تقف نادية الشتوي وسط قاعة رياضية بمحافظة قبلي رافعة يدها المغطاة بقفاز استعدادا لبداية تمارينها في لعبة “كيك بوكسينغ” التي بقيت حتى زمن طويل حكرا على الرجال في مدينتها الواقعة في الجنوب التونسي.

وأصبحت نادية أول مدربة “كيك بوكسينغ” في تونس حيث تدرب يوميا عشرات الشبان الذين اختاروا أن تكون أستاذتهم رغم أن إقناعهم في بداية الأمر بتعلم هذا النوع من الرياضة تحت إشراف امرأة كان مستحيلا.

تقف نادية الشتوي وسط قاعة رياضية بمحافظة قبلي رافعة يدها المغطاة بقفاز استعدادا لبداية تمارينها في لعبة “كيك بوكسينغ” التي بقيت حتى زمن طويل حكرا على الرجال في مدينتها الواقعة في الجنوب التونسي.

وأصبحت نادية أول مدربة “كيك بوكسينغ” في تونس حيث تدرب يوميا عشرات الشبان الذين اختاروا أن تكون أستاذتهم رغم أن إقناعهم في بداية الأمر بتعلم هذا النوع من الرياضة تحت إشراف امرأة كان مستحيلا.

ورغم أن عمرها لا يتجاوز 23 عاما نجحت هذه الشابة في فرض شخصيتها حيث كونت فريقا متألقا نجح على المستوى الوطني خلال ستة مناسبات في كسب بطولات وكؤوس في منافسات رياضة “كيك بوكسينغ”.

حب الاختلاف

تقول لـ”مراسلون” إنها تشعر بفخر كبير لنجاحها في ممارسة رياضة كانت حكرا على الرجال، مشيدة بتشجيعات عائلتها التي سمحت لها بمغادرة الجنوب لدارسة هذا النوع من الرياضة القتالية بالعاصمة تونس.

ورغم أن ذاكرتها ما تزال تحمل في طياتها نظرات استغراب عدد كبير من أهالي مدينتها الذين تساءلوا عن مدى تقارب رقاقتها مع هذه الرياضة العنيفة، تقول نادية مبتسمة “أنا أحب الاختلاف لذلك أشعر بالسعادة”.

ولا يختلف شعورها بالفخر عما تحس به الشابة منى طبال (34 عاما) التي اقتحمت بدورها عالم الملاكمة بمدينة قبلي غير عابئة بنظرات أهالي مدينتها المستغربين لاختيارها لعبة تحتاج إلى عضلات مفتولة.

أصبحت منى بفضل إصرارها على مواصلة طريقها في رياضة الملاكمة مدربة وحكم مباريات وذلك عقب نجاحها خلال مسيرتها بالفوز بلقب أحسن ملاكمة في تونس في وزن 52 كغ واحتلال المرتبة الخامسة عالميا.

وقد ساعدت نشأة منى طبال في عائلة رياضية من تجاوزات بعض العقبات الاجتماعية التي تواجه النساء أحيانا في مدينتها محافظة فقد كان والدها لاعب سابق لكرة القدم قبل أن تتزوج لاحقا من مدرب رياضي.

ورغم إنجابها لطفلين وتضاعف أعباء مشاغلها العائلية تواصل هذه الشابة بثبات مسيرتها في رياضة الملاكمة خاصة وأنها اكتسبت الثقة في نفسها وتجاوزت جميع النظرات المستغربة التي طالما كانت تخشاها سابقا.

مهن شاقة

بعيدا عن جدران القاعات الرياضية تقود نهى حمادي (33 سنة) سيارة رباعية الدفع محملة بمواد البناء لعبور جزء من صحراء محافظة قبلي يطغى عليه سكون مخيف تحت أشعة شمس تصل حرارتها 50 درجة.

لا تمنعها تحركات الجنين وسط أحشائها من ترأس حظيرة بناء تابعة لشركة مقاولات الجبس التي تملكها فهي تحرص على تسليم الأشغال لحرفائها في الآجال المحددة حتى تفوز بثقتهم وتعزز صورتها في هذه الأعمال.

رغم أن مثابرتها في العمل جعلتها تكسب ود الكثير من الزبائن فإنها لا تخفي تذمرها من نظرة بعض الرجال لها. تقول “عملي لا يروق للكثير من الرجال فهم يعتبرون أن المرأة ضعيفة ولا تقدر أن تعمل في المقاولات”.

لكن الأهم بالنسبة إليها هو تقبل زوجها لهذه المهنة برحابة صدر ما جعلها تتشجع لبعث مشروع تجاري بات يحظى بثقة الزبائن والمؤسسات الحكومية والخاصة ونجح في خلق مواطن شغل لفائدة العاطلين عن العمل.

سائقة الحافلات

من جهتها تحدثت زهرة عباس مصممة أزياء تعمل سائقة حافلات بمحافظة قبلي نظرا لانعدام فرص العمل في مجالها، عن وجود نظرات استغراب لدى عدد كبير من الرجال من امتهان بعض النسوة “مهن ذكورية”.

لا تنكر زهرة أن أغلب أهالي مدينتها لم يتقبلوا في البداية فكرة الركوب في حافلة تقودها امرأة فقد كانت ترى نظارات الاستغراب والاندهاش من قبل عدد منهم مقابل عبارات الاحترام والتقدير من قبل عدد آخر.

ويعتبر الكثير من سكان قبلي أن العمل في مجال إنتاج الصخور مجال لا يتناسب مع طبيعة المرأة وتكوينها الفيزيولوجي وهو ما تؤكده بشرى عبيد (34 سنة) التي تعمل رئيسة إنتاج الحجارة في مصنع إيطالي بمدينتها.

وتفيد بأنها تعرضت أكثر من مرة لمضايقات من قبل زملائها الذكور الذين لم يتقبلوا العمل تحت رئاسة امرأة من مدينتهم. وتقول مستغربة “المحيطون بي لم يهضموا كذلك تسلقي الجبال والانغماس في قص الحجارة”.

وتتساءل بشرى “ماذا يردونني أن أفعل لجني المال؟” يجب عليّ أن أواصل ممارسة عملي الشاق لمجابهة مصاريف الحياة خاصة أن زوجي عامل يومي وما يحصل عليه من مبالغ لا تكفي للعيش الكريم”.

وترى الباحثة الاجتماعية وهيبة بن منصور أن نسبة الوعي تطورت في قبلي مما جعل العائلات أكثر تفتحا ووعيا بحقوق المرأة وبالتالي أصبحت الأرضية التي تعيشها المرأة في قبلي مشجعة على خروجها للعمل.

وتقول لمراسلون “بالرغم من أن المجتمع في الجنوب التونسي هو مجتمع محافظ فإن طبيعة العادات والتقاليد في قبلي تحترم المرأة وتعطيها أهمية كبيرة وهو ما يعطي جرأة للمرأة في اختيار العمل مهما كان صعبا”.