الحكومة عن تعرضه لتهديدات بإهانته والتنكيل به في حال لم يقدم استقالته من تلقاء نفسه. من يقف حسب رأيك وراءها؟

اليوم أصبحت هناك “مافيا” متنفذة سياسيا واقتصاديا لديها نشاطات معلنة وتتحكم في مفاصل الدولة. اقتصاد السوق السوداء يمثل نحو 60 بالمائة من الاقتصاد التونسي حسب معطيات قدمتها رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة الأعراف) وهذه النسبة تعني أن هناك لوبيات اقتصادية متنفذة لها مصالح متشابكة مع جهات سياسية وأمنية وقضائية وإدارية وإعلامية وبرلمانية وهذه المافيا لها علاقاتها وتأثيرها بالبرلمان الذي أصبح مزادا لشراء بعض النواب وكذلك في القصر الرئاسي بهدف صناعة القرار على مقاسها في المشهد السياسي وتحقيق المكاسب الاقتصادية وتحصين نفسها من الحساب. اليوم لا أحد يمكنه أن ينكر سطوة هذه المافيات ومحاولتها بسط نفوذها على المشهد ولكن المشكل الأكبر هو ارتباطها عضويا بالائتلاف الحاكم والدولة التي أصبحت عاجزة أمام تغلغلها في مؤسساتها.

هل بلغت سطوة من تنعتها بالمافيات درجة من القوة تجعلها تتحكم في القرار السياسي؟

بالتأكيد لأن هذه المافيات تؤثر بشكل كبير في مؤسسات الدولة وهي تشن حملات التشهير ضد من يزعجها وتضغط من أجل تغيير من لا ينسجم مع مصالحها واليوم تغلغل أتباعها في الأحزاب وفي أجهزة الدولة وباتوا قوة ضغط رهيبة من الداخل منذ تشكيل حكومة الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة ولكن الأمر تطور إلى حد أنه لم يعد سرا ويكفي أن تستمتع لخطابات بعض قيادات الحزب الحاكم نداء تونس لترى إلى أي مدى بلغت سطوة هذه المافيات.

هل هذا يعني أن حزب نداء تونس هو حصان طروادة تلك “المافيات”؟

حركة نداء تونس تضم جزءا من تلك المافيات نظرا إلى حالة الانقسام الذي تعيشه وغياب الوحدة الفكرية التي تشكلها مكوناتها ووجود شخصيات قادتهم أطماع سياسية إلى المشهد ولكن هذا لا يعني أن حركة النهضة ليس لها علاقة بتلك المافيات أو أن الأخيرة لا تملك تأثيرا على بقية الأحزاب الائتلاف الحاكم.

كيف تفسر هذا التأزم الذي تعيشه البلاد بعد الاتفاق على تنحية رئيس الحكومة؟

نحن قلنا إن تونس تعيش حاليا أزمة حكم فلم يحدث أن نجد 7 وزراء يطلبون من رئيس حكومتهم الاستقالة بينما يتمسكون هم بالكراسي وهذا أمر غير مقبول سياسيا وأخلاقيا. وبالتالي اليوم هناك صراع من أجل المواقع تحت غطاء تحميل رئيس الحكومة الحبيب الصيد لوحدته مسؤولية الفشل لغايات منها أان هناك من يسعى من بين وزراءه إلى خلافته على رأس الحكومة وهناك من يريد المحافظة على منصبه كوزير دون مراعاة مصلحة البلاد ودون أن تكون لديهم برامج لإخراجها من أزمتها.

هل هذا يعني أن الجبهة الشعبية المعارضة أصبحت تدعم بقاء الحبيب الصيد؟

الجبهة الشعبية لم تكن مع الحبيب الصيد وعندما قلنا منذ تعيينه أنه سيفشل في مهامه كانوا يتهموننا بأننا نعارض من أجل المعارضة ولكن ها هم اليوم يزايدون علينا في نقد الصيد.

نحن في الجبهة كنا نرى أن هذه الحكومة فاشلة وعليها أن ترحل لكننا نريد ذلك على أساس أن تكون الحكومة القادمة حاملة لبرامج تكون قادرة على تجاوز الأزمة التي تعصف بالبلاد.

بينما يظهر أن بقية الأحزاب الداعمة لرحيل رئيس الحكومة الحالي ترغب في استقالته ليس من باب فشله في أداء مهامه وإنما سعيا لتنصيب رئيس حكومة جديد يكون طيعا بين أياديهم يسهل لهم قضاء شؤونهم وأعمالهم وسعيا أيضا وراء الظفر بالمناصب ولذلك نحن نقول إننا مع رحيل الصيد ولكن نرفض رحيله بناء على رغبات تلك الأطراف في تحقيق مصالحها.

كيف سيكون موقف الجبهة الشعبية فيما يتعلق بتجديد الثقة في الحبيب الصيد؟

من ناحية التصويت مع تجديد الثقة أو سحب الثقة فنحن لم نناقش الأمر بعد. لكننا سنتباين سياسيا مع رئيس حكومة الحبيب الصيد كما سنتباين مع الذين يريدون إقالته وسنفضح رغبتهم في تحقيق مصالحهم الشخصية وليس مصالح تونس.

أنتم تقولون إنكم ستدعمون حكومة لها برامج تخرج البلاد من أزمتها ألم تعثروا على ضالتكم في برنامج “وثيقة قرطاج” التي ستكون اطارا لعمل الحكومة القادمة؟

وثيقة قرطاج التي تم توقيعها في القصر الرئاسي من قبل الأحزاب والمنظمات الداعمة لمبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تساوي حتى الحبر الذي كتبت به.

هي وثيقة فارغة ورئيس الحكومة نفسه قال إنه كل ما ورد في الوثيقة يشابه برنامج حكومته. كل ما قيل حول تلك الوثيقة لا يمكن أن يكون برنامج لحكومة تطمح لإخراج البلاد من أزمتها لأنها تفتقد لإجراءات ملموسة وأجندة زمنية محددة لحل المعضلات التي تعاني منها البلاد كالبطالة وغياب التنمية والفساد والإرهاب ولهذا نحن نرى أن كل ما حصل لا يهدف لمعالجة الأزمة وإنما يهدف للإطاحة برئيس الحكومة الحبيب الصيد.

ولكن فعليا ما هي الانتقادات التي توجهونها لبرنامج الحكومة القادمة والمضمن في “وثيقة قرطاج”؟

بعض الإجراءات التي ستنفذ في فترة الحكومة القادمة تتضمن قرارات مؤلمة ستمارس ضد الشعب وعلى رأسها تمرير قانون المصالحة الاقتصادية المخالف للدستور ومسار العدالة الانتقالية والمتستر على الفساد والمفسدين وهذا القرار مسطر وما على الحكومة القادمة سوى المرور لتنفيذه بحذافيره وعليه فإن ما يسمي بوثيقة قرطاج هو ذر رماد على العيون وقد استغربنا كيف لبعض أحزاب المعارضة أن تمضي على تلك الوثيقة.

كيف ستكون برأيك طبيعة الحكومة المقبلة؟

ستكون حكومة طيعة بلا شخصية مهمتها تنفيذ التعليمات.

تنفيذ تعليمات من بالتحديد؟

هذه الحكومة يريدونها أن تدعم وتقوي شق نجل الرئيس التونسي حافظ قايد السبسي في حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات الفارطة على حساب شق أخر معارض له داخل الحزب وبهذه الطريقة يستعيد هذا الشق الأول السيطرة على حزب نداء تونس ويتمكن من التحكم في التعيينات وفي كل دواليب الدولة ومفاصلها وإلى إعادة التوازن بين النداء وحركة النهضة داخل الائتلاف الذين يريدون توسيع قاعدته من أجل  “شن حرب” على الشعب التونسي وعلى حقوقه الاقتصادية والاجتماعية وتمرير كل الإصلاحات المؤلمة التي هي اليوم على أهبة تنفيذها بدعم من دوائر المال العالمية كصندوق النقد الدولي .

من سيكون له الكلمة الفصل في اختيار رئيس الحكومة القادم هل هو الرئيس التونسي أم أحزاب الائتلاف الحاكم أم الدوائر المالية العالمية كما يشاع؟

اعتقد أن هذه الشخصية ستكون قريبة من القصر الرئاسي وستكون في نفس الوقت طيعة بيد المؤسسات المالية الدولية.

وهل تعتقد أن حركة النهضة ستعمل على أن يكون لها نصيب أكبر من الحقائب في الحكومة القادمة؟

حركة النهضة لا يهمها كثيرا عدد الحقائب الوزارية التي ستحصل عليها بقدر ما يهمها السيطرة على وزارة العدل ووزارة الداخلية حتى لا تنكشف عديد الملفات التي تدينها علاوة عن أنها تريد أن تكون مطمئنة على التعيينات الموالية لها والتي قامت بها زمن حكومة الترويكا. هذا ما يهم النهضة اليوم لأنها أصبحت في وضع دولي وإقليمي لم يعد لصالحها.

يتهمك البعض أنك تحولت إلى طبقة بورجوازية بعد التقاط صور لك وأنت تتابع مباريات تنس في دورة “رولان غاروس”. هل هذا صحيح؟

هؤلاء يريدون أن يفرضوا على أبناء الجبهة الشعبية صورة نمطية بينما نحن مع الحياة ونريد أن يعيش الشعب التونسي في رفاهية وهؤلاء لا أخلاق لهم وهم يكذبون ويختلقون أشياء لم تحدث لأني لم أحضر “رولان غاروس” ولكن حضرت مقابلة لبطلة تونس أنس جابر في نادي التنس بالعاصمة في مباراة نهائية باعتبار أني من محبي الرياضة والمسرح والسينما وأشجع كل تونسي يتألق.