ارتبطت الدراما المصرية عادة بالمشهد السياسي، فيما تراوحت النماذج التي قدمتها تلك الدراما لرجل الأمن المصري بين السيئة والمثالية، جاء هذا مع حضور وزارة الداخلية المصرية  بقوة في المشهد السياسي منذ يناير / كانون الثاني 2011.

ارتبطت الدراما المصرية عادة بالمشهد السياسي، فيما تراوحت النماذج التي قدمتها تلك الدراما لرجل الأمن المصري بين السيئة والمثالية، جاء هذا مع حضور وزارة الداخلية المصرية  بقوة في المشهد السياسي منذ يناير / كانون الثاني 2011.

وعلى الرغم من قلة النماذج التي قدمتها الدراما المصرية لرجل الأمن المصري قبل الثورة، وانحصارها بشكل عام في ضابط الشرطة الشريف الذي يواجه الأشرار، إلا أن تلك النماذج انتشرت بقوة في عدد من الأعمال الدرامية في كل عام منذ ثورة يناير حتى الأن ، كان أخرها تلك التي قدمت في عدد المسلسلات هذا العام مثل “الخروج” و”القيصر” و”شهادة ميلاد”.

2011: ضابط أمن الدولة هو “السيء”

كان لرجل أمن الدولة نصيب الأسد في الغضب الشعبي الذي أجتمع عليه المصريون في ثورة يناير عام 2011، تجسد هذا في المطالب التي انطلقت بالغاء أمن الدولة ومحاكمة عددد من قادة الجهاز بسبب الجرائم التي أرتكبت بداخله .

وفي عام الثورة ووفقا لهذا الواقع جسد العمل الدرامي ” أدم” الذي  أذيع على عدد من الفضائيات أفعال بعض من رجال أمن الدولة والتي تمثلت في شخصية “سيف الحديدي” ضابط أمن دولة الذي يستخدم سلطته لقمع والتنكيل بالمواطنين.

2012: عام الصلح وعودة الثقة

ومع نهايات 2011 انطلق عدد من الحملات التي تنادي بضرورة المصالحة بين رجال الشرطة وبين الشعب، وعودة الثقة مرة أخرى تمهيدًا لعودة وزارة الداخلية للساحة بعدما إنسحبت أثناء جمعة الغضب.

فكانت الدراما هي البوق الذي استخدام لتجسيد تلك الأصوات والحملات ظهر هذا من خلال العمل الدرامي الذي قدم في عام 2012 “خطوط حمراء” بطولة الفنان أحمد السقا الذي حرص على تقديم صورة أفضل لضابط الشرطة عن التي قدمت في عام الثورة.

2013: الأخوان يتصدرون المشهد

مع نجاح مرشح الأخوان محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في منتصف عام 2012 ظهر ما سمي ب”الضباط الملتحين” الذين طالبوا بحقهم في اطلاق لحاهم، وظهر معها رفض وزارة الداخلية وجود تلك النماذج. ومع زيادة الفجوة بين أنصار جماعة الأخوان المسلمين وبين المعارضين أستطاعت وزارة الداخلية العودة مرة أخرى للساحة السياسية من خلال مغازلة الشعب المصري عن طريق الأداء الناعم، والرافض لصد التظاهرات الشعبية ضد نظام حكم الأخوان على عكس ما حدث أثناء ثورة يناير.

وهنا كان للدراما دروها في مهاجمة جماعة الإخوان وتاريخها، من خلال مسلسل “الداعية “الذي جسد الفجوة بين أنصار الجماعة والمعارضين،  وتم عرضه في رمضان 2013، لكن أيضا راعت الدراما المصرية تقديم نموذج لرجال الشرطة المنتمين للتيار الديني  وتجسد ذلك من خلال مسلسل “تحت الأرض” الذي قام بطولته الفنان “أمير كرارة” الضابط الذي ينتمي لبعض الجماعات الإرهابية وفي النهاية يقع في يد رجال الأمن.

ومع منتصف العام  وأثناء أحداث 30 يونيو، الحدث الأبرز عقب ثوة يناير، عادت الشرطة لمواقعها بقوة وتصدرت الساحة مرة أخرى بعدما بدا أنه تجديد للثقة في رجال الأمن.

بينما لم تنقطع الأصوات المنادية بضرورة إعادة هيكلة وزارة الداخلية والعدول عن الممارسات التي سبقت ثورة يناير من قبل رجال الشرطة.

إلا أن تلك الممارسات القمعية عادت مع عودة عدد من الأزمات السياسية التي سيطت على الساحة السياسية مع نهاية عام 2013 و منها مجازر فض اعتصام رابعة العدوية، والحرس الجمهوري، وإصدار قانون التظاهر، وملاحقة عدد من السياسيين والصحافة.

2014: عام المنع

عادت الدراما المصرية تحاكي الواقع وترصد أداء بعض من رجال الأمن مرة أخرى وهذا ما تجسد خلال العمل الدرامي “الصياد” بطولة الفنان يوسف الشريف،  حيث قدم العمل عدد من نماذج الشرطة الفاسدة.

لكن على من ناحية أخرى صدر قرار من رئاسة الوزراء بمنع عرض مسلسل  “أهل اسكندرية” تأليف الكاتب بلال فضل وبطولة الفنان عمرو واكد والفنانة بسمة، تدور أحداث المسلسل في الحقبة ما قبل ثورة 25 يناير، وبالتحديد في عام 2010.

حيث يحاول المسلسل رصد ملامح الفساد في الدولة المصرية، بدءاً من وزارة الداخلية وبالتحديد جهاز الشرطة، ومروراً بوزارة الإعلام، حتي رجال الأعمال وغيرهم، فيرصد المسلسل هذه الأحداث من عدة وجهات نظر في إطار اجتماعي محاولاً إيجاد حلول لهذه المشاكل.

لكن الكاتب بلال فضل مؤلف المسلسل حينها أكد على أن منع المسلسل من العرض ليس فقط بسبب ما يحتويه من صورة سيئة لضابط الشرطة وجدت بالواقع لكن بسبب عدد من الفنانيين كان لهم مواقف سياسية موائمة للثورة وضد الطبقة الحاكمة.

من جانبه قال الناقد الفني ” طارق الشناوي ” ان أعوام ما قبل الثورة  اتجهت بعض الأعمال الفنية التلفزيونية والسينمائية لتجسيد نماذج من رجال الأمن مثل فيلمي  “حين ميسرة” و”هي فوضى”  اللذان تسببا في أزمات كثيرة مع وزير الداخلية حينها حبيب العادلي.

ومن ثم حاول بعض كتاب الدراما مغازلة الداخلية بعد الشدة الأمنية الذي تعرضوا لها لذلك قدم مسلسل “حضرة الظابط أخي” في عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في محاولة لإرضاءه” ويتابع الشناوي: “ولا يمكن انكار وجود بعض التدخلات الأمنية التي تفرض على بعض الأعمال الفنية للسيطرة عليها ولعدم خروجها عن السياق المرسوم لها”.

وأضاف الشناوي أنه على سبيل المثال تم تغير اسم فيلم “ضابط وأربع قطط” إلى “أسد وأربع قطط” للفنان هاني رمزي بعدما عرض على أحد الجهات الأمنية قبل عرضه، بالمثل تم منع مسلسل “أهل إسكندرية” من العرض وبالتالي الأعمال الفنية تراجع من الجهات الأمنية قبل العرض.

وأكد الشناوي على أن السيطرة على الأعمال الفنية واختيار ما سيعرض منها ليس هو ما سيغير من الصورة الذهنية المطبوعة لدى المواطن من قبل رجل الشرطة، فهذه الصورة انطبعت من خلال الاحتكاك المباشر الذي يحدث في الواقع والأزمات التي تفتعلها رجال الشرطة بسبب أدائهم القمعي وبالتالي إذا اردنا تغير وجهة نظر الرأي العام في رجل الشرطة علينا أن  نغير الواقع أولا.

2015: عودة “الحالات الفردية”  

مع تصدر الممارسات القمعية لبعض رجال الشرطة للساحة السياسية مرة أخرى والتضيق الأمني الذي ظهر في عدد من القطاعات منها الصحافة والإعلام حرصت الدراما المصرية على تقديم ذلك من خلال مسلسل “بعد البداية” الذي عرض في رمضان 2015 والذي حرص على إظهار بعض التضيقات  والتنكيل التي يعاني منها الجماعة الصحفية من بعض الجهات الأمنية.

2016: عام ضابط الشرطة البطل

على الرغم من تزايد الانتهاكات التي سميت ب”الأعمال الفردية” لرجال الشرطة كانت محاربة الإرهاب هي المبرر، فيما حرصت الأعمال الدرامية هذا العام على تقديم الصورة الأمثل لشخصية رجل الشرطة المكافحة والمضحية لأجل المجتمع ظهر هذا في عدد من المسلسلات منها “القيصر” بطولة الفنان يوسف الشريف يقدم الصراع بين الجماعات التكفيرية بين رجال الدخلية التي تطاردها وتتعرض لعدد من المخاطروغيرها من الأعمال الدرامية.

لكن هذا لم يغير من صورة رجل الأمن لدى المواطن هذا ما أكدته الكاتبة والناقدة الفنية “ماجدة خير الله”  التي قالت أن الدراما المصرية تستقي نماذجها من الواقع، فكما تم تقديم نماذج رجال الشرطة السيئة تم تقديم نماذج معتدلة لرجال الشرطة. لكن هناك صورة ذهنية راسخة مطبوعة لدى المواطن بسبب أداء وطريقة تعامل رجال الشرطة مع المواطنيين من قبل الثورة والمستمرة حتى الأن من بعض النماذج.